284
ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح (3) ، وقال لإبنه الحسن (عليه السلام) :
يابُنيّ (4) أمَرَني رسولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنْ أُوصيَ إليكَ وأنْ أدفعَ إليكَ كُتُبي وسلاحي (5) كما أوصى إليَّ رسولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
(3) قال العلاّمة المجلسي : والمراد بالكتاب الجنس أي جميع ما في الجفر الأبيض من الكتب ، وكذا المراد بالسلاح جميع ما في الجفر الأحمر من الأسلحة
(1).
وقد بيّن ما عندهم من الكتب ، فجاء في حديث الإمام الصادق (عليه السلام) : « ... وأمّا الجفر الأحمر فوعاء فيه سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولن يخرج حتّى يقوم قائمنا أهل البيت ..
وأمّا الجفر الأبيض فوعاء فيه توراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داود وكتب الله الاُولى ... »
(2).
(4) في كتاب سليم : ثمّ قال : يابني .
(5) وهي ظاهراً مواريث الأنبياء وكتبهم السماوية التي وصلت إليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وسلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : السيف والدرع والمغفر التي هي من مختّصات الأئمّة وتدور حيث دارت الإمامة ، مع سيفه المخذِم ، وسيف أمير المؤمنين ذي الفقار الذي هبط به جبرائيل (عليه السلام) من الجنّة يوم أُحد ، وراية رسول الله العقاب ، ورايته المغلِّبة التي لا تنشر إلاّ ويكون معها النصر والغلبة . بالإضافة إلى الكتب الاُخرى مثل كتاب مصحف فاطمة (عليها السلام) الذي فيه ما يكون من حادث وأسماء من يملك إلى أن تقوم الساعة ، والجامعة التي هي كتاب طوله سبعون ذراعاً فيها من =
1 ـ مرآة العقول : ج3 ، ص291 .
2 ـ بحار الأنوار : ج26 ، ص18 ، ب1 ، ح1 .
285
ودَفعَ إليَّ كتبَهُ وسلاحَهُ وأمَرني أن آمَركَ إذا حَضَركَ الموتُ أن تدفَعها إلى أخيك الحُسين (عليه السلام) ، ثمّ أقْبَلَ على إبنه الحسين (عليه السلام) فقال : وأمَركَ رسولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنْ تدفَعها إلى إبنِك علي بِن الحسين (6) هذا ، ثمّ أخذ بيدِ عليِّ بن الحسين (عليه السلام) ثمّ قال لعلي بن الحسين : وأمركَ رسولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدفَعَها إلى إبنِك محمّد ابن علي واقرأْهُ من رسولِ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنّي السلام (7) .
= إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من فلق فمه وخطّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) بيده فيه جميع ما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة حتّى أنّ فيه أرش الخدش والجَلدة ونصف الجَلدة كما في الحديث الصادقي
(1)، وقد جمعنا ذكر مواريث الأنبياء الواصلة إلى سادتنا الأئمّة النجباء في كتابنا شرح زيارة الجامعة الشريفة .
(6) هكذا في الفقيه ، وفي الكافي : وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدفعه إلى إبنك هذا ثمّ أخذ بيد علي بن الحسين (عليه السلام) ، وفي كتاب سليم إضافة : « وأخذ بيد ابن إبنه علي ابن الحسين (عليه السلام) وهو صغير فضمّه إليه » .
(7) وجاء بعد هذا تمام الحديث في كتاب سليم وبيّن نصّ وصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام)لإبنه بعد وصيّة الرسول له بقوله : ثمّ أقبل على إبنه الحسن (عليه السلام) فقال : يابني أنت ولي الأمر ، وولي الدم بعدي ، فإنْ عفوت فلك ، وإنْ قتلت فضربة مكان ضربة ولا تمثّل، ثمّ قال اكتب :
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب ، أوصى أنّه يشهد =
1 ـ بحار الأنوار : ج26 ، ص18 ، ب1 ، ح1 ، و ص155 ، ب10 ، الأحاديث ، وص201 ، ب16 ، الأحاديث .
286
0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0
= أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليُظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون .
ثمّ إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين ، لا شريك له وبذلك اُمرتُ وأنا من المسلمين .
ثمّ إنّي اُوصيك ياحسن وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى الله ربّكم ، فلا تموتنّ إلاّ وأنت مسلمون . وإعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا . فإنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : « صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصوم ، وإنّ البِغضة حالقة الدين وفساد ذات البين » ، ولا قوّة إلاّ بالله .
