الصفحة الرئيسية  المكتبة  وصايا الرسول لزوج البتول  الجزء الخامس والعشرون
قبل

308

   17
    الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن علي الأزرق قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : وصّى رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً (عليه السلام) عندَ موتِه فقال :
    ياعلي : لا يُظلم الفلاّحُونَ (1) بحضرتِك ، ولا يُزداد (2) على أرض وُضعت عليها ، ولا سُخْرَةَ على مسلم (3) يعني الأجير (4) (5) .




    (1) الفلاح بالتشديد وجمعه فلاّحون وفلاّحة هو من يحرث الأرض ويزرعه من الفلاحة ، بمعنى الحراثة والزراعة .
    (2) في التهذيب : ولا تزاد وفي الوسائل : ولا يزاد .
    (3) السخرة والسخرية والتسخير هو تكليف الغير وحمله على إتيان فعل من دون جعل اُجرة له .
    أي لا يكلّف المسلم عملا بغير اُجرة . أمّا مع عدم الإشتراط أوّلا فظاهر ، وأمّا مع إشتراط ذلك العمل بدون أُجرة عند إستيجارهم للزراعة فلعلّه محمول على الكراهة لإستلزامه مذلّتهم(1).
    (4) أي لا يكلّف بالعمل مجّاناً أجير مسلم ، وليست كلمة : «يعني =



1 ـ مرآة العقول : ج19 ، ص379 .


309

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= الأجير » في نسخة التهذيب .
    (5) الكافي : ج5 ، ص284 ، باب سخرة العلوج والنزول عليهم ، كتاب المعيشة ، ح2 . وورد أيضاً في التهذيب : ج7 ، ص154 ، باب 11 ، أحكام الأرضين ، ح29 ، المسلسل 680 ، بسند الشيخ ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير وجاء في الوسائل : ج13 ، ص216 ، ب20 ، ح2 ، من كتاب المزارعة والمساقاة .


310

   18
    الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال : كان فيما أوصى به رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)علياً (عليه السلام) أنّه قال له :
    ياعلي : عليكَ بالدُبّاء (1) فكُلْهُ فإنّه يزيدُ في الدّماغِ والعقل (2) (3) .




    (1) الدُباء بضمّ الدال والألف الممدودة هو القرع واليقطين ، وضُبط بتشديد الباء يعني الدُبّاء(1).
    وقد ورد في فوائدها أحاديث كثيرة منها : كونها تسرّ قلب الحزين ، وتحسّن الوجه ، وتنفع لوجع القولنج كما يستفاد من الأحاديث الشريفة(2).
    (2) وهذا من فوائد الدباء ، وقد ورد في أحاديث متعدّدة .
    قال العلاّمة المجلسي في بيانه : كأنّ زيادة العقل لأنّه مولّد للخلط الصحيح وبه تقوى القوى الدماغية التي هي آلات النفس في الإدراكات .
    والمراد بزيادة الدماغ إمّا زيادة قوّته لأنّه يرطّب الأدمغة اليابسة ويبرّد الأدمغة الحارّة ، أو زيادة جِرمه لأنّه غذاء موافق لجوهره ، والأوّل أظهر(3). =



1 ـ القرابادين : ص204 .
2 ـ طب الأئمّة : ص267 .
3 ـ بحار الأنوار : ج66 ، ص227 .



311

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= هذا ويمكن أن يكون المراد به تقوية جهاز المُخ في الإنسان .
    (3) الكافي : ج6 ، ص371 ، باب القرع ، ح7 . وعنه الوسائل : ج17 ، ص161 ، ب120 ، ح5 . ورواه البرقي في المحاسن : ص431 ، كتاب المآكل ، ح732 . وعنه البحار : ج66 ، ص227 ، ب9 ، ح10 ، وذكر في ذلك ثمانية عشر حديثاً .


