التالي

السابق

ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام ـ ط 4

 

 

 

الصفحة 11

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 مُقدّمة الطّبعة الثّالثة

الحمد لله الذي أزاح المستور عن الظّلامات الّتي وقعت على أُولي النّعم وسادت الأمم، مُحمّد وآل مُحمّد، وكشف الدّجة بأنوارهم صلوات الله عليهم.

 وأكمل الصّلاة وأتمّ السّلام على خاتم أنبيائه وسيّد رُسله، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى، الدّاعي إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ـ بدءاً بيوم الدّار وآية الإنذار، وختماً بيوم الغدير الخالد الآثار ـ المُستنقذ عباد الله المتّقين من الضّلالة والهلكة، الرّؤوف بالمؤمنين الأبرار، والغليظ على الظّالمين الكُفّار.

 والصّلاة والسّلام على وصيّه، ووزيره، وابن عمّه، سيف الله المسلول، وزوج الزّهراء البتول، خليل النّبوّة، والمخصوص بالاخوّة، عين الله النّاظرة، ويده الباسطة، واُذنه الواعية، وحكمته البالغة، ونعمته السّابغة على الأحرار، ونقمته الدّامغة على الكُفّار، عليّ بن أبي طالب، سيّد المتّقين الأخيار، وقسيم الجنّة والنّار.


الصفحة 12

وعلى ابنته الطّاهرة البتول الّتي امتحنها الله قبل أن يخلقها، الحوراء الإنسيّة، المُحدّثة العليمة، التّقيّة النّقيّة، الرّضيّة المرضيّة، الصّدّيقة الكُبرى، المؤيَّدة بالآية العُظمى، أُمّ الأئمة الميامين، سيّدة نساء العالمين، اُمّ أبيها، وبضعته، وروحه الّتي بين جنبيه، الّتي من آذاها فقد آذى الله الخالق العلاّم، ونبيّه سيّد الأنام، شهيدة سياط الفجّار، فاطمة بنت نبيّ الله المُختار، وزوجة أسد الله الكرار.

 وعلى آل الله، منهج الإيمان، وهُداة الإنس والجان، مفاتيح الرّحمة، ومقاليد المغفرة، سحائب الرّضوان، ومصابيح الجنان، وحملة الفُرقان، خزنة علم الله، وحفظة سرّه، ومهبط وحيه، وأركان تمجيده، أشرف الدُعاة إلى كتبه، وأفضل الحفظة على ودائعه، وهم لتوحيده خير أعوان وأنصار...

 واللعن الوبيل الدّائم على أعدائهم، الجبت والطّاغوت، أعداء الله، وعلى من ظلمهم حقّهم، ودفعهم عن مقامهم، وأزالهم عن مراتبهم الّتي رتّبهم الله فيها، في كُلّ ساعة وأوان، إلى أن يقوم الخلق للحساب بين يديّ الواحد القهّار...

 وبعد...

 نُقدّم بكُلّ فخر واعتزاز، الطّبعة الثّالثة لهذا الكتاب، بل السّفر القيّم، النّاطق والمُعبّر عمّا كان قد لحق بابنة خير من خلق الله تعالى، سيّدة نساء العالمين، فاطمة الزّهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها والسرّ المُستودع فيها، من حيف وظلم وجور وهضم للحُقوق خلال سنيّات عمرها الشّريف.


 الصفحة 13

والواقع، فإنّ طباعة الكتاب للمرّة الثّالثة خلال سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إنّما هو شهادة صادقة عن تفاعل المُجتمعات المُختلفة مع أحداث هذا الكتاب، وتجاوبها مع وقائعه المؤلمة، وتأثّر العقليّات الواعية، على اختلاف مشاربها ومذاهبها بمشاهد المأساة الّتي تتجلّى أمامهم بالصّور والمعاني الحيّة.

 وقد أتحفنا القُرّاء الأفاضل من شتّى المُستويات في الدّول الإسلاميّة وغيرها بوابل محبّتهم، وأسعدونا بجميل مديحهم وثنائهم، وطالبونا بالمزيد من النُسخ.

