453
ياعلي : هي النفقةُ على الخَيلِ يُنفقَ الرّجلُ سرّاً وعلانيَة (3) (4) .
(3) وورد هذا المضمون في حديث الراوندي طيّب الله مثواه
(1)، وجاء نظيره في حديث الدعائم أنّ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : « ياعلي : النفقة على الخير المرتبطة في سبيل الله هي النفقة التي قال الله عزّوجلّ :
( الّذينَ يُنفِقُونَ أموالَهُم باللّيلِ والنَّهارِ سِرّاً وعَلانيَة ) »
(2).
(4) الجعفريات: ص86. وعنه المستدرك: ج8، ص253، ب2، ح1، المسلسل9377.
1 ـ بحار الأنوار : ج21 ، ص67 ، ب25 ، ح1 .
2 ـ دعائم الإسلام : ج1 ، ص344 .
454
98
الجعفريات : أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى ، قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) قال : لمّا بعثني رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اليمنِ قال :
ياعلي : لا تُقاتلَنَّ أحداً حتّى تدعُوهُ إلى الإسلامِ ، واللّهِ لئن يَهدِيَنَّ اللّهُ على يديَك رجلا خيرٌ لك ممّا طَلَعتْ عليهِ الشَّمسُ وغَرُبَت ، وَلكَ وِلاهُ (1) ياعلي (2) .
(1) أي تكون أنت وليُّه ومولاهُ كما كنتَ مرشده وهاديه فتكون الهداية والدعوة إلى الإسلام قبل المقاتلة .
فان حصلت الهداية كان الخير الأعظم ، وكان الولاء لمولى المؤمنين (عليه السلام) .
(2) الجعفريات : ص77 . عنه المستدرك : ج11 ، ص30 ، ب9 ، ح1 ، المسلسل 12357 .
455
99
الجعفريات : أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد حدّثني موسى قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه أنّ علياً (عليه السلام) اشتكى عينيَه فعادَهُ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا علي (عليه السلام) يصيحُ فقال لهُ النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أجَزَعاً أم وَجَعاً ؟ فقال علي (عليه السلام) : ما وجعتُ وَجَعاً قطُّ أشقّ (1) منه . فقال :
ياعلي : إنَّ مَلَكَ الموتِ إذا نزلَ لقبضِ روحِ الفاجر نزلَ معه بسَفّود (2) من نار ، فنزعِ روحَه فتصيحُ جهنّمُ ، فاستوى عليٌّ (عليه السلام) جالساً ، فقال : يارسولَ اللّهِ هل يصيبُ ذلكَ أحداً من اُمّتِك ؟ فقال : نعم ، حاكمٌ جائر ، وآكلُ مالِ اليتيمِ ، وشاهدُ الزّور (3) (4) .
(1) في المستدرك ( أشدّ ) .
(2) سَفُّود بفتح السين وتشديد الفاء على وزن تنّور هي الحديدة التي يشوى بها اللحم ، المعروف بالصيخ
(1).
(3) الزور هو الكذب والباطل ، مأخوذ من التزوير بمعنى التحريف .
(4) الجعفريات : ص146 . وعنه المستدرك : ج17 ، ص356 ، ح1 ، المسلسل 21569 . وورد مع إختلاف يسير بطريق الشيخ في التهذيب : ج6 ، ص224 ، ب87 ، ح27 ، المسلسل 537 . والوسائل : ج18 ، ص166 ، ب12 ، ح1 .
1 ـ مجمع البحرين : ص210 .