312

   19
    الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن معاوية بن عمّار قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : كان في وصيّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام)أنّه قال :
    ياعلي : اُوصيكَ في نفسِك (1) بخصال فاحفظْها عنّي ، ثمّ قال : اللّهمَّ أعِنْهُ (2) :
    أمّا الاُولى : فالصِّدق (3) ولا تَخرجَنَّ من فيكَ كِذَبةٌ أبداً .
    والثانية : الوَرَع ولا تجترىء (4) على خيانة أبداً .
    والثالثة : الخوف ُ من اللّهِ عزَّ ذكرُه كأنّك تراه .
    والرابعة : كثرةُ البكاءِ من خشيةِ اللّه يُبنى لكَ بكلِّ دمعة ألفُ بيت في الجنَّة .
    والخامسة : بَذْلُك مالَك ودمَك ...




    (1) أي أنّ هذه الوصيّة اُمور تتعلّق بنفسك لا بمعاشرة الناس .
    (2) أي أعنه على حفظها ، وهو دعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المستجاب بحفظ هذه الاُمور ، كما دعا له بحفظ غيرها وعدم نسيان شيء منها .
    (3) أي أُوصيك بالصدق .
    (4) في الفقيه : ] حتّى [ لا تجترينّ .


313

دونَ دينِك (5) .
    والسادسة: الأخذُ بسنّتي في صلاتي وصَومي وصَدَقتي، أمّا الصلاةُ فالخمسون ركعة (6) ، وأمّا الصيامُ فثلاثةُ أيّام في الشهر : الخميسُ في أوّلِه، والأربعاءُ في وسطِه، والخميسُ في آخره، وأمّا الصدقةُ فجُهدك(7) حتّى يقول (8) قد أسرفْتَ ولم تُسرف ، وعليك بصلاةِ الليل ، وعليكَ بصلاةِ الزوال ، وعليكَ بصلاةِ الزوال ، وعليكَ بصلاةِ الزوال (9) ،




    (5) أي إبذل مالك ودمك لحفظ دينك .
    (6) أي الصلوات الفرائض والنوافل اليومية ، والمشهور روايةً وفتوىً كون النوافل أربعاً وثلاثين فيكون مجموع الصلوات إحدى وخمسين ، لكن الخمسين يوافق ما روى بكون النوافل ثلاث وثلاثين بإسقاط الوتيرة ، وهو حديث زرارة(1)، وجمع بينه وبين ما دلّ على الأكثر بكون الأكثر محمول على المؤكّد منها لا على إنحصار السنّة فيها كما أفاده الشهيد الثاني(2).
    (7) أي فليكن بمقدار جهدك كلّما تطيقه وتقدر عليه ، والجُهد هو الوسع والطاقة أي اجهد جهدك في الصدقة .
    (8) في المحاسن ، والتهذيب ، والفقيه : « حتّى تقول » .
    (9) أي نافلة الزوال ففي الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه إذا زالت الشمس عن كبد السماء فمن صلّى تلك الساعة أربع ركعات فقد وافق صلاة الأوّابين ، وفي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء ، وأبواب =



1 ـ وسائل الشيعة : ج3 ، ص42 ، ب14 ، ح1 .
2 ـ الروضة البهيّة : ج1 ، ص171 .



314

وعليكَ بتلاوةِ القرآنِ على كلِّ حال (10) ، وعليك برفعِ يَدَيك في صلاتِك وتقليبِهما (11) ، وعليكَ بالسّواكِ عندَ كلِّ وضوء (12) ، وعليكَ بمحاسنِ الأخلاقِ فاركبْها ...



