الصفحة الرئيسية  المكتبة  وصايا الرسول لزوج البتول  الجزء الرابع والعشرون
قبل

296

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



    = « إنّ الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلاّ بصاحبه ، ليكمل عندكم جميل صنيعته ، ويقفكم على طريق رشده ، ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته ، ويشملكم منهاج قصده ، ويوفّر عليكم هنىء رفده ، فجعل الجمعة مجمعاً ندب إليه لتطهير ما كان قبله ، وغسل ما كان أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله ، وذكرى للمؤمنين ، وتبيان خشية المتّقين ، ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيّام قبله ، وجعله لا يتمّ إلاّ بالإيتمار لما أمر به والإنتهاء عمّا نهى عنه ، والبخوع بطاعته فيما حثّ عليه وندب إليه فلا يقبل توحيده إلاّ بالإعتراف لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بنبوّته ، ولا يقبل ديناً إلاّ بولاية من أمر بولايته ولا تنظيم أسباب طاعته إلاّ بالتمسّك بعصمه وعصم أهل ولايته فأنزل على نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الدّوح(1) ما بيّن به عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق فتأمّلوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه وحثّكم عليه ، واقصدوا شرعه(2) واسلكوا نهجه ، ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله .
    إنّ هذا يوم عظيم الشأن ، فيه وقع الفرج ، ورفعت الدرج ، ووضحت الحجج ، وهو يوم الإيضاح والإفصاح عن المقام الصراح(3)، ويوم كمال الدين ، ويوم العهد المعهود ، ويوم الشاهد والمشهود ، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود ، ويوم =



1 ـ الدُّوح : جمع دوحة وهي الشجرة العظيمة ، إشارة إلى دوحات غدير خمّ .
2 ـ القصد : إتيان الشيء ، يقال : قصدته وقصدت له وقصدت إليه : طلبته بعينه كما في مجمع البحرين : ص223 .
3 ـ الصُراح هو الخالص من كلّ شيء وجميع التعلّقات .



297

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= البيان عن حقائق الإيمان ، ويوم دحر الشيطان ، ويوم البرهان هذا يوم الفصل الذي كنتم توعدون ، هذا يوم الملأ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون . هذا يوم الإرشاد ويوم محنة العباد ويوم الدليل على الروّاد ، هذا يوم أبدى خفايا الصدور ومضمرات الاُمور ، هذا يوم النصوص على أهل الخصوص ... عودوا رحمكم الله بعد إنقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم ، والبرّ بإخوانكم ، والشكر لله عزّوجلّ على ما منحكم ، واجمعوا يجمع الله شملكم ، وتبارّوا يصل الله اُلفتكم ، وتهادوا نعم الله كما منّاكم بالثواب فيه على أضعاف الأعياد قبله وبعده إلاّ في مثله ، والبرّ فيه يثمر المال ويزيد في العمر ، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه ، وهيّؤا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من جودكم وبما تناله القدرة من استطاعتكم ، وأظهروا البُشر فيما بينكم ، والسرور في ملاقاتكم ، والحمد لله على ما منحكم ، وعودوا بالمزيد من الخير على أهل التأميل لكم(1)، وساووا بكم ضعفاءكم في مآكلكم وما تناله القدرة من استطاعتكم وعلى حسب إمكانكم فالدرهم فيه بمائة الف درهم والمزيد من الله عزّوجلّ »(2).
    ومن بعد أمير المؤمنين (عليه السلام) أئمّة العترة الطاهرة من ولده (عليهم السلام) خلّدوا ذكر الغدير واتّخذوه عيداً وأبانوا فضله وفضيلته .
    ففي الكافي عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن ابن راشد ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت: جعلت فداك للمسلمين عيدٌ غير =



1 ـ أي الذين يأملون فيكم الخير .
2 ـ مصباح المتهجّد : ص755 .