456
100
إرشاد القلوب : في مرفوعة الشيخ المفيد إلى أنس بن مالك قال : كنت أنا وأبو ذرّ وسلمان وزيد بن أرقم عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ دخل الحسن والحسين (عليهما السلام) فقبّلهما رسول الله ، وقام أبو ذرّ فانكبّ عليهما وقبَّل أيديهما ثمّ رجع فقعد معنا فقلنا له : سِرٌّ ياأبا ذرّ ، أنت رجل شيخ من أصحاب رسول الله تقوم إلى صبيين من بني هاشم فتنكبّ عليهما وتقبّل أيديهما ؟
فقال : نعم لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لفعلتم لهما أكثر ممّا فعلت أنا ، فقلت : وما سمعت ياأبا ذرّ ، قال : سمعته يقول لعلي (عليه السلام)ولهما :
ياعلي : واللّهِ لو أنّ رجلا صلّى وصامَ حتّى يصيرُ كالشنِّ البالي ـ أي القربة الخَلِقَة ـ إذاً ما نفَعْتُه صلاتُه ولا صومُه إلاّ بحبِّكم .
ياعلي: من تَوسّلَ إلى اللّهِ جلَّ شأنُه بحبِّكم، فحقّ على اللّهِ ان لايردَّهُ.
ياعلي : من أحبّكم وتمسّكَ بكُم فقد تَمسّكَ بالعُروةِ الوثقى .
قال : ثمّ قامَ أبو ذرّ وخَرج ، فتقدَّمْنا إلى رسولِ اللّهِ فقلنا : أخبَرَنا أبو ذرّ عنكَ بكَيت وكَيت ، فقال : صدقَ أبو ذرّ ، وصدقَ واللّهِ أبو ذرّ، ما أظلَّتِ الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ (1) على ذي لَهجة أَصدَق من أبي ذرّ ،
(1) أي ما أظلَّت السماء ولا حملت الأرض إذ تسمّى السماء بالخضراء لأنّها تعطي الخضرة في لونها ، وكذلك تسمّى الأرض بالغبراء لأنّها تعطي الغُبرة في لونها.
457
ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : خلقني اللّهُ تباركَ وتعالى وأهلَ بيتي من نور واحد قبل أن يخلقَ آدمُ (عليه السلام) بسبعةِ آلافِ عام ، ثمّ نقَلنا إلى صُلبِ آدمَ (عليه السلام) ثمّ نقَلنا من صُلبِه إلى أصلابِ الطاهرينَ إلى أرحامِ الطاهراتِ ، فقلنا : يارسولَ اللّهِ فأينَ كُنتم وعلى أي مثال كنتم ، قال : أشباحاً من نُور (2) تحتَ العرشِ نسبّحُ اللّهَ تعالى ونقدّسُه ونمجّدُه (3) .
(2) أي أبدانٌ نورانية بل أرواح ، فقد خلقهم الله تعالى أنواراً ، وجعلهم بعرشه محدقين ، وقد تظافرت وتواترت الأحاديث الشريفة في خلقتهم النورانية فلاحظ
(1).
(3) إرشاد القلوب : ص415 .
1 ـ اُصول الكافي : ج1 ، ص389 ، باب خلق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهم (عليهم السلام) . وبحار الأنوار : ج25 ، ص1 ، باب 1 ، المشتمل على 46 حديثاً .
458
101
إرشاد القلوب : جاء في حديث حذيفة بن اليمان أنّه :
أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خادمةً لاُمّ سلمة فقال : اجمعي لي هؤلاء يعني نسائه فجمعتُهنّ له في منزل اُمّ سلمة ، فقال لهنّ : اسمعن ما أقول لكُنّ :
وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال لهنّ : هذا أخي ووصيي ووارثي والقائم فيكُنَّ وفي الاُمّة من بعدي ، فأَطِعْنَه فيما يأمركُنَّ به ، ولا تعصينه فتهلكن لمعصيته . ثمّ قال :
ياعلي : اُوصيكَ بهنَّ فأمسِكْهنَّ ما أطعنَ اللّهَ وأطعْنَكَ ، وأنفِقْ عليهنَّ من مالكَ ، وامُرهُنَّ بأمركَ ، وانههنَّ عمّا يُريبك ، وخلِّ سبيلهنَّ إن عصينَك ، فقال علي (عليه السلام) : يارسولَ اللّهِ إنّهُنَّ نساء ، وفيهن الوهن وضعفُ الرأي ، فقال : ارفقْ بهنَّ ما كان الرفُق أمْثَل .