اُنظروا ذوي أرحامكم فصِلوهم يُهوّن الله عليكم الحساب .
والله الله في الأيتام فلا تغيّروا
(1) أفواههم ، ولا تضيّعوا من بحضرتكم ، فقد سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : « من عالَ يتيماً حتّى يستغني أوجب الله له بذلك الجنّة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار » .
والله الله في القرآن ، لا يسبقكم إلى العمل به غيركم .
والله الله في جيرانكم ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى بهم .
والله الله في بيت ربّكم ، فلا يخلونّ منكم ما بقيتم ، فإنّه إن يُترك لم تناظروا . وإنّ أدنى ما يرجع به من اَمّه أن يُغفر له ما قد سلف .
والله الله في الصلاة ، فإنّها خير العمل ، وإنّها عمود دينكم .
والله الله في الزكاة ، فإنّها تُطفىء غضب ربّكم .
والله الله في شهر رمضان ، فإنّ صيامه جُنّة من النار.
والله الله في الفقراء والمساكين ، فشارِكوهم في معيشتكم . =
1 ـ في البحار (فلاتغبّوا) أي لاتجيعوهم بأن تطعموهم يوماً وتتركوهم يوماً. البحارج42ص257.
287
0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0
= والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ، فإنّما يجاهد في سبيل الله رجلان : إمام هدىً ، ومطيع له مقتد بهداه .
والله الله في ذرّية نبيّكم ، فلا يُظلمنَّ بين أظهركم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم .
والله الله في أصحاب نبيّكم الذين لم يُحدثوا حَدَثاً ولم يؤوا محدثاً ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى بهم ولعن الُمحدث منهم ومن غَيرهم والمؤوي للمُحدث .
والله الله في النساء وما ملكت أيمانكم ، لا تخافنّ في الله لومة لائم فيكفيكهم الله وقولوا للناس حسناً كما أمركم الله .
ولا تتركنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولّي الله الأمر أشراركم وتدعون فلا يستجاب لكم .
عليكم يابنيَّ بالتواصل والتباذل والتبارّ ، وإيّاكم والنفاق والتقاطع والتدابر والتفرّق ، وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتّقوا الله إنّ الله شديد العقاب .
حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيّكم . أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام .
ثمّ لم يزل يقول «لا إله إلاّ الله » حتّى قُبض (عليه السلام) في أوّل ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان ليلة إحدى وعشرين ، ليلة الجمعة ، سنة أربعين من الهجرة .
288
15
ومن الوصايا النبوية الشريفة المستفادة من وصيّة أمير المؤمنين لولده الإمام الحسن (عليهما السلام) ما رواه الشيخ السديد المفيد في أماليه (1) عن عمر بن محمّد بن علي الصيرفي ، عن محمّد بن همام الإسكافي ، عن جعفر بن محمّد بن مالك ، عن أحمد بن سلامة الغنوي ، عن محمّد بن الحسين العامري ، عن أبي معمّر ، عن أبي بكر بن عيّاش ، عن الفجيع العقيلي ، عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ، عن أبيه أنّه قال له فيما أوصاه لمّا حضرته الوفاة : ...
ثمّ إنّي اُوصيكَ ياحسن ـ وكفى بكَ وصيّاً ـ بما أوصاني به رسولُ اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)، فإذا كانَ ذلك يابُنيّ فالزَم بيتَك ، وابْكِ على خطيئتِك،
(1) لا يخفى أنّ هذه الوصيّة غير الوصيّة المفصّلة المعروفة التي كتبها أمير المؤمنين لولده الإمام الحسن (عليه السلام) عند مراجعته من صفّين والتي أوّلها : « من الوالد الفان ، المقرّ للزمان ... » التي وردت في النهج ، وقال عنها السيّد ابن طاووس ، أنّه لو كان من الحكمة ما يجب أن يكتب بالذهب لكانت هذه .
والحقّ أنّ جميع كلامه وخطبه وكلماته يحقّ أن تكتب بالتّبر ، وتكون قدوة في كلّ عصر ، ومنها هذه الوصيّة الآتية التي أوصى بها رسول الله عليّاً ، وأوصى به الإمام علي ولده الإمام الحسن (عليهما السلام) ، وهما أبوا هذه الاُمّة ، وقد أوصيا كلّ الخير لهذه الاُمّة على لسان الوصيّة للإمام أمير المؤمنين أو الإمام الحسن سلام الله عليهما .