298

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= العيدين ؟
    قال : نعم ياحسن أعظمهما وأشرفهما .
    قلت : وأي يوم هو ؟ قال : هو يوم نصب أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فيه عَلَماً للناس .
    قلت : جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه ؟
    قال : تصومه ياحسن ، وتُكثر الصلاة على محمّد وآله ، وتبرَّء إلى الله ممّن ظلمهم، فإنّ الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصيّ أن يتّخذ عيداً .
    قال : قلت : فما لمن صامه ؟
    قال : صيام ستّين شهراً ، ولا تدع صيام يوم سبع وعشرين من رجب فإنّه هو اليوم الذي نزلت فيه النبوّة على محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وثوابه مثل ستّين شهراً لكم »(1).
    وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي ، قال : حدّثني جعفر بن محمّد الأزدي قال: حدّثنا محمّد ـ يعني محمّد بن الحسين الصائغ ـ قال : حدّثنا الحسن بن علي الصيرفي عن محمّد البزّاز عن فرات بن أحنف :
    « عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت : جعلت فداك ! للمسلمين عيدٌ أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة ؟ قال : فقال لي : نعم أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة ، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأنزل على نبيّه ( اليَومَ أكمَلتُ لكُم دينَكُم وأتمَمتُ عليكُم نعمَتي ورَضيتُ لكُمُ الإسلامَ ديناً )(2) قال : قلت : =



1 ـ فروع الكافي : ج4 ، ص148 ، باب صيام الترغيب ، ح1 .
2 ـ سورة المائدة : الآية 3 .



299

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= وأي يوم هو ؟ قال : فقال لي : إنّ أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصيّة والإمامة للوصي من بعده ففعل ذلك جعلوا ذلك اليوم عيداً ، وإنّه اليوم الذي نصب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً للناس عَلَماً وأنزل فيه ما أنزل ، وكمل فيه الدين وتمّت فيه النعمة على المؤمنين . قال : قلت : وأي يوم هو في السنة ؟ قال : فقال لي : إنّ الأيّام تتقدّم وتتأخّر فربّما كان يوم السبت والأحد والإثنين إلى آخر الأيّام السبعة . قال : قلت : فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم ؟ قال : هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله تعالى ، وحمد له وسرور لما مَنَّ الله به عليكم من ولايتنا وإنّي أحبّ لكم أن تصوموه »(1).
    وفي الوسائل بإسناد شيخ الطائفة عن الحسين بن الحسن الحسيني ، عن محمّد بن موسى الهمداني ، عن علي بن حسّان الواسطي ، عن علي بن الحسين العبديّ قال : سمعت أبا عبدالله الصادق (عليه السلام) يقول : « صيام يوم غدير خمّ يعدل صيام عمر الدنيا ، لو عاش إنسان ثمّ صام ما عمّرت الدنيا لكان له ثواب ذلك ، وصيامه يعدل عند الله عزّوجلّ في كلّ عام مائة حجّة ومائة عمرة مبرورات متقبّلات ، وهو عيد الله الأكبر »(2) الحديث .
    وفي العوالم بالإسناد إلى المفضّل بن عمر قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السلام) :
    «إذا كان يوم القيامة زُفّت أربعة أيّام إلى الله عزّوجلّ كما تزفّ العروس إلى خدرها : يوم الفطر ، ويوم الأضحى ، ويوم الجمعة ، ويوم الغدير . =



1 ـ تفسير فرات الكوفي : ص117 ، ح123 .
2 ـ وسائل الشيعة : ج7 ، ص324 ، ب14 ، ح4 .



300

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= ويوم غدير خمّ بين الفطر والأضحى كالقمر بين الكواكب ، وإنّ الله تعالى ليوكّل بغدير خمّ ملائكته المقرّبين وسيّدهم يومئذ جبرئيل (عليه السلام) ، وأنبياءه المرسلين وسيّدهم يومئذ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأوصياء الله المنتجبين وسيّدهم يومئذ أمير المؤمنين (عليه السلام)وأولياء الله وساداتهم يومئذ سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار ، حتّى يورده الجنان كما يورد الراعي بغنمه الماء والكلأ .
    قال المفضّل : سيّدي تأمرني بصيامه ؟ قال لي : إي والله ، إي والله ،.. وإنّه اليوم الذي أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) للناس عَلَماً وأبان فيه فضله ، فصام شكراً لله تعالى ذلك اليوم .
    وإنّه ليوم صيام وقيام وإطعام وصلة الإخوان ، وفيه مرضاة الرحمن ومرغمة الشيطان »(1).
    وفي المصباح عن داود الرقي ، عن أبي هارون عمّارة بن جوين العبدي قال : دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) في يوم الثامن عشر من ذي الحجّة فوجدته صائماً ، فقال لي :
    « هذا يوم عظيم ، عظّم الله حرمته على المؤمنين وأكمل لهم فيه الدين وتمّم عليهم النعمة وجدّد لهم ما أخذ عليهم من العهد والميثاق ... »(2).
    وفي الإقبال ، الحديث الذي ذكره محمّد بن علي الطرازي في كتابه رويناه بإسنادنا إلى عبدالله بن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن أبي الحسن الليثي ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنّه قال لمن حضره من مواليه =