فمن عصاكَ منهنَّ فطلّقْها طلاقاً يَبْرأ اللّهُ ورسولُهُ منها (1) .
(1) وهذا من مختصاته صلوات الله عليه وآله .
وقد روي حتّى من طرق العامّة أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل طلاق نسائه إلى علي (عليه السلام) فيما رواه أبو الدرعل ، المرادي وصالح مولى التومة عن عائشة
(1). =
1 ـ بحار الأنوار : ج38 ، ص74 .
459
0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0 0
= وجاء في الحديث المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) انّه : « لمّا كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : والله ما أراني إلاّ مطلّقها ، فأنشد الله رجلا سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : ياعلي : أمر نسائي بيدك من بعدي ، لما قام فشهد ؟ فقال :
فقام ثلاثة عشر رجلا فيهم بدريان فشهدوا : أنّهم سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) : ياعلي : أمر نسائي بيدك من بعدي ، قال : فبكت عائشة عند ذلك حتّى سمعوا بكاءها ، فقال علي (عليه السلام) : لقد أنبأني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بنبأ فقال : إنّ الله تعالى يمدّك ياعلي يوم الجمل بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين »
(1).
ومعنى تطليقهنّ بعد وفاة النبي هو إسقاطهنّ من شرف الاُمومة ، مضافاً إلى تبري الله ورسوله منهنّ كما يستفاد من أسئلة سعد بن عبدالله الأشعري القمّي من مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه .
ففي حديث الشيخ الصدوق ، عن محمّد بن علي بن محمّد النوفلي ، عن الوشاء ، عن أحمد بن طاهر القمّي ، عن الشيباني ، عن أحمد بن مسرور ، عن سعد بن عبدالله القمّي ، قال : سألت الحجّة القائم (عليه السلام) ... .
قلت : فأخبرني يابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوّض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)حكمه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟
قال :« إنّ الله ( تقدّس إسمه ) عظّم شأن نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فخصّهنّ بشرف الاُمّهات ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ياأبا الحسن إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دُمْن لله =
1 ـ الإحتجاج : ج1 ، ص240 .
460
قال : كلُّ نساءِ النبيّ قد صَمَتْن فما يَقُلْنَ شيئاً ، فتكلَّمَتْ عائشة فقالت : يارسولَ اللّه ما كنّا لتأمرنا بشَيء فنخالفَه إلى ما سواه ، فقال لها: بلى قد خالفتِ أمْري أشدَّ خلاف وأيْمُ اللّه لتخالفين قولي هذا ، ولتعصينَّهُ بعدي ، ولتخرجينَ من البيتِ الذي أُخلُفكِ فيه ، متبرّجةً فيه قد حَفَّ بكِ فئاتٌ من الناسِ ، فتخالفينَهُ ظالمةً له ، عاصيةً لربّكِ ، ولتنبحنَّك في طريقك كلابُ الحَوْأبِ (2) ألا إنّ ذلكَ كائن ، ثمَّ قال : قُمْنَ فانصرِفنَ إلى منازلكُنّ ، فقُمنَ فانصَرَفْن (3) .
= على الطاعة ، فأيّتهنّ عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج ، وأسقطها من شرف اُمومة المؤمنين ...»
(1).
(2) الحوأب بفتح الحاء وسكون الواو وهمزة مفتوحة موضع في طريق البصرة محاذي البصرة ... موضع بئر نبحت كلابه على عائشة
(2).
(3) إرشاد القلوب : ص337 ، وتلاحظ نهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عائشة عن الخروج وإعلامها بنبح كلاب الحوأب إيّاها ، وخروج الفساد منها في طرق العامّة المتظافرة مجموعةً في السبعة من السلف : ص173 .
وتلاحظ أحاديث تأنيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لها على ذلك من أحاديث العامّة مجموعة في هامش تلخيص الشافي : ج2 ، ص133 .
ومن المناسب ملاحظة إستدلال الشيخ الطوسي (قدس سره) على كفر من حارب أمير المؤمنين (عليه السلام) إستدلالا بإجماع الفرقة المحقّة ، وبحديث « حربك ياعلي حربي وسلمك ياعلي سلمي » المتّفق عليه بين الفريقين
(3).
