الصفحة الرئيسية  المكتبة  وصايا الرسول لزوج البتول  الجزء السابع والعشرون
قبل

341

   30
    كتاب الدعوات : عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :
    ياعلي إقرأ يس (1) فإنّ في قراءةِ يس عشرَ بركات : ما قرأها جائعٌ إلاّ شبع ، ولا ظامىءٌ إلاّ رُوي ، ولا عار إلاّ كُسي ، ولا عَزَبٌ إلاّ تَزوّج ، ولا خائفٌ إلاّ أَمِن ، ولا مريضٌ إلاّ برىء ، ولا محبوسٌ إلاّ أُخرج ، ولا مسافرٌ إلاّ أُعينَ على سفرِه ، ولا قرأها رجلٌ ضلَّت له ضالّةٌ إلاّ ردّها اللّهُ عليه ، ولا مسجونٌ إلاّ أُخرج ، ولا مدينٌ إلاّ أدّى دينَه .
    ولا قُرئِت عند ميّت إلاّ خفَّف اللّهُ عنه تلك الساعة (2) (3) .




    (1) أي سورة يس التي هي قلب القرآن كما عبّر به في الحديث التالي :
    (2) ولهذه السورة المباركة فضائل كثيرة رويت عنهم (عليهم السلام) من ذلك :
    1 ) حديث أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إنّ لكلّ شيء قلباً وإنّ قلب القرآن يس ، من قرأها قبل أن ينام أو في نهاره قبل أن يمسي كان في نهاره من المحفظوين والمرزوقين حتّى يمسي ، ومن قرأها في ليله قبل أن ينام وكّل الله به ألف ملك يحفظونه من شرّ كلّ شيطان رجيم ومن كلّ آفة ، وإن مات في يومه أدخله الله به الجنّة ، وحضر غسله ثلاثون ألف ملك كلّهم يستغفرون له ويشيّعونه إلى قبره بالإستغفار له ، فإذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله وثواب عبادتهم له ، وفسح له في قبره مدّ بصره ، واُومن من ضغطة القبر ، ولم يزل له في قبره نورٌ =


342

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



= ساطع إلى أعنان السماء إلى أن يخرجه الله من قبره ، فإذا أخرجه لم يزل ملائكة الله معه يشيّعونه ويحدّثونه ويضحكون في وجهه ويبشّرونه بكلّ خير حتّى يجوزوا به الصراط والميزان ، ويوقفوه من الله موقفاً لا يكون عند الله خلقاً أقرب منه إلاّ ملائكة الله المقرّبون وأنبياؤه المرسلون ، وهو مع النبيّين واقف بين يدي الله لا يحزن مع من يحزن ، ولا يهمّ مع من يهمّ ، ولا يجزع مع من يجزع ، ثمّ يقول له الربّ تبارك وتعالى : إشفع عبدي اُشفّعك في جميع ما تشفع ، وسلني عبدي أعطك جميع ما تسأل ، فيسأل فيُعطى ويشفع فيُشفّع ، ولا يُحاسب فيمن يحاسَب ولا يوقّف مع من يوقّف ، ولا يذلّ مع من يذلّ ، ولا ينكب بخطيئة ولا بشيء من سوء عمله ، ويعطى كتاباً منشوراً حتّى يهبط من عند الله ، فيقول الناس بأجمعهم : سبحان الله ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة ، ويكون من رفقاء محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)(1).
    2 ) حديث جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : من قرأ يس في عمره مرّة واحدة كتب الله له بكلّ خلق في الدنيا وبكلّ خلق في الآخرة وفي السماء بكلّ واحد ] هكذا في الأصل [ ألفي ألف حسنة ، ومحا عنه مثل ذلك ، ولم يصبه فقر ولا غرم ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضرّه ، وخفّف الله عنه سكرات الموت وأهواله ، ووَلِيَ قبض روحه ، وكان ممّن يضمن الله له السعة في معيشته ، والفرح عند لقائه ، والرضا بالثواب في آخرته ، وقال الله تعالى لملائكته أجمعين من في السماوات ومن في الأرض : قد رضيت عن فلان فاستغفروا له(2).



1 ـ ثواب الأعمال : ص138 ، ح1 .
2 ـ ثواب الأعمال : ص138 ـ 139 ، ح2 .