1 ـ عوالم العلوم : ج15/3 ، ص212 ، ح296 .
2 ـ مصباح المتهجّد : ص680 .



301

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= وشيعته :
    « أتعرفون يوماً شيّد الله به الإسلام ، وأظهر به منار الدين ، وجعله عيداً لنا ولموالينا وشيعتنا ؟
    فقالوا : الله ورسوله وابن رسوله أعلم ، أيوم الفطر هو سيّدنا ؟
    قال : لا .
    قالوا : أفيوم الأضحى هو ؟
    قال : لا ، وهذان يومان جليلان شريفان ، ويوم منار الدين أشرف منهما وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ...»(1).
    وفي البحار ، عن العدد القويّة لأخ العلاّمة قدّس الله روحه ، قال مولانا جعفر ابن محمّد الصادق (عليه السلام) : « ... وهو عيد الله جلّ إسمه الأكبر وما بعث الله نبيّاً إلاّ وتعيّد في هذا اليوم ، وعرّفه حرمته ، وإسمه في السماء يوم العيد المعهود وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ ، والجمع المشهود ... »(2).
    وفي المناقب لابن شهر آشوب السروي :
    « عن أمالي أبي عبدالله النيسابوري : وأمالي أبي جعفر الطوسي ، في خبر عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن الرضا (عليه السلام) أنّه قال (عليه السلام) : حدّثني أبي عن أبيه : إنّ يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأرض إنّ لله تعالى في الفردوس قصراً ، لبنة من فضّة ، ولبنة من ذهب ، فيه مائة ألف قبّة حمراء ، ومائة ألف خيمة من ياقوتة خضراء ، ترابه المسك والعنبر ، فيه أربعة أنهار : نهر من خمر ، ونهر من ماء ، ونهر من =



1 ـ إقبال الأعمال : ص444 . عنه العوالم : ج15/3 ، ص214 .
2 ـ بحار الأنوار : ج98 ، ص321 ، ب85 ، ح6 .



302

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= لبن ، ونهر من عسل ، حواليه أشجار جميع الفواكه ، عليها الطيور وأبدانها من لؤلؤ ، وأجنحتها من ياقوت ، تصوّت بألوان الأصوات .
    إذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل السموات يسبّحون الله ويقدّسونه ويهلّلونه .
    فتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء وتتمرّغ(1) على ذلك المسك والعنبر ، فإذا اجتمع الملائكة طارت فتنفض ذلك عليهم .
    وإنّهم في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة (عليها السلام)(2).
    فإذا كان آخر اليوم نودوا : انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم من الخطر والزلل إلى قابل في هذا اليوم ، تكرمة لمحمّد وعلي »(3).
    في الإقبال للسيّد ابن طاووس نقلا عن كتاب النشر والطي في حديث عن =



1 ـ التمرّغ في الشيء هو التقلّب فيه .
2 ـ النثار إسم لما يُنثر . ونثار فاطمة (عليها السلام) هو ما نثر من المجوهرات في السماء عند زواجها المبارك .
ففي حديث موسى بن إبراهيم المروزي عن الإمام الكاظم عن أبيه عن جدّه (عليهم السلام) عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال :
لمّا زوّج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة من علي أتاه أُناس من قريش فقالوا : إنّك زوّجت علياً بمهر خسيس .
فقال ما أنا زوّجت علياً ، ولكنّ الله عزّوجلّ زوّجه ليلة اُسري بي عند سدرة المنتهى ، أوحى الله إلى السدرة أنْ انثري ما عليك ، فنثرت الدرّ والجوهر والمرجان ..
فابتدر (فابتدرت) ... يتهادينه الحور العين فالتقطن ، فهنّ يتهادونه ويتفاخرن ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ... كما في البحار : ج43 ، ص104 .
3 ـ مناقب ابن شهر آشوب : ج3 ، ص42 ـ 43 .