1 ـ إكمال الدين : ص459 ، ب43 ، ح21 .
2 ـ معجم البلدان : ج2 ، ص314 .
3 ـ تلخيص الشافي : ج4 ، ص131 .
461
102
إرشاد القلوب : في حديث سلمان الفارسي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقبل على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له :
ياأخي : إنّك ستبقى بَعدي ، وستلقى من قريش شدّةً من تظاهرِهم عليك (1) وظلمِهم لكَ ، فإن وَجدْتَ عليهم أعواناً فقاتِل من خالَفكَ بمن أطاعَكَ ووافقكَ ، وإن لم تجدْ أعواناً فاصبر وكُفَّ يدَك ولا تُلقِ بها إلى التهلكةِ ، فإنّكَ منّي بمنزلةِ هارونَ من موسى ، ولكَ بهارونَ اُسوةٌ حسنَة إذ استضعفُه قومَه وكادُوا يقتلونَه ، فاصبِر لظلِم قريش وإيّاكَ وتظاهرهِم عليكَ ، فإنّك بمنزلةِ هارونَ من موسى ومَن تَبِعهُ ، وهُم بمنزلةِ العِجْل ومَن تَبِعَه (2) .
ياعلي : إنَّ اللّهَ تباركَ وتعالى قد قضى الفُرقةَ والإختلافَ على هذهِ الاُمّةِ (3) ولو شاء لَجَمعهُم على الهُدى ... .
(1) أي من تعاونهم وتعاضدهم على إيذائك .
(2) أي بمنزلة عجل السامري ومن تبعه من بني إسرائيل الذين خالفوا أمر موسى وعبدوا العجل .
(3) وذلك بسبب سوء إختيارهم أنفسهم ، لا بإجبار من الله تعالى .
462
حتّى لا يختلفَ إثنان من هذِه الاُمّةِ ولا يُنازعَ في شيء من أمرِه ، ولا يجحَد المفضولُ ، إذ الفضلُ فضلُه ولو شاءَ لعجَّلَ النقمةَ .
وكان منهُ التغييرُ حتّى يكذّبَ الظالمُ ويَعلمَ الحقُّ أين مصيرُه .
ولكنّه جعلَ الدنيا دارَ الأعمالِ ، والآخرةَ دارَ القرارِ ليجزيَ الذّين أساؤُا بما عملُوا ويجزي الّذين أحسنُوا بالحُسنى (4) ، فقال (عليه السلام) : الحمدُ للّهِ ، وشُكراً على نَعمائِه ، وصَبراً على بلائِه (5) .
(4) فكان بهذا الإمهال إمتحان الخلق وإختبار نواياهم وإظهار أعمالهم ، إتماماً للحجّة عليهم ولله تعالى الحجّة البالغة .
(5) إرشاد القلوب : ص420 ، كمال الدين ص264 ح10 .
463
103
إرشاد القلوب : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
ياعلي : عليكَ بالبُكاءِ من خَشيةِ اللّه ، يُبنى لكَ بكُلِّ قَطرة بَيتاً في الجَنَّة (1) (2) .
(1) فللبكاء من خشية الله تعالى فضائل كثيرة وردت في الأحاديث الشريفة منها : أنّه لا تبكي يوم القيامة عين بكت من خشية الله ، وأنّ القطرة منها تطفىء بحاراً من نار ، وأنّه تُرحم الاُمّة ببكائه ، وأنّه يكون في الرفيق الأعلى كما تلاحظه في كتاب الدعاء
(1).
ولقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) المثل الأعلى في هذا البكاء ، حتّى كان من شدّة البكاء يضع يده على الحائط ويصير شبيه الواله كما تلاحظه في حديث حبّة العرني ونوف البكالي
(2)، ويكفينا وصف ضرار بن ضمرة النهشلي له في حديثه المعروف الذي جاء فيه : ( ولو رأيته إذ مَثُلَ في محرابه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، وهو قابض على لحيته ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ...)
