التالي

السابق

ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام ـ ط 4

 

 

 

الصفحة 45

الآيات القُرآنيّة النّازلة في أمر فدك

وما فسّره الفريقان في ذلك

الآية الأولى: قال تعالى في مُحكم كتابه:

{وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السّبيل وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}(1).

الآية الثّانية: وقال عزّ وجلّ:

{فَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السّبيل ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}(2).

الآية الثّالثة: وقال تبارك وتعالى:

{وَمَا أفاءَ اللهُ عَلَى رَسُوله منُهم فَمَا أوجَفتُم عَلَيه من خيَل ولا ركاب وَلكن اللهَ يُسَلّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلّ شيء قَديرٌ* مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الإسراء: 26.

(2) الرّوم: 38.


الصفحة 46

 القُربى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السّبيل كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرّسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(1).

الآية الأولى: قال تعالى: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السّبيل وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}.

نقل أصحاب التّفاسير وأهل الحديث عند الخاصّة والعامّة أنّ سبب نزول هذه الآية الكريمة هو في أمر فدك، ومن هذه المصادر:

1 ـ عيون أخبار الرّضا (عليه السلام) للشّيخ الصّدوق.

بإسناده إلى الريّان بن الصّلت، قال: حضر الرّضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو ـ في حديث طويل ـ إلى أن قال (عليه السلام): والآية الخامسة: قول الله عزّ وجلّ {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} خصوصيّة خصّهم الله العزيز الجبّار بها، واصطفاهم على الاُمّة، فلمّا نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ادعوا لي فاطمة. فدُعيت له، فقال: يا فاطمة، قالت: لبيّك يا رسول الله! فقال: هذه فدك، هي ممّا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وهي لي خاصّة دون المُسلمين، وقد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به، فخذيها لك ولولدك... الحديث.(2)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الحشر: 6 ـ 7.

(2) عيون أخبار الرّضا (عليه السلام): 1 / 233 ضمن ح 1، عنه البحار: 9 / 105 ح 1، والبّرهان: 2 / 415 ح2، ونور الثّقلين: 5/275.


الصفحة 47

2ـ التّبيان للشّيخ الطّوسي.

 روي أنّه لمّا نزلت هذه الآية استدعى النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) وأعطاها فدكاً وسلّمها إليها، وكان وكلاؤها فيها طول حياة النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فلمّا مضى النّبيّ (صلى الله عليه وآله) أخذها أبو بكر، ودفعها عن النّحلة، والقصّة في ذلك مشهورة...(1)

3ـ المناقب لابن شهرآشوب.

 نزل النّبيّ (صلى الله عليه وآله) على فدك يحاربهم، ثمّ قال لهم: وما يأمنكم أن تكونوا آمنين في هذا الحصن، وأمضي إلى حُصونكم فأفتحها؟ فقالوا: إنّها مُقفلة، وعليها ما يمنع عنها، ومفاتيحها عندنا. فقال (صلى الله عليه وآله): إنّ مفاتيحها دفعت إليَّ، ثمّ أخرجها وأراها القوم! فاتّهموا ديّانهم أنّه صبا إلى دين مُحمّد، ودفع المفاتيح إليه، فحلف أنّ المفاتيح عنده، وأنّها في سفط في صندوق في بيت مُقفل عليه، فلمّا فتّش عنها ففُقدت! فقال الدّيّان: لقد أحرزتها وقرأت عليها من التّوراة، وخشيت من سحره، وأعلم الآن أنّه ليس بساحر، وأنّ أمره لعظيم. فرجعوا إلى النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وقالوا: من أعطاكها؟ قال: أعطاني الّذي أعطى موسى الألواح، جبرئيل. فتشهّد الديّان، ثمّ فتحوا الباب، وخرجوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأسلم من أسلم منهم. فأقرّهم في بيوتهم، وأخذ منهم أخماسهم، فنزل {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} قال: وما هو؟ قال: أعط فاطمة فدكاً، وهي من ميراثها من اُمّها خديجة، ومن اُختها هند بنت أبي هالة. فحمل النّبيّ (صلى الله عليه وآله) ما أخذ منه، وأخبرها بالآية،

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تفسير التّبيان: 6 / 468.


الصفحة 48

 فقالت: لست أحدث فيها حدثاً وأنت حيّ، أنت أولى بي من نفسي، ومالي لك. فقال: أكره أن يجعلوها عليك سبّة(1) فيمنعوك إيّاها من بعدي. فقالت: أنفذ فيها أمرك. فجمع النّاس إلى منزلها، وأخبرهم أنّ هذا المال لفاطمة (عليها السلام) ففرّقه فيهم. وكان كُلّ سنة كذلك، ويأخذ منه قوتها، فلمّا دنت وفاته دفعها إليها.(2)

4 ـ تفسير فُرات الكوفي.

حدثني جعفر بن مُحمّد بن سعيد الأحمسي، مُعنعناً عن أبي مريم(3)، قال: سمعت جعفراً (عليه السلام) (4) يقول: لمّا نزلت هذه الآية {وآتِ ذَا القربى حَقَّهُ} أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة فدكاً. فقال أبان بن تغلب: رسول الله أعطاها؟ قال: فغضب جعفر (عليه السلام) ثمّ قال: أعطاه(5).

 5 ـ مجمع البيان للشّيخ الطّبرسي.

بإسناده عن عطيّة العوفي، بإسناده عن أبي سعيد الخُدري، لمّا نزل... وذكر كما في تفسير فُرات الكوفي.(6)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) قال العلاّمة المجلسي: السبّة ـ بالضّم ـ العار، أي يمنعونها منك، فيكون عاراً عليك. ويحتمل أن يكون، شُبهة أو نحوها.

(2) المناقب لابن شهرآشوب: 1 / 142، عنه البحار: 29 / 117 ح 11.

(3) كذا، ولعلّه أبو مريم، عن أبان بقرينة ما سيأتي آخر الحديث.

(4) في البحار: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) وكذا فيما يلي.

(5)تفسير فُرات: 239 ح 322، عنه البحار: 29 / 121 ح 19، وج29/ 323 / ح 439 و 440. من طريقين، عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن مُحمّد (عليه السلام).

(6) مجمع البيان: 6 / 243.


الصفحة 49

6 ـ تفسير العيّاشي.

 عن عبد الرّحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لمّا أنزل الله: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل، قد عرفت المسكين، فمن ذوي القُربى؟ قال: هم أقاربك. فدعا حسناً وحُسيناً وفاطمة (عليهم السلام) فقال: إنّ ربّي أمرني أن اُعطيكم ممّا أفاء عليَّ. قال: أعطيتكم فدكاً.(1)

وعن أبان، قال: قُلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة فدكاً؟ قال: كان وقفها، فأنزل الله: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} فأعطاها رسول الله حقّها. قُلت: رسول الله أعطاها؟ قال: بل الله أعطاها.(2)

 وعن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتت فاطمة أبا بكر تريد فدكاً، قال: هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك! قال: فأتت باُمّ أيمن. فقال لها: بمَ تشهدين؟ قالت: أشهد أن جبرئيل أتى مُحمّداً (صلى الله عليه وآله) فقال: إنّ الله يقول: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} فلم يدر مُحمّد (صلى الله عليه وآله) من هم، فقال: يا جبرئيل، سل ربّك من هم؟ فقال: فاطمة ذو القُربى. فأعطاها فدكاً. فزعموا أنّ عمر محا الصّحيفة، وقد كان كتبها أبو بكر.(3)

وعن عطيّة العوفي، قال: لمّا أفتتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيبر، وأفاء الله عليه فدكاً،