343

    0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0



    (3) الدعوات للفقيه السعيد قطب الدين الراوندي : ص215 ، ح579 . وعنه البحار : ج81 ، ص240 ، ب48 ، ح26 . وعنه أيضاً المستدرك : ج2 ، ص136 ، ب31 ، ح1 ، المسلسل 1627 . وجاء في جامع الأخبار : ص126 ، ح245 .


344

   31
    أمالي الشيخ الصدوق حدّثنا أبي ، قال حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال حدّثنا أحمد ابن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على منبره :
    ياعلي : إنّ اللّهَ عزّوجلّ وَهَب لك حبَّ المساكين والمستضعفين في الأرض (1) فرضيتَ بهم إخواناً ورضوا بك إماماً ، فطوبى لمن أحبَّك وصَدَق عليك ، وويلٌ لمن أبغضك وكَذِبَ عليك .
    ياعلي : أنت العالمُ « العَلَمُ » (2) لهذه الاُمّةِ ، مَن أحبَّكَ فازَ ومَن أبغضك هلَكَ .
    ياعلي : أنا مدينةُ العِلم وأنتَ بابُها ، وهل تُؤتى المدينةُ إلاّ من بابِها (3) .




    (1) فالفضل هو أن يكون الإنسان مورداً لمحبّة المساكين والمستضعفين لا الجبابرة المتكبّرين الذين يفقدون الحبّ في الله والبغض في الله .
    (2) أي العلامة والمعيار والمحك للاُمّة .
    (3) وهذا من أحاديث مدينة العلم المتّفق عليها بين الفريقين . رويت مضافاً إلى طرق الخاصّة في ستّة عشر حديثاً من طرق العامّة ، كما تلاحظها في غاية =


345

    ياعلي : أهلُ مودّتِكَ كلُّ أوّاب (4) حفيظ وكلُّ ذي طِمر (5) لو أقسم على اللّه لأبرَّ قسمه .
    ياعلي : إخوانُك كلُّ طاهر زاك « زكيّ » مجتهد يحبّ فيك ويبغض فيك ، محتَقرٌ عند الخلق عظيمٌ المنزلةِ عندَ اللّه عزّوجلّ .
    ياعلي : محبّوك جيرانُ اللّهِ في دارِ الفردَوس ، لا يأسفون على ما خلَّفوا من الدنيا .
    ياعلي : أنا وليٌّ لمن واليتَ ، وأنا عدوٌ لمن عاديتَ .
    ياعلي : من أحبَّكَ فقد أحبَّني ، ومن أبغضَك فقد أبغضَني .
    ياعلي : إخوانُك ذُبْلُ الشفاه (6) تُعرف الرهبانيةُ في وجوههم (7) .
    ياعلي : إخوانُك يفرحُون في ثلاثةِ مواطن : عند خروجِ أنفسِهم وأنا شاهدُهم وأنت ، وعندَ المساءلةِ في قبورهم ، وعندَ العَرْضِ الأكبر ، وعندَ الصِراطِ إذا سُئل الخلقُ ...




= المرام(1)، وفصّل نقلها عن طائفة كثيرة من أعلام العامة في إحقاق الحقّ(2) فلاحظ .
    (4) أي كثير التسبيح من التأويب بمعنى التسبيح .
    (5) الطِّمر بكسر الطاء هو الثوب العتيق ، والكساء البالي من غير الصوف والجمع أطمار .
    (6) من جهة صيامهم بالنهار .
    (7) من جهة عبادتهم وقيامهم في الليل .



1 ـ غاية المرام : ص520 ، ب29 ، الأحاديث .
2 ـ إحقاق الحقّ : ج5 ، ص468 ، 501 .



346

عن إيمانِهم فلم يُجيبوا (8) .
    ياعلي : حربُكَ حربي ، وسلمُك سلمي ، وحربي حربُ اللّه ، ومَن سالمك فقد سالمني ومَن سالمني فقد سالمَ اللّه عزّوجلّ .
    ياعلي : بَشّرْ إخوانَك فإنّ اللّهَ عزّوجلّ قد رَضِيَ عنهم إذْ رضيَكَ لهم قائداً ورضَوا بك وليّاً .
    ياعلي : أنت أميرُ المؤمنين ، وقائدُ الغُرِّ المحجّلين (9) .
    ياعلي : شيعتُك المنتجبون ، ولولا أنتَ وشيعتُك ما قام للّه عزّوجلّ دين ، ولولا مَن في الأرضِ منكم لما أنزلتَ السماءُ قطرَها .
    ياعلي : لك كنزٌ في الجنّة وأنت ذو قَرنيها (10) ، وشيعتُك تُعرف بحزب اللّه عزّوجلّ .
    ياعلي : أنت وشيعتُك القائمون بالقِسط ، وخيرةُ اللّه من خلقه .
    ياعلي : أنا أوّلُ من ينفضُ الترابَ عن رأسِه (11) وأنت معي ثمّ سائرُ الخَلق .