= الجنان واستجيب الدعاء ، فطوبى لمن رُفع له عمل صالح .
    وتلاحظ نوافل الزوال وأدعيتها في بابها(1)، ومنها ما تقدّم الحديثان الأوّل والثامن من الباب وأمّا صلاة الليل فسيأتي بيانها في الوصية رقم 117 .
    (10) الظاهر أنّ التلاوة هي قراءة القرآن الكريم مع تدبّر المعنى وفهمه(2).
    (11) جاء في شرح هذا الحديث الشريف أنّ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « وعليك برفع يديك» أي في التكبيرات ، والمراد بتقليبهما إمّا ردّهما بعد الرفع ، أو تقليبهما في أحوال الصلاة بأن يضعهما في كلّ حال على ما ينبغي أن تكونا عليه .
    ويحتمل أن يكون المراد رفعهما في القنوت وتقليبهما بالتضرّع والتبتّل والإبتهال(3)، ففي الحديث عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: « الرغبة أن تستقبل ببطن كفّيك إلى السماء ، والرهبة أن تجعل ظهر كفّيك إلى السماء ... »(4).
    وقد شرح : بأنّ الرغبة هي الدعاء مع الرجاء أو طلب منفعة ، كما وأنّ الرهبة هي الدعاء مع الخوف أو دفع ضرر وبلاء يخاف نزوله(5).
    (12) يستفاد منه كون السواك من مستحبّات الوضوء أيضاً .



1 ـ بحار الأنوار : ج87 ، ص52 ، ب2 ، الأحاديث .
2 ـ مرآة الأنوار : ص75 . والمفردات : ص75 .
3 ـ مرآة العقول : ج25 ، ص180 .
4 ـ اُصول الكافي : ج2 ، ص479 ، كتاب الدعاء ، ح1 .
5 ـ مرآة العقول : ج12 ، ص42 .



315

ومساويء الأخلاق فاجتنْبها فإنْ لمْ تفعَل فلا تلومَنَّ إلاّ نفسَك (13) .



    (13) الكافي : ج8 ، ص79 ، ح33 . ومثله في التهذيب : ج9 ، ص175 ، ب6 ، ح13 . ومثله تقريباً في الفقيه : ج4 ، ص188 ، ب3 ، ح5432 . وجاء في المحاسن للبرقي : ص13 ، كتاب الأشكال والقرائن : ح48 . رواه عن أبيه ، وعن محمّد بن إسماعيل مرفوعاً إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وذكر نحوه ، إلاّ أنّه في الكافي والفقيه والتهذيب مسند وصحيح السند .


316

   20
    الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهما السلام) في وصيّةِ رسولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)لعلي (عليه السلام) :
    لا تخرجْ في سَفر وحَدك فإنّ الشيطانَ مع الواحد وهو من الأثنين أبَعد (1) .
    ياعلي : إنّ الرجلَ إذا سافَر وحدَه ...




    (1) وقد عقد الشيخ الصدوق باباً في كراهة الوحدة في السفر ذكر فيها أربع روايات منها هذا الحديث الشريف ، ويليه حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في لعن ثلاثة : الآكل زاده وحده ، والنائم في بيت وحده ، والراكب في فلاة وحده .
    قال السيّد ابن طاووس : ولا تخرج وحدك في سفر فإن فعلت قلت : « ما شاء الله ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله : اللّهمّ آنس وحشتي ، وأعنّي على وحدتي ، وأدّ غيبتي »(1).
    والدعاء هذا هو حديث الفقيه(2).



1 ـ مصباح الزائر : ص34 .
2 ـ من لا يحضره الفقيه : ج2 ، ص276 ، ح2431 .



317

فهو غاو (2) ، والإثنان غاويان ، والثلاثةُ نَفَر (3) ; قال : وروى بعضهم سَفْر (4) (5) .



    (2) الغواية في اللغة بمعنى الضلالة والخيبة ، وفسّر الغاوي هنا بالضالّ عن طريق الحقّ أو الضالّ في سفره .
    (3) النفر بفتحتين : بمعنى العدّة والجماعة ، أي جماعة يصحّ أن يكتفي بهم في السفر.
    (4) السَفْر بفتح السين وسكون الفاء : جمع سافر نظير صحب وصاحب ، بمعنى المسافرين ، أي مسافرون يكتفي بهم .
    (5) روضة الكافي : ج8 ، ص303 ، ح465 . والمحاسن : ص295 ، كتاب السفر ، ح56 . وورد مثله في الفقيه : ج2 ، ص277 ، ب3 ، ح2433 . والبحار : ج76 ، ص228 ، ب47 ، ح5 .