303

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= الإمام الرضا (عليه السلام) في عيد الغدير وذكر الشيخ الطهراني في الذريعة ، أنّه رأى مثل هذا الحديث أيضاً عن الإمام الصادق (عليه السلام) في كتاب العروس .
    وقد جاء في هذا الحديث قوله (عليه السلام) :
    ( ... وهو الذي أكمل الله به الدين في إقامة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً أمير المؤمنين (عليه السلام)عَلَماً ، وأبان فضيلته ووصائته ، فصام ذلك اليوم .
    وإنّه ليوم الكمال ، ويوم مرغمة الشيطان ، ويوم تقبل أعمال الشيعة ، ومحبّي آل محمّد ، وهو اليوم الذي يعمد الله فيه إلى ما عمله المخالفون فيجعله هباءً منثوراً وذلك قوله تعالى : ( فجَعَلناهُ هَباءً مَنثُوراً )(1).
    وهو اليوم الذي يأمر جبرئيل أن يُنصب كرسي كرامة الله بإزاء البيت المعمور ، ويصعده جبرئيل ، وتجتمع إليه الملائكة من جميع السماوات ، ويثنون على محمّد ، وتستغفر لشيعة أمير المؤمنين والأئمّة (عليهم السلام) ، ومحبّيهم من ولد آدم (عليه السلام) .
    وهو اليوم الذي يأمر الله فيه الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن محبّي أهل البيت وشيعتهم ثلاثة أيّام من يوم الغدير ، ولا يكتبون عليهم شيئاً من خطاياهم كرامةً لمحمّد وعلي والأئمّة .
    وهو اليوم الذي جعله الله لمحمّد وآله وذوي رحمته .
    وهو اليوم الذي يزيد الله في مال مَن عَيَّد فيه ، ووسّع على عياله ونفسه وإخوانه ، ويعتقه الله من النار .
    وهو اليوم الذي يجعل الله فيه سعي الشيعة مشكوراً ، وذنبهم مغفوراً ، وعملهم =



1 ـ سورة الفرقان : الآية 23 .


304

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= مقبولا .
    وهو يوم تنفيس الكرب ، ويوم تحطية الوزر ، ويوم الحباء والعطيّة ، ويوم نشر العلم ، ويوم البشارة والعيد الأكبر ، ويوم يُستجاب فيه الدعاء ، ويوم الموقف العظيم ، ويوم لبس الثياب ونزع السواد ، ويوم الشرط المشروط ، ويوم نفي الهموم ، ويوم الصفح عن مذنبي شيعة أمير المؤمنين ..
    وهو يوم السبقة ، ويوم إكثار الصلاة على محمّد وآل محمّد ، ويوم الرضا ، ويوم عيد أهل بيت محمّد ، ويوم قبول الأعمال ويوم طلب الزيادة ، ويوم إستراحة المؤمنين ، ويوم المتاجرة ، ويوم التودّد ، ويوم الوصول إلى رحمة الله ، ويوم التزكية ، ويوم ترك الكبائر والذنوب ، ويوم العبادة ، ويوم تفطير الصائمين ، فمن فطّر فيه صائماً مؤمناً كان كمن أطعم فئاماً وفئاماً إلى أنّ عدّ عشراً .
    ثمّ قال : أو تدري ما الفئام ؟
    قال : لا.
    قال : مائة ألف ] فيكون الحاصل أنّ إطعام صائم واحد يُعدّ بمليون صائم [ .
    وهو يوم التهنئة .. يهنّىء بعضكم بعضاً ، فإذا لقى المؤمن أخاه يقول : ( الحمد لله الذي جَعَلَنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين ) ..
    وهو يوم التبسّم في وجوه الناس من أهل الإيمان ، فمن تبسّم في وجه أخيه يوم الغدير نظر الله إليه يوم القيامة بالرحمة ، وقضى له ألف حاجة ، وبنى له قصراً في الجنّة من درّة بيضاء ، ونضّر وجهه .
    وهو يوم الزينة فمن تزيّن ليوم الغدير غفر الله له كلّ خطيئة عملها ، صغيرةً أو كبيرة ، وبعث الله إليه ملائكةً يكتبون له الحسنات ، ويرفعون له الدرجات إلىر