    (8) لعلّ عدّ المواطن ثلاثة مع كونها أربعة من جهة عدّ الموت أوّلا ، والقبر ثانياً ، والقيامة ثالثاً بكلا موضعيها : العرض الأكبر ، والصراط ، فتكون المواطن ثلاثة .
    (9) الغُر : جمع الأغر مأخوذ من الغُرّة وهو البياض في الوجه ، والمحجّلين : جمع المحجّل مأخوذ من التحجيل وهو البياض في القدم بمعنى بياض وجوههم وأيديهم وأقدامهم بنور الوضوء .
    (10) لاحظ بيانه في وصيّة معاني الأخبار ، الآتي في ص395 .
    (11) أي حين البعث يوم القيامة عند الخروج من القبر .


347

    ياعلي : أنتَ وشيعتُك على الحوضِ تَسقُون من أحببتم وتَمنعون من كرهتُم ، وأنتم الآمنون يومَ الفَزَع الأكبر في ظلِّ العرش ، يفزعُ الناسُ ولا تفزعون ، ويحزنُ الناسُ ولا تحزنون ، فيكم نَزلت هذه الآية ( إنّ الذينَ سَبَقتْ لهمُ منّا الحُسنى اُولئكَ عنها مُبعدُونَ ) (12) وفيكم نَزلت ( لا يحزُنُهُم الفزعُ الأكبرُ وتَتلقّاهُمُ المَلائكةُ هذا يَومُكُمُ الذّي كُنتُم تُوعَدُون ) (13) .
    ياعلي : أنت وشيعتُك تُطلبون في الموقفِ وأنتم في الجِنان تَتنعّمون .
    ياعلي : إنّ الملائكةَ والخُزّان (14) يشتاقُون إليكم ، وإنّ حملةَ العرِش والملائكةَ المقرّبين ليخصّونكم بالدعاء ويسألون اللّهَ لمحبّيكم ويفرحُون بمن قَدِمَ عليهم منكم كما يفرحُ الأهلُ بالغائبِ القادم بعد طُولِ الغَيبة .
    ياعلي: شيعتُك الذين يخافُون اللّهَ في السِرِّ، وينصحونَه في العلانية.
    ياعلي : شيعتُك الذين يتنافسونَ في الدّرجاتِ لأنّهم يلقَون اللّهَ عزّوجلّ وما عليهم من ذنب .
    ياعلي : أعمالُ شيعتِك ستُعرضُ عَليّ في كلِّ جُمعة ، فأفَرحُ بصالحِ ما يبلغُني من أعمالِهم واستغفرُ لسيّئاتِهم .
    ياعلي : ذكرُك في التَوراةِ وذكرُ شيعتك قبل أن يُخلَقُوا بكُلّ خير ،




    (12) سورة الأنبياء : الآية 101 .
    (13) سورة الأنبياء : الآية 103
    (14) أي خُزّان الجنّة ، جمع خازن وهو الذي يتولّى الحفظ .