289
ولا تكُن الدنيا أكبرَ همّك ، وأُوصيك يابنيّ بالصلاةِ عند وقتِها والزكاةَ في أهلِها عندَ محلّها (2) ، والصمتَ عند الشُبهة (3) ، والإقتصادَ (4) في العمل ، والعدلَ في الرضا والغَضَب ، وحُسنَ الجوار ، وإكرامَ الضَيف ، ورحمةَ المجهود (5) وأصحابِ البلاء ، وصلَة الرّحِم ، وحبَّ المساكين ومجالستَهم ، والتواضعَ فإنّه من أفضلِ العبادة ، وقصَر الأمل ، وذكرَ الموت ، والزُهدَ في الدنيا (6) فإنّك رهنُ الموت (7) ، وغرضُ بلاء ، وطريحُ سُقم (8) .
واُوصيك بخشيةِ اللّهِ في سرِّ أمركَ وعلانيتِه (9) ،
(2) أي عندما يحلّ وقت وجوب الزكاة فيدفعها إلى أهلها المعيّن لها .
(3) فإنّ الصمت أسلم عند الشبهات ، ودليل على الخيرات .
(4) من القصد بمعنى الإعتدال والقصد في الاُمور هو السير الوسط بين الإفراط والتفريط .
(5) المجهود هو منْ أصابته المشقّة وجهد البلاء ، وجهد البلاء هي الحالة التي يختار الإنسان عليها الموت ، وقيل هي قلّة المال وكثرة العيال
(1).
(6) في أمالي الشيخ الطوسي : « واذْكُر الموت ، وازْهَد في الدنيا » .
(7) في بعض النسخ : رهين موت من الرهن بمعنى المرهون .
(8) أي من يطرحه السقم والمرض ، وفي أمالي الطوسي : وصريع سقم وصرعه أي طرحه على الأرض .
(9) في أمالي الشيخ الطوسي : « وعلانيتك » .
1 ـ مجمع البحرين : ص210 .
290
وأنهاكَ عن التَسرّعِ بالقولِ والفعل (10) ، وإذا عَرَض شيءٌ من أمرِ الآخرة فابدأ به (11) ، وإذا عَرَض شيءٌ من أمرِ الدنيا فتأنَّه (12) حتّى تصيب رشدَك فيه ، وإيّاكَ ومواطن التُّهمة (13) والمجلس المظنون بهِ السُوء ، فإنّ قرينَ السوءُ يغيُّر جليسه (14) ، وكُن للّه يابُنيّ عاملا ، وعن الخَنا (15) زَجوراً ، وبالمعروفِ آمراً ، وعن المنكرِ ناهياً ، وواخِ الاُخوانَ في اللّه ، وأحبَّ الصالحَ لصلاحِه ، ودارِ (16) الفاسقَ عن دينك ، وابغَضْهُ بقلبِك ، وزايلْه بأعمالِك ، لئلاّ تكونَ مثلَه .
(10) أي أنهاك عن الإسراع والمبادرة إليهما بدون تأمّل وتدبّر ، فإنّه يورث الندامة .
(11) فإنّ أمر الآخرة الدائمة مقدَّمٌ على أمر الدنيا الزائلة .
(12) من التأنّي بمعنى الترفّق والتنظّر وعدم العجلة في الأمر ، وفي بعض النسخ المطبوعة فتأنَّ .
(13) أي المواضع التي يتَّهم الإنسان بالسوء إذا حضرها ، وإنْ لم يأت بسيّئة فيها لسوء سمعة تلك المواضع .
(14) وهذه من الحِكَم المجرّبة فإنّ صاحب الشرّ يُعدي ، وقرين السوء يغوي ، والمعاشرة مؤثّرة ، مع أنّ المرء يعرف بقرينه ، فينبغي إجتناب قرين السوء ، وإنتخاب القرين الصالح .
لذلك جاء في وصيّته (عليه السلام) الاُخرى : « قارن أهل الخير تكن منهم ، وباين أهل الشرّ تَبين عنهم »
(1) .
(15) الخَنا مقصوراً هو الفحش من القول .
(16) من الدّرء بمعنى الدفع ، أي ادفعه عن دينك ، لا بمعنى المداراة ظاهراً .
1 ـ بحار الانوار: ج74 ، ص188 ، ب13 ، ح16 .