(3).
(2) إرشاد القلوب للشيخ الجليل أبي محمّد الحسن بن محمّد الديلمي : ص87 .
1 ـ بحار الأنوار : ج93 ، ص335 ، ب19 ، الأحاديث .
2 ـ بحار الأنوار : ج41 ، ص22 ، ب101 ، ح13 .
3 ـ بحار الأنوار : ج41 ، ص15 ، ب101 ، ح6 .
464
104
جامع الأخبار : عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تفسير الأذان (1) ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) :
ياعلي : الأذانُ حُجّةٌ على أُمّتي (2) .
وتفسيرُه : إذا قالَ المُؤذّنُ : اللّهُ أكبَرُ ، اللّهُ أكبرُ ، فإنّه يقولُ : اللّهمَّ أنتَ الشاهدُ على ما أقولُ ، يااُمَّةَ أحمد (3) قد حَضَرتْ الصَّلاةُ فتهيّؤُوا ودَعُوا عنكُم شُغلَ الدّنيا .
وإذا قالَ: أشهدُ أنْ لا إلَه إلاّ اللّهُ ، فإنّه يقولُ : يااُمّةَ أحمد اُشهِدُ اللّهَ واُشهِدُ ملائكتَه أنّي أخبرتُكم بوقتِ الصلاةِ فتَفرّغُوا لها .
وإذا قالَ : أشهدُ أنَّ محمّداً رسولُ اللّهِ ، فإنّهُ يقولُ : يَعلمِ اللّهُ ويعلمُ ملائكتُه أنّي قد أخبرتُكُم بوقتِ الصَّلاةِ ، فتفرّغُوا لها فانَّهُ خيرٌ لكم .
(1) التفسير هو كشف المراد وإيضاح المعنى ، وتفسير الأذان هنا بمعنى بيان المراد من فصوله وإيضاح بطونه ، لا تفسير ألفاظه .
(2) أي ممّا يحتجّ به الله تعالى على الاُمّة .
(3) في البحار هكذا ، وفي جامع الأخبار بدل أحمد في جميع هذا الحديث جاء : محمّد .
465
وإذا قالَ : حيَّ على الصّلاةِ ، فإنّه يقولُ : يااُمّةَ أحمد ، دينٌ قد أظهرُه اللّهُ لكُم ورسولُه فلا تُضيّعوه ، ولكنْ تَعاهُدوا (4) يغفِر اللّهُ لكم ، تَفرّغوا لصلاتِكم فإنّها عِمادُ دينِكم .
وإذا قال : حَيَّ على الفَلاحِ ، فإنّهُ يقولُ : يااُمَّةَ أحمد ، قد فتَحَ اللّهُ عليكم أبوابَ الرَّحمةِ ، فقومُوا وخذُوا نصيبَكم من الرّحمةِ تَربحُوا الدُنيا والآخرةِ .
وإذا قالَ : حَيَّ على خَيرِ العَمل (5) ، فإنّه يقولُ : ترحَّمُوا على أنفسِكم، فإنَّه لا أعلمُ لكُم عملا أفضلَ من هذِه ، فتفرّغُوا لصلاتِكم قبلَ النَّدامةِ .
وإذا قالَ : لا إلَه إلاّ اللّهُ ، فإنّهُ يقولُ : يااُمَّة أحمد إعلمُوا أنّي جعلتُ أمانةَ سبعِ سَماوات وسبعِ أرضين في أعناقِكم ، فإنْ شئتُم فاقبلُوا وإنْ شئتُم فأدبِرُوا ، فمَن أجابني فقد رَبِح ومَن لم يُجْبني فلا يضرُّني .
ثمّ قالَ : ياعلي : الأذانُ نورٌ ، فمن أجابَ (6) نجا ،
(4) أي تعاهدوا هذا الدين وتحفّظوا عليه .
(5) هكذا في البحار والمستدرك ، وقد أثبتناه هنا وإن كان في المصدر : وإذا قال الله أكبر ، الله أكبر .