348

وكذلك في الإنجيل ، فسَلْ أهلَ الإنجيلِ وأهلَ الكتابِ عن ( إليا ) يخبروك مع عِلمكَ بالتوراةِ والإنجيل وما أعطاك اللّهُ عزّوجلّ من علمِ الكتاب ، وإنّ أهلَ الإنجيل ليتعاظمون ( إليا ) وما يعرفونَه وما يعرفون شيعتَه وإنّما يعرفونهم بما يجدونهم في كتبهم .
    ياعلي : إنّ أصحابَك ذكرُهم في السماء أكبرُ وأعظمُ من ذِكْر أهلِ الأرضِ لهم بالخير ، فلْيفَرحُوا بذلك وليزدادُوا اجتهاداً .
    ياعلي : إنّ أرواحَ شيعتِك لتصعدُ إلى السماءِ في رُقادِهم (15) ووفاتِهم فتنظُرُ الملائكةُ إليها كما ينظرُ الناس إلى الهلال شوقاً إليهم ، ولِما يَرون من منزلتِهم عندَ اللّهِ عزّوجلّ .
    ياعلي : قُلْ لأصحابِك العارفين بك يتنزّهُون عن الأعمالِ التي يُقارفُها عدوُّهم ، فما من يوم وليلة إلاّ ورحمةٌ من اللّهِ تباركَ وتعالى تغشاهُم فلْيجتنبُوا الدَّنَس (16) .
    ياعلي : اشتدّ غضبُ اللّهِ عزّوجلّ على من قَلاهُم (17) وبَرأَ منك ومنهم واستبدل بكَ وبهم ومالَ إلى عدوِّك وتركَكَ وشيعتَك ، واختار الضّلالَ ونَصَب الحربَ لك ولشيعتِك ...




    (15) أي عند نومهم ، فالرُقاد بضمّ الراء هو النوم .
    (16) الدَّنَس بفتح الدال والنون في الأصل هو الوسخ ، ويُطلق على الأفعال الخبيثة .. يقال : دنَّس الرجل عِرضَه إذا فعل ما يشينه .
    (17) من القَلْى بمعنى البغض ، أي أبغضهم ، أي اشتدّ غضب الله عزّوجلّ على من أبغض أصحابك العارفين بك .


349

وأبغضنا أهلَ البيت وأبغضَ من والاك ونصرَك واختارَك وبذلَ مهجتَه ومالَه فينا .
    ياعلي : إقرأهم منّي السَلام من لم أرَ منهم ولم يَرَني ، وأعْلِمهُم إنّهم إخواني الذين أشتاقُ إليهم ، فليُلقُوا علمي إلى مَن يبلغ القرونَ من بَعدي وليتمسّكوا بحبلِ اللّه وليعتصمُوا بهِ وليجتهدُوا في العمل فإنّا لا نخرجُهم من هُدى إلى ضلالة وأخبِرهُم إنّ اللّهَ عزّوجلّ عنهم راض ، وإنّه يُباهي بهم ملائكتَه وينظرُ إليهم في كلِّ جمعة برحمتِه ويأمرُ الملائكةَ أنْ تستغفَر لهم .
    ياعلي : لا ترغبْ عن نصرةِ قوم يَبلُغُهم أو يَسمعون إنّي اُحبّك فأحبّوك لحبّي إيّاك ودانوا اللّه عزّوجلّ بذلك، وأعطَوك صفوَالمودّةِ في قلوبهم، وإختاروك على الآباءِ والإخوةِ والأولادِ، وسلكوا طريقَك،وقد حُملوا على المكارِه فينا فأبَوا إلاّ نصرَنا وبذل المُهَج (18) فينا مع الأذى وسوءِ القولِ وما يقاسُونه من مَضاضَةِ ذاك، فكُنْ بهم رحيماً واقنَعْ بهِم ، فإنّ اللّهَ عزّوجلّ اختارَهم بعلمِه لنا من بينِ الخَلق ، وخَلَقَهم من طينتِنا واستودَعهم سرَّنا ، وألزَمَ قلوبَهم معرفةَ حقِّنا وشَرَح صدورَهم ، وجعلَهُم مستمسكين بحبلِنا لا يُؤْثرون علينا مَن خالَفنا مع ما يزولُ من الدنيا عنهم ، أيَّدهَم اللّهُ وسلك بهم طريقَ الهُدى فاعتَصَموا به ، فالناسُ في غُمّةِ الضّلال (19) متحيّرونَ في الأهواء عَموا عن الحجّةِ ...




    (18) المُهَج جمع المهجة وهو دم القلب والروح .
    (19) الغُمّة هي الحيرة ، أي في حيرة الضلال .


350

وما جاء من عندِ اللّهِ عزّوجلّ ، فهم يصبحون ويمسون في سخطِ اللّهِ ، وشيعتُك على منهاجِ الحقِّ والإستقامةِ ، لا يستأنسون إلى مَن خالفهم ، وليست الدُنيا منهم وليسوا منها ، اُولئكَ مصابيحُ الدُجى اُولئكَ مصابيحُ الدُجى اُولئكَ مصابيحُ الدُجى (20) .