 وللحقيقة فإنّنا بعد شكره تبارك وتعالى على نعمه وآلائه لم نؤدّ إلاّ واجباً بسيطاً، تفرضه علينا العقيدة الحقّة الّتي منّ الله جلّ جلاله بها علينا، في كشف الحقائق، وتدوين الظّلامات، الّتي لحقت بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كتاب يسهل تناوله بعد أن سطّرها التّاريخ مُبعثرة في عشرات الكُتب الّتي لا يتسنّى لكُلّ أحد من الوصول إليها.

 واعلم ـ أيّها الموالي المُنصف ـ إنّ عملنا البسيط في تأليف الكتاب، وما لمسناه من تعلّق الأفئدة بما ضمّ بين ثناياه من أحداث ووقائع تنكرها البربريّة، وتأباها الهمجيّة إن هو إلاّ صورة من صور الاستجابة لندائها الخالد، الذي أطلقته صلوات الله عليها بنبرة حزينة، ملؤها الألم والإنكار، حيث قالت صلوات الله عليها:

 يا معاشر الفتية، وأعضاد الملّة، وأنصار الإسلام، ما هذه الغميزة في حقّي، والسنّة عن ظلامتي؟!


 الصفحة 14

فالحمد لله حمداً كثيراً، فإنّ الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه، وشمسه بازغة مُشرقة أبداً ولو كره الكافرون، والحقائق تبقى ثابتة هي هي، تفصح حُروفها بصدقها، وتصرّح كلماتها بصحّتها وإن طالتها الأيادي الخبيثة، ونالت منها الألسن المأجورة، والمظلوم ينتصف له ولو بعد حين، ويؤخذ له بظلامته وإن مدّ الجور باعه، وعلا بُنيانه، وتمادى في ظُلمه وطُغيانه...

 وأخيراً وليس آخراً فأملنا وطيد بأن نكون عند حسن ظنّ الجميع، وقد أعدنا طبع هذا الكتاب مع إضافات مُهمّة جديدة، من أحاديث صحيحة وأقوال مُعتبرة، مع تنقيح لما خفي عن البصر ولم يُدركه الفكر.

 اللّهم! اجعلنا ممن استغاث بك فأغثته، ودعاك فأجبته، وتضرع إليك فرحمته، وتوكل عليك فكفيته، ووثق بك فحميته، واستعصم بك فعصمته، وانقطع إليك فآويته، وستهداك فهديته، واستنصر بك فنصرته، وأناب إليك فرحمت عبرته، واجعلنا اللّهم! لنعمائك من الشّاكرين، ولأوليائك من المُحبّين ولآثارهم مُقتفين، ولأعدائهم مُبغضين. وما التّوفيق إلاّ من عنده تبارك وتعالى، فهو حسبنا ونعم الوكيل.

 عشّ آل مُحمّد (عليهم السلام) قُمّ المُقدّسة

 في شهر رمضان المُبارك 1423هـ. ق

 مؤسّسة بضعة المُصطفى (صلى الله عليه وآله)

 لإحياء تُراث أهل البيت (عليهم السلام)


الصفحة 15

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 مُقدّمة الطّبعة الثّانية

الحمد لله حمداً نسعد به في السُعداء، ونصير به في زُمرة الشّهداء...

 والصّلاة والسّلام على نبيّ الرّحمة مُحمّد وآله الأزكياء، صلاة تشحن الهواء وتملأ الأرض والسّماء، واللعن الدّائم على أعدائهم الأشقياء لعناً بلا عدّ ولا إحصاء...

 وبعد...