305

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= قابل في مثل ذلك اليوم فإن مات مات شهيداً ، وإن عاش عاش سعيداً .
    ومن أطعم مؤمناً كان كمن أطعم جميع الأنبياء والصدّيقين .
    ومن زار فيه مؤمناً أدخل الله قبره سبعين نوراً ، ووسّع في قبره ، ويزور قبره كلّ يوم سبعين ألف ملك ، ويبشّرونه بالجنّة .
    في يوم الغدير عَرَض الله الولاية على أهل السماوات السبع فسبق إليها أهل السماء السابعة فزيّنها بالعرش ، ثمّ سبق إليها أهل السماء الرابعة فزيّنها بالبيت المعمور ، ثمّ سبق إليها أهل السماء الدنيا فزيّنها بالكواكب .. ثمّ عرضها على الأرضين فسبقت مكّة فزيّنها بالكعبة ، ثمّ سبقت إليها المدينة فزيّنها بالمصطفى محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثمّ سبقت إليها الكوفة فزيّنها بأمير المؤمنين (عليه السلام) .
    وعرضها على الجبال فأوّل جبل أقرّ بها ثلاثة جبال: العقيق ، وجبل الفيروزج، وجبل الياقوت ، فصارت هذه الجبال جبالهنّ وأفضل الجواهر ، ثمّ سبقت إليها جبال اُخر فصارت معادن الذهب والفضّة ، وما لم يقرّ بذلك ولم يقبل صارت لا تنبت شيئاً .
    وعرضت في ذلك اليوم على المياه فما قبل منها صار عَذْباً ، وما أنكر صار ملحاً اُجاجاً .
    وعرضها في ذلك اليوم على النبات فما قبل صار حُلواً طيّباً ، وما لم يقبل صار مُرّاً .
    ثمّ عرضها في ذلك اليوم على الطير فما قبلها صار فصيحاً مصوّتاً ، وما أنكرها صار أخرس مثل اللكن .
    ومَثَلُ المؤمنين في قبولهم ولاء أمير المؤمنين في يوم غدير خُمّ كمثل الملائكة =


306

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= في سجودهم لآدم .
    ومَثلُ من أبى ولاية أمير المؤمنين في يوم الغدير مثل إبليس .
    وفي هذا اليوم اُنزلت هذه الآية :( اليومَ أكملتُ لكُم دينَكم وأتممتُ عليكُم نعمتي )(1).
    وما بعث الله نبيّاً إلاّ وكان يوم بعثه مثل يوم الغدير عنده ، وعرف حرمته ، إذ نصب لأُمّته وصيّاً وخليفة من بعده في ذلك اليوم )(2).
    هذا شيء من الكلام بالنسبة إلى ثبوت عيد الغدير في الإسلام على لسان النبي والعترة الكرام .
    وحتّى قد ثبت أيضاً عيد الغدير في دور الشعر من أوّل يوم في غديريّة حسّان بن ثابت الشعرية ، إلى آخر القصائد الغديريّة .
    والتاريخ أيضاً حدّث بهذا العيد السعيد وأثبت هذا اليوم الرغيد ، لا للشيعة فحسب بل لجميع فرق المسلمين بل يظهر تسالم المسلمين على تسمية هذا اليوم المبارك عيداً كما حكاه شيخنا العلاّمة الأميني(3)، نقلا عن مثل البيروني في الآثار الباقية(4)، وابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول(5)، وابن خلّكان في وفيات الأعيان عند ترجمة المستعلي بن المستنصر(6)، وعند ترجمة المستنصر =



1 ـ سورة المائدة : الآية 3 .
2 ـ إقبال الأعمال : ص679 . عنه العوالم : ج15 ـ 3 ، ص222 .
3 ـ الغدير : ج1 ، ص267 .
4 ـ الآثار الباقية في القرون الخالية : ص334 .
5 ـ مطالب السؤول : ص53 .
6 ـ وفيّات الأعيان : ج1 ، ص60 .



307

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= العبيدي(1)، والمسعودي في التنبيه والأشراف(2)، والثعالبي في ثمار القلوب(3).



1 ـ وفيّات الأعيان : ج2 ، ص223 .
2 ـ التنبيه والأشراف : ص221 .
3 ـ ثمار القلوب : ص511 .



صلة