    (20) أمالي الشيخ الصدوق : ص450 ، المجلس الثالث والثمانون ، ح2 .


351

   32
    أمالي الشيخ الصدوق : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي ، قال : حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ، قال حدّثني محمّد بن أحمد بن علي الهمداني ، قال حدّثني الحسين بن علي ، قال حدّثني عبدالله بن سعيد الهاشمي ، قال حدّثني عبدالواحد بن غياث ، قال حدّثنا عاصم بن سليمان ، قال حدّثنا جويبر ، عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس قال : صلّينا العشاء الآخرة ذاتَ ليلة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلمّا سَلَّم أقبلَ علينا بوجهِه ، ثمّ قال :
    أما إنّه سينقَضُّ كوكبٌ من السماء (1) مع طلوعِ الفجر فيسقط في دارِ أحدكم ، فمن سقط ذلك الكوكب في دارِه فهو وصيّي وخليفتي والإمامُ بعدي ، فلمّا كان قرب الفجر جلس كلّ واحد منّا في دارِه ينتظر سقوطَ الكوكبِ في داره ، وكان أطمعُ القوم في ذلك أبي ـ العبّاسُ بن عبدالمطلّب ـ فلمّا طلعَ الفجر إنقضّ الكوكب من الهواء فسقط في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) :




    (1) يقال : انقضّ الطائر إذا هوى ، ومنه إنقضاض الكوكب(1) والهُويّ هو النزول والسقوط(2).



1 ـ مجمع البحرين : ص358 .
2 ـ مجمع البيان : ج9 ، ص171 .



352

    ياعلي : والذي بعثني بالنبوّةِ لقد وَجَبتْ لكَ الوصيّةُ والخلافةُ والإمامةُ بَعدي ، فقال المنافقون ـ عبدالله بن أُبيّ وأصحابُه ـ : لقد ضلَّ محمّد في محبّةِ ابن عمّه وغوى وما ينطق في شأنِه إلاّ بالهوى ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى ( والنّجم إذا هَوى ) (2) .
    يقولُ اللّهُ عزّوجلّ : وخالقُ النَّجم إذا هَوى ما ضَلّ صاحبُكم يعني في محبّة علي بن أبي طالب (عليه السلام)وما غَوى ، وما يَنطِقُ عن الهَوى يعني في شأنِه ، إن هو إلاّ وَحيٌ يُوحى (3)(4) .




    (2) سورة النجم : الآية 1 .
    (3) وهذا أحد التفاسير وبيان شأن النزول في هذه الآيات الشريفة وقد رويت في أحاديث متعدّدة من طرق الخاصّة ، بل رواه العامّة أيضاً كابن المغازلي بطريقين : أحدهما عن ابن عبّاس والآخر عن أنس بن مالك ، وتجد الأحاديث مجموعة في تفسير البرهان(1).
    (4) الأمالي : ص453 ، المجلس الثالث والثمانون ، ح2 .



1 ـ تفسير البرهان : ج2 ، ص1054 ـ 1056 .


353

   33
    أمالي الشيخ الصدوق : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق ، قال حدّثنا محمّد بن حمدان الصيدلاني ، قال حدّثنا محمّد بن مسلم الواسطي ، قال حدّثنا محمّد بن هارون ، قال أخبرنا خالد الحذّاء ، عن أبي قلابة ، عن عبدالله بن زيد الجرمي ، عن ابن عبّاس قال : لمّا مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده أصحابه قام إليه عمّار بن ياسر ، فقال له فداك أبي واُمّي يارسول الله من يغسلك منّا إذا كان ذلك منك ؟
    قال ذاك عليُ بن أبي طالب (عليه السلام) لأنّه لا يهمُّ بعضو من أعضائي إلاّ أعانتْه الملائكةُ على ذلك .
    فقال له : فداك أبي واُمّي يارسول الله ، فمَن يصلّي عليك منّا إذا كان ذلك منك ؟ قال مه (1) رحمَك اللّه ، ثمّ قال لعلي (عليه السلام) :

    يابن أبي طالب إذا رأيتَ رُوحي قد فارقَتْ جَسدي فاغسِلني وأنْقِ غسلي وكفّني في طِمَريّ (2) هذين أو في بياضِ مصر وبُرد يمان ولا تُغالِ في كفني (3) واحملوني حتّى تضعوني على شفيرِ قبري ،