291
وإيّاكَ والجلوس في الطُرُقات ، ودع المُماراةَ (17) ومجاراةَ من لا عقل له ولا علم (18) . واقتصِد يابني في معيشتِك ، واقتصدْ في عبادِتك (19)، وعليك فيها بالأمرِ الدائمِ الذي تطيقه . والزَم الصّمتَ تَسْلم وقَدِّم لنفسِكَ تَغْنم ، وتَعلَّم الخيَر تَعْلَم ، وكنْ للّهِ ذاكراً على كلِّ حال ، وارحمْ من أهلِك الصَّغير ، ووقِّر منهُم الكبير ، ولا تأكلَنَّ طعاماً حتّى تصدَّق منه قبلَ أكله (20) .
(17) المماراة هي المجادلة ، وقد أُمرنا بترك المجادلة فيما فيه مريةٌ وشكّ لأنّها تؤول إلى العداوة والبغضاء .
(18) المجارات هي المجرى في المناظرة والجدال ومجارات من لا عقل له ولا علم أي الخوض معه في الكلام شيءٌ عبث فيُترك ، نعم يحسن تعليم الجاهل لا مناظرته والجدال معه .
(19) مرّ أنّ القَصْد بمعنى الإعتدال ، وحكمة الإعتدال هنا هو أنّه يطيقه الإنسان ويدوم عليه ولا يوجب له العسر والحرج . لذلك قال (عليه السلام) : وعليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه .
(20) فإنّه يُستحبّ التصدّق ممّا يؤكل ، وفي حديث معمّر بن خلاّد الوارد في البحار : كان أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إذا أكل أُتي بصحفة فتوضع قرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به ، فيأخذ من كلّ شيء شيئاً فيوضع في تلك الصحفة ثمّ يأمر بها للمساكين . ثمّ يتلو هذه الآية
( فلا اقتَحَمَ العَقَبةَ )(1) ثمّ يقول : علم الله عزّوجلّ أنْ ليس كلّ إنسان يقدر على عتق رقبة ، فجعل لهم السبيل إلى الجنّة
(2). =
1 ـ سورة البلد
2 ـ بحار الأنوار : ج66 ، ص348 ، ب8 ، ح3 .
292
وعليك بالصَّومِ فإنّه زكاةُ البَدَن وجُنّةٌ لأهلِه ، وجاهِدْ نفسَك ، واحذرْ جليسَك ، واجتنبْ عدوَّك ، وعليكَ بمجالِس الذِّكْر ، وأكْثِر من الدُعاء فإنّي لم آلِكَ يابُنيّ نُصحاً (21) ، وهذا فراقُ بيني وبينَك .
واُوصيك بأخيك محمد خيراً فإنّه شقيقُك وابنُ أبيك ، وقد تَعْلمُ حبّي له .
وأمّا أخوك الحسينُ فهو ابن اُمِّك ، ولا أزيد الوصاةَ بذلك ، واللّهُ الخليفةُ عليكم ، وإيّاه أسألُ أنْ يصلحَكُم ، وأن يكُفَّ الطغاةَ البغاةَ عنكم ، والصّبر الصّبر حتّى يتولّى (22) اللّهُ الأمر ، ولا قوّةَ إلاّ باللّهِ العليّ العظيم (23) .
= ثمّ بيّن العلاّمة المجلسي (قدس سره) جعل السبيل إلى الجنّة أنّ الله تعالى خيّرهم بين العتق والإطعام بقوله :
( فَكُّ رقَبة أو إطعامٌ )(1) الآية .
(21) ألّى تأليةً : قصّر وابطأ ، ولم يألُ جهداً أي لم يقصّر في جهده ولم يألُ في النصيحة أي لم يقصّر فيها .
(22) في البحار : حتّى ينزل الله الأمر .
(23) أمالي الشيخ المفيد : ص220 ، المجلس السادس والعشرون ، ح1 . ورواه الشيخ الطوسي في أماليه : ص7 ، المجلس الأوّل ، ح8 . ونقله عنهما في البحار : ج42، ص202 ، ب127 ، ح7 . وفي مستدرك الوسائل : ج11 ، ص383 ، ب51 ، ح2 ، المسلسل 13319 .
1 ـ سورة البلد: الآية 14 .
293
16
الكافي (1) : ] عدّة من أصحابنا [ ، عن سهل بن زياد ، عن عبدالرحمن بن سالم ، عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) هل للمسلمينَ عيدٌ غير يومِ الجمعة والأضحى والفِطر ؟ قال :
نعم أعظمُها حرمةً . قلتُ : وأيّ عيد هو جُعِلْتُ فداك ؟ قال : اليوم الذي نَصَبَ فيه رسولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أميرَ المؤمنين (عليه السلام) وقال : مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه (2) ، قلتُ : وأيُّ يوم هو (3) ؟
(1) ورد هذا الحديث الشريف المشتمل على الإيصاء المبارك من الرسول للأمير عليهما وآلهما السلام في الكافي
(1)، وعنه في البحار
(2)، والوسائل
(3)، وورد بمضمونه أحاديث كثيرة اُخرى تؤيّد صحّته .