(6) أي أجاب دعوات الأذان المتقدّمة في تفسير الأذان ، وأجاب دعواته إلى الصلاة والفلاح وخير العمل بواسطة قوله : حيّ على الصلاة ، وعلى الفلاح ، وعلى خير العمل .
فإنّ كلمة حيّ معناها هلُمَّ وأَقبِل ، وهي دعوة ممّن يدعو إلى الله وهو المؤذّن فتستدعي الجواب .
466
ومن عَجزَ خَسَف (7) ، وكنتُ لهُ خصماً بينَ يدي اللّهِ تعالى ، ومَن كنتُ له خصماً فما أسوءَ حالُه (8) (9) .
(7) أي من لم يجب خسف وهلك ، والخسف هو سبب الهلاك ، ويأتي بمعنى الذلّ والهوان .
(8) واعلم أنّ للأذان فضلا كثيراً وثواباً جزيلا ، وتلاحظ عظيم مرغوبيته ، وأكيد إستحبابه ، مع فضيلة الشهادة بالتوحيد والرسالة والولاية فيه في مجامع الأحاديث
(1).
ويحسن مراجعة فضل ( الأذان ومضامينه العالية ) في كتاب سياسة الحسين (عليه السلام)
(2).
وقد ذكرنا رجحان الشهادة بالولاية في الأذان ودليله مفصّلا في كتاب شرح الزيارة الجامعة الشريفة تحت فقرة ( وأبواب الإيمان ) فذكرنا أدلّةً ستّة في رجحان الشهادة الثالثة في الأذان لا بقصد الجزئية ، مضافاً إلى فتوى الفقهاء المائة بالإستحباب والرجحان التي جمعها السيّد المقرّم أعلى الله مقامه في كتاب الشهادة الثالثة .
(9) جامع الأخبار للشيخ السبزواري من أعلام القرن السابع الهجري : ص171 ، الفصل الحادي والثلاثون ، ح3 ، المسلسل 405 . ومنه البحار : ج84 ، ص153 ، ب35 ، ح49 . والمستدرك : ج4 ، ص55 ، ب34 ، ح1 ، المسلسل 4169 .
1 ـ بحار الأنوار : ج84 ، ص103 ـ 172 ، ب35 ، المشتمل على ستّة وسبعين حديثاً .
2 ـ سياسة الحسين (عليه السلام) : ص102 ـ 111 .
467
105
جامع الأخبار : عن علي (عليه السلام) قال :
دخل علينا رسولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمةُ (عليها السلام) جالسةٌ عند القِدْرِ وأنا أُنقِّي العَدَس (1) .
قال : ياأبا الحسن قُلتُ : لَبّيكَ يارسولَ اللّه ، قال : إسمَعْ منّي ، وما أقولُ إلاّ ما أمَر ربّي ، ما مِن رجل يُعينُ امرأتَه في بيتِها إلاّ كانَ لهُ بكلِّ شَعْرة على بدنِه عبادةُ سنَة ، صيامُ نهارِها وقيامُ ليلِها ، وأعطاهُ اللّهُ من الثَّوابِ ما أعطاهُ اللّهُ ] الصابرينَ و [ داودَ النبيّ ويعقوبَ وعيسى (عليهم السلام) .
(1) إعانةً لسيّدة النساء سلام الله عليها ، وهي غاية الكرامة والرفعة لما في إعانة المؤمن من الفضل والثواب كما تلاحظه في أحاديث العِشْرة
(1)، فكيف إذا كان من يعينه زوجةً له ، وكيف إذا كانت تلك الزوجة صدّيقة معصومة رضاها رضا الله تعالى ، فهي خدمة لله تعالى ، وذلك من أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي يكون فعله درساً للمؤمنين بل لكافّة الناس أجمعين .
وهذه الخدمة من وسائل سعادة الاُسرة ، وتماسك العائلة ، وحسن المعاشرة فحبّذا لو كانت قدوة واُسوة .
1 ـ بحار الأنوار : ج74 ، ص320 ، ب20 ، ح86 وغيره .