    (1) مَهْ اسم فعل مبني على السكون مثل صَهْ بمعنى اكفف أي اكفف عن الكلام.
    (2) تثنية الطِمر بكسر الطاء وهو الثوب العتيق .
    (3) لعلّه من الغلو بمعنى تجاوز الحدّ ، أو من إستعمال الغالية وتطييب الكفن بالغالية التي هي نوع من الطيب مركّب من المسك والعنبر والكافور ودهن البان =


354

فأوّلُ من يُصلّي عَليَّ الجبّارُ جَلَّ جلالُه من فوقِ عرشِه ثمّ جبرائيلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ في جنود من الملائكة لا يُحصي عددَهم إلاّ اللّهُ عزّوجلّ ثمّ الحافّونَ بالعرش ثمّ سكّانُ أهلِ سماء فسماء ، ثمّ جُلُّ أهلِ بيتي ونسائي الأقربون فالأقربون يومؤن إيماءً ويُسلّمون تسليماً (4) .



= والعود .
    (4) الأمالي : ص505 ، المجلس الثاني والتسعون ، ح6 ، وقد مضى ما يقرب من هذه الوصيّة في الوصايا حين الوفاة .


355

   34
    أمالي الشيخ الصدوق : حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، قال حدّثنا أبي ، قال حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال حدّثنا علي بن حمّاد البغدادي ، عن بشر بن غياث المريسي ، قال حدّثني أبو يوسف يعقوب ابن إبراهيم ، عن أبي حنيفة ، عن عبدالرحمن السلماني ، عن حنش بن المعتمر ، عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ، قال : دعاني رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجّهني إلى اليمن لأصلح بينهم .
    فقلتُ : يارسول اللّه إنّهم قومٌ كثير ولهم مُسِنٌّ وأنا شاب حَدِث ، فقال :

    ياعلي : إذا صِرتَ بأعلى عَقَبة أَفيق (1) فنادِ بأعلى صوتِك ياشجرُ يامدرُ ياثرى ، محمّدٌ رسولُ اللّه يقرءُكم السَّلام .
    قال : فذهبتُ فلمّا صرتُ بأعلى العقبة أشرفتُ على أهلِ اليمَن فإذا هم بأسْرِهم مُقبلون نَحوي مُشرّعون رماحَهم (2)




    (1) العَقَبة هي الجبل الطويل الذي يعرض في الطريق ، وعقبة أفيق بفتح الهمزة وكسر الفاء هي عقبة طويلة نحو ميلين ، يُنزل منها إلى الغور وهو الاُردن(1).
    (2) يقال شرع الرمح وأشرعه عليه : أي سَدَّدَه وصوّبه إليه .



1 ـ معجم البلدان : ج1 ، ص233 .


356

مُسَوّون أسنّتَهم (3) متنكّبون قِسيَّهم (4) شاهرُون سلاحَهم فناديتُ بأعلى صوتي ياشجرُ يامدرُ (5) ياثَرى (6) محمّدٌ رسولُ اللّه يقرءُكم السلام ، قال فلم تَبْقَ شجرةٌ ولا مدرةٌ ولا ثرى إلاّ ارتجّ بصوت واحد : على محمّد رسولِ اللّه وعليكَ السلامُ فاضطَرَبَت قوائمُ القوم وإرتَعَدتْ رُكَبُهم ( فرائصهم (7) وركبُهم ) ووقَع السلاحُ من أيديهم وأقبلوا إليّ مُسرعين فأصلحتُ بينهم وانصرفتُ (8) .



    (3) الأسنّة جمع السِنان بكسر السين وهو : نصل الرمح .
    (4) القِسيّ جمع القوس ، يقال تنكّب قوسه أي حمله على منكبه .
    (5) مَدَر جمع مَدَرة كقصب وقصبة هو التراب الكثير المجموع .
    (6) الثَرى هو التراب الندي الذي يكون تحت وجه الأرض .
    (7) الفرائص جمع فريصة ، وهي في الدابة اللحمة التي بين جنبيها وكتفها ، لا تزال ترتعد في الإنسان من الخوف .
    (8) الأمالي : ص185 ، المجلس الأربعون ، ح1 .


صلة