 فقد كان للإقبال الشّديد على كتابنا (ظلامات الزّهراء «عليها السلام» ) ونفاد نسخه من الأسواق، وما تلا ذلك من طلبات أخذت تنهمر علينا من بُلدان إسلاميّة وغير إسلاميّة، وعلى مُختلف المُستويات والأصعدة، سيّما الشّخصيّات الدّينيّة والعلميّة؛ للحصول على نسخه، وأيضاً لما أتحفنا به عُلماؤنا الأعلام، وأساتذتنا الكرام، وأصدقاؤنا من مُحققّين، وباحثين، واُدباء، وكتّاب، من مُلاحظات وتوجيهات مُعربة عن تفاعلها مع موضوعات الكتاب، مؤطّرة بالشّكر والتّشجيع، ومُفعمة بعبارات التّأييد والتّشويق على ضرورة مواكبة


الصفحة 16

 هذه المسيرة المُباركة، آملين مواصلة كشف الحقائق، وتسليط الأضواء على اُمور قد تكون مخفيّة على بعض النّاس، وتكريساً للوحدة الإسلاميّة المجيدة، وخدمة لتُراثنا الإسلامي الزّاهر؛ واستجابة لطلب أساتذتنا الأجلاّء، وحتّى نكون عند حسن ظنّهم وظنّ القُرّاء الأفاضل، فقد شمّرنا ثانية عن ساعد الجدّ والاهتمام، وأعدنا النّظر في الكتاب، وأجلنا البصر فيه، فقدّمنا ما كان ينبغي أن تتأخّر عنه بعض النّصوص، وأخّرنا ما وجدناه مُناسباً للتّأخير، وأضفنا ما ارتأيناه ضروريّاً، وحذفنا ما كان مُكرراً وما إلى ذلك من اُمور ترفع من مُستوى الكتاب بما يتناسب وقدره ومكانته.

ولا نخفي عليك ـ أيّها القارئ العزيز ـ في أنّ الباعث أساساً لتدوين هذه الحقائق المُتناثرة في بطون الكُتب وخبايا المكتبات هو نداء البضعة الطّاهرة فاطمة الزّهراء (عليها السلام) حين تقول:

 «ما هذه الغميزة في حقّي والسنّة عن ظلامتي»؟!

 فاستجبنا ملبيّن نداءها وإن أخّرتنا الدّهور، وعاقنا عن نصرها المقدور، مُمتثلين أمر بعلها سيّد الأوصياء، عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) حيث قال:

 «كونا للظّالم خصماً وللمظلوم عوناً»(1).

 وعليه فقد أثبتنا في كتابنا هذا ـ إضافة إلى ما ذكره عُلماؤنا الأعلام ـ حقائق دوّنها عُلماء أبناء العامّة في تصانيفهم وتآليفهم، والتي ذكروا فيها الآلام والظُلامات التي طالت وديعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعده، وبتسريح

ـــــــــــــــــــــــ

(1) نهج البلاغة: 581.


الصفحة 17

 النّظر في مطاوي البحث، والتّدبّر في أخبار وآثار وأقوال العُلماء المُتقدّمين منهم والمُتأخّرين، كالشّيخ الطّوسي، والعلاّمة الحلّي، والمُحققّ الكركي، والشّيخ الحُرّ العاملي، والفقيه المُحقّق الكمباني، والشّهيد الصّدر، والشّهرستاني، والأندلسي، والاسفرائيني، والصّفدي، وابن قُتيبة وغيرهم، يحصل الإذعان بتحقّق تلك المأساة الأليمة، بحقّ سيّدة نساء العالمين، على أيدي الحُكّام الظّالمين.

وبهذا تكون الحُجّة أبلغ على النّاكرين والمُشكلين، والنّعمة أسبغ للأنصار الموالين لمُحمّد وآل مُحمّد صلوات الله عليهم أجمعين، ولم نترك لأحد فجوة يلتجئ إليها غير التّسليم والإذعان بفضل الله تعالى ومنّه، والإنكار على هؤلاء الظّالمين قولاً وفعلاً.

 وما التّوفيق إلاّ من عنده سبحانه وتعالى.

 عشّ آل مُحمّد وحرم أهل البيت (عليهم السلام)

 قُمّ المُقدّسة. رمضان المُبارك 1418 هـ ق

 عبد الكريم العُقيلي

 {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (1).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) النمل 19.

 

 

 

 

التالي

السابق