(2) يمكنك ملاحظاً تفصيل بيان هذا الحديث الشريف المتواتر بين الفريقين المجمع عليه عند الطرفين في مبحث الإمامة من كتابنا العقائد الحقّة .
(3) لعلّ السؤال عن أنّه أي يوم من أيّام الاسبوع التي هي تختلف بدوران =
1 ـ فروع الكافي : ج4 ، ص149 ، باب صيام الرغيب ، ح3 .
2 ـ بحار الأنوار : ج37 ، ص172 ، ب52 ، ح54 .
3 ـ وسائل الشيعة ، ج7 ، ص323 ، ب14 ، ح1 .
294
قال : وما تصنعُ باليوم إنّ السنةَ تدور ، ولكنّه يومُ ثمانيةِ عَشَر من ذي الحجّة !؟
فقلت : وما ينبغي لنا أن نفعلَ في ذلكَ اليوم ؟
قال : تذكرونَ اللّهَ ( عزَّ ذكره ) فيه بالصيامِ والعبادةِ والذِّكر لمحمّد وآلِ محمّد فإنّ رسولَ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى أميرَ المؤمنين (عليه السلام) أن يتّخذَ ذلك اليوم عيداً (4) وكذلك كانت الأنبياءُ (عليهما السلام) تفعل كانوا يوصُون أوصيائَهم بذلك فيتّخذونَه عيداً .
= السنين .
(4) هذا مورد الوصيّة وهذا اليوم هو اليوم الذي يقضي الدليل بكونه عيداً ، وذلك :
أوّلا : أشاد به الله تعالى في كتابه الكريم :
( اليَوْمَ أكمَلْتُ لكُم دينَكُم وأتمَمْتُ عليكُم نِعمَتي ورَضِيْتُ لكُمُ الإسْلامَ ديناً )(1).
ثانياً : جاء في السنّة الشريفة حيث اتّخذه عيداً رسوله العظيم الذي لا ينطق عن الهوى إنْ هو إلاّ وحيٌ يوحى ، ففي حديث عبدالله بن الفضل الهاشمي عن الإمام الصادق عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :
« يوم غدير خم أفضل أعياد اُمّتي وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب عَلَماً لاُمّتي ، يهتدون به من بعدي ، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين ، وأتمّ على اُمّتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام ديناً » . =
1 ـ سورة المائدة : الآية 3 .
295
0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0
= كما في أمالي الصدوق
(1)، وبشارة المصطفى
(2)، وروضة الواعظين
(3)، والإقبال
(4)، وإثبات الهداة
(5).
بل أمر صلوات الله عليه وآله أن يهنّئوه ويهنّئوا علي بن أبي طالب (عليه السلام) بهذه المناسبة السعيدة كما في حديث التهنئة الذي رواه من العامّة فقط ستّون عالماً في ستّين كتاباً أحصاها العلاّمة الأميني (قدس سره)
(6).
ولم نجد في تاريخ رسول الله وأفراحه أن يقول يوماً هنّئوني إلاّ في هذا اليوم . ممّا يكشف إنبثاق التعيّد في هذا اليوم من مصدر النبوّة ، وإنطلاق عيد الغدير من وحي الرسالة .
وثالثاً: جاء في بيان العترة الطاهرة فقد طبّق أمر النبي وأجرى سنّة الرسول أوصياؤه وأُمناء وحيه ، أهل البيت وأئمّة العترة سلام الله عليهم أجمعين فسمّوا هذا اليوم عيداً ، وبيّنوا فضله ، وذكروا شأنه ، وأشادوا بعظمته .
فأمير المؤمنين (عليه السلام) اقتفى أثر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) واتّخذه عيداً وخطب فيه سنة اتّفق فيها الغدير والجمعة وقال في خطبته التي رواها شيخ الطائفة بسنده عن الإمام الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : =
1 ـ أمالي الصدوق : ص111 .
2 ـ بشارة المصطفى : ص23 .
3 ـ روضة الواعظين : ص124 .
4 ـ الإقبال : ص466 .
5 ـ إثبات الهداة : ج2 ، ص423 .
6 ـ الغدير : ج1 ، ص270 ـ 283 .