318

   21
    الكافي : عن حميد بن زياد ، عن الخشّاب ، عن ابن بقاح ، عن معاذ بن ثابت ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ياعلي : انّ هذا الدين متين ، فأوغِل فيه برفِق (1) ، ولا تُبغّضْ إلى نفسِك عبادةَ ربِّك . إنّ المُنْبَتّ (2) ـ يعني المفرط ـ لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قَطَع (3) فاعملْ عَمَلَ من يرجُو أن يموتَ هَرَماً ، واحذر حَذَرَ من يتخوّفُ أن يموتَ غداً (4) .




    (1) أي سيروا في الدين برفق لا بتهافت .
    (2) المنبتّ بصيغة اسم المفعول ، من البتّ بمعنى القطع ، يطلق على الرجل الذي إنقطع به سفره وعطبت راحلته .
    (3) الظهر هو المركب ، أي بقى في طريقه عاجزاً عن مقصده ، ولم يصل إلى مقصوده .
    (4) اُصول الكافي : ج2 ، ص87 ، باب الإقتصاد في العبادة ، ح6 .


319

   22
    الكافي : ذكر في حديث صفات أهل الإيمان التي عهد بها النبي إلى الوصي سلام الله عليهما وآلهما أنّه جاء فيه :
    فأخْبِرني يارسولَ اللّهِ بصفةِ المؤمن ، فَنَكّسَ رسولُ اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) رأسَه ثمّ رفَعَه فقال : عشرون خصلة في المؤمنِ فإن لم تكنْ فيه لم يكملْ إيمانُه :

    إنّ من أخلاقِ المؤمنين ياعلي :
    الحاضُرونَ الصّلاة، المسارعُون إلى الزَكاة ، والمُطعمونَ المساكين، والماسحونَ رأسَ اليتيم ، والمطهّرونَ أطمارَهم (1) ، والمتّزرُون على أوساطِهم (2) ، الذين إن حَدّثوا لم يكذبُوا ، وإن وَعَدوا لم يُخلفوا ، وإنْ ائِتُمنُوا لم يخونوا ، وإنْ تكلّموا صَدَقوا ، رهبانٌ بالليل (3) ،




    (1) الأطمار جمع طمر هو الثوب البالي ، وفي الأمالي وغيره أظفارهم .
    (2) الإزار لباس معروف ، والإتزار على الوسط لعلّه بمعنى شدّ الوسط في الإزار لستر العورة كاملا وعدم إبداء شيء منها أبداً(1).
    (3) من حيث كثرة العبادة والتهجّد لا الرهبانية المبتدعة ، بقرينة إختصاصها بالليل .



1 ـ مجمع البحرين : ص238 .


320

أُسْدٌ بالنهار (4) ، صائمون النَّهار ، قائمونَ الليلِ ، لا يؤذونَ جاراً ، ولا يتأذّى بهم جارٌ (5) ، والذين مشيُهم على الأرضِ هونٌ (6) ، وخُطاهُم إلى المساجد ، وإلى بيوتِ الأرامل ، وعلى أثر الجنائز ، جَعَلنا اللّهُ وإيّاكُم من المتّقين (7) .



    (4) من حيث الشجاعة وقوّة الإيمان .
    (5) فمضافاً إلى أنّ المؤمن لا يؤذي جاره قصداً ، لا يفعل فعلا يتأذّى به جاره ، ولو كان من غير قصد إيذائه .
    (6) أي برفق ، والهون هو الرفق واللين ، والمشي بتواضع وسكينة .
    (7) اُصول الكافي : ج2 ، ص232 ، باب المؤمن وعلاماته وصفاته ، ح5 ، مع إختلاف يسير . وعنه في بحار الأنوار : ج67 ، ص276 ، ب14 ، ح4 . وجاء في أمالي الصدوق : ص439 ، المجلس الحادي والثمانون ، ح16 . وأعلام الدين للديلمي : ص117 .


321

   23
    التمحيص : روى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال : فعلٌ وعملٌ ونيّةٌ وظاهرٌ وباطن (1) ، فقال أميرُ المؤمنين (عليه السلام) : يارسولَ اللّهِ ما يكونُ المائةُ وثلاث خصال ؟ فقال :
    ياعلي من صفاتِ المؤمن أن يكونَ جوّالَ الفِكر (2) ، جوهريَ الذِّكْر (3) ، كثيراً علمُه ، عظيماً حلمُه ، جميلَ المنازعة ، كريمَ المراجعة ، أوسعَ الناسِ صدراً ، وأذلَّهم نفساً (4) ،




    (1) أي أنّ تلك الخصال يكون بعضها من الأفعال والأعمال ، وبعضها من النيّات وهي مع ذلك قد تكون ظاهرةً وقد تكون باطنة .
    والفرق بين الفعل والعمل على ما في المفردات، هو أنّ العمل ما كان صادراً بقصد، بخلاف الفعل فالعمل أخصّ من الفعل(1).
    (2) أي يطوف بفكره في الاُمور ، فيكون واسع الفكر .
    (3) الجوهر هو كلّ حجر يستخرج منه شيء ينتفع به ، فيكون ذكر المؤمن وما يذكره نافعاً كالجوهر .
    (4) أي يكون أذلّ الناس في نفسه وعند نفسه من جهة التواضع ، وان كان =



1 ـ المفردات : ص348 .


322

ضحكُه تبسّماً ، وإفهامُه تعلّماً (5) ، مذكّر الغافل ، معلَّمَ الجاهل ، لا يؤذي من يؤذيه (6) ، ولا يخوضُ فيما لا يعنيه ، ولا يَشمَتُ بمصيبة ، ولا يذكُرُ أحداً بغيبة ، بريئاً من المحرّمات ، واقفاً عند الشبهات (7) ، كثيرَ العطاء ، قليلَ الأذى ، عوناً للغريب ، وأباً لليتيم ، بُشرهُ في وجهه وحُزنُه في قلبه (8) ، مستبشراً بفقره (9) ، أحلى من الشهد ، وأصلدَ من الصّلد (10) ، لا يكشفُ سرّاً ، ولا يهتكُ ستراً ، لطيفَ الحركات ، حُلوَ المشاهدة ، كثيرَ العبادة ، حَسَنَ الوقار ، ليَّنَ الجانب (11) ، طويلَ الصمت ، حليماً إذا جُهل عليه ، صبوراً على مَن أساء إليه ، يُجلّ الكبير ، ويرحمُ الصغير ، أميناً على الأمانات ، بعيداً من الخيانات ، إلفُه التُقى ،



= عزيزاً عند الناس .
    (5) أي يكون تفهيمه للناس بوجه التعلّم ، لا التعنّت والإلقاء في المشقّة .
    (6) بل يصفح عنه ، ويتجاوز عن مقابلته بالأذيّة .
    (7) فلا يرتكب حتّى الشبهات ، بل يقف دونها لأنّ في الشبهات عتاب ، وقد توقع الشخص في المحرّمات .
    (8) فهو وإن كان حزين القلب في الباطن لكنّه متبسّم الوجه في الظاهر .
    (9) أي فقر المال الذي هو شعار الصالحين لا فقر الدين ، فيستبشر ويفرح بهذا الفقر ، لأنّ مرارة الدنيا حلاوة الآخرة .
    (10) الحجرُ الصَّلد بسكون اللام هو الحجر الصلب الأملس ، والمؤمن أصلب من الحجر الصلب في إيمانه ، لا يداخل قلبه ريب ولا شكّ ولا جزع ، بل يكون صبوراً عند الهزاهز وواثقاً بدينه عند الشدائد .
    (11) فالمؤمن يكون لَيِّنَ العريكة غير فظّ ولا غليظ .


323

وخُلقه الحياء (12) ، كثيرُ الحذر ، قليلُ الزلَلَ ، حركاتُه أدب ، وكلامُه عجيب (13) ، مقيلُ العثرة (14) ، ولا يتّبع العورة ، وَقوراً ، صبوراً ، رضيّاً ، شكوراً ، قليل الكلام ، صدوق اللسان ، بَرّاً ، مصوناً ، حليماً ، رفيقاً ، عفيفاً ، شريفاً ، لا لَعَّانٌ ، ولا نَمَّام ، ولا كذّاب ، ولا مغتاب ، ولا سبّاب ، ولا حسود ، ولا بخيل هشّاشاً بشّاشاً (15) ، لا حسّاس ، ولا جسّاس (16) ، يَطلبُ من الاُمور أعلاها ومن الأخلاقِ أسناها ، مشمولا بحفظِ اللّه ، مؤيّداً بتوفيقِ اللّه ، ذا قوّة في لين ، وعزمة في يقين ، لا يَحيف (17)



    (12) أي من أخلاقه الحياء ، وفي المستدرك : حلفه الحياء ، أي أنّه محالف وملازم للحياء .
    (13) أي يعجب المستمعين بحُسنه .
    (14) العثرة هي الزلّة والخطيئة ، وإقالتها هي المسامحة والتجاوز عنها من الإقالة، وهي المسامحة والموافقة على النقض .
    (15) من الهشاشة والبشاشة ، وهي طلاقة الوجه وحسن اللقاء .
    (16) من التحسّس والتجسّس . قيل معناهما واحد ، وهو التفتيش والبحث عن بواطن الاُمور وتتبّع الأخبار ، وقد يفرّق بينهما بأنّ التجسّس أكثر ما يقال في الشرّ بخلاف التحسّس ، فالجاسوس هو صاحب الشرّ كما أنّ الناموس هو صاحب سرّ الخير ، وقيل التجسّس بالجيم أن يطلبه لغيره ، والتحسّس بالحاء أن يطلبه لنفسه ، وقيل أيضاً بالجيم هو البحث عن العورات ، وبالحاء هو الإستماع لحديث القوم(1).
    (17) من الحيف بمعنى الظلم والجور . يقال حاف في حكمه أي جارَ فيه .



1 ـ مجمع البحرين : ص323 .


324

على من يبغض ، ولا يأثم في مَنْ يُحبّ ، صبورٌ في الشدائد ، لا يجور ، ولا يعتدي ، ولا يأتي بما يشتهي ، الفقرُ شعارُه (18) ، والصبرُ دثارُه(19)، قليلُ المؤونة ، كثيرُ المعونة ، كثيرُ الصيام ، طويلُ القيام ، قليل المنام ، قلبه تقيّ ، وعلمهُ زكيّ ، إذا قَدَر عفا ، وإذا وَعَد وفى ، يصومُ رغباً، ويُصلّي رهباً ، ويُحسِنُ في عمله كأنّه ناظر إليه ، غضّ الطَّرْف (20) ، سخيُّ الكفّ ، لا يردُّ سائلا ولا يبخلُ بنائل (21) ، متواصلا إلى الإخوان ، مترادفاً إلى الإحسان ، يَزِنُ كلامَه ، ويُخرسُ لسانَه (22) ، لا يغرقُ في بغضه ، ولا يهلكُ في حُبّه ، لا يقبل الباطلَ من صديقه ، ولا يردّ الحقَّ من عدوّه ، ولا يتعلّم إلاّ ليعلم ، ولا يعلم إلاّ ليعمل ، قليلا حقدُه، كثيراً شكرُه، يطلب النهار معيشته ، ويبكي الليل على خطيئتِه ، إنْ سَلَكَ مع أهل الدنيا كان ...



    (18) الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد يُسمّى بالشعار لأنّه يلي الشعر ، وفي حديث مناجاة موسى بن عمران (عليه السلام) « ياموسى : إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحباً بشعار الصالحين » كما تلاحظه مع ما يخصّه من معنى الفقر في الحديث(1).
    (19) الدثار هو الثوب الذي يُلبس فوق الشعار . يقال تدثّر بثيابه أي لبسها .
    (20) أي يغضّ ويخفض عينه عمّا حرّم الله النظر إليه .
    (21) نائل وجمعه نوائل هي العطيّة .
    (22) فيكفّ عمّا لا يحلّ التكلّم به .



1 ـ بحار الأنوار : ج72 ، ص1 ، ب94 ، في فضل الفقر والفقراء وحبّهم ومجالستهم والرضا بالفقر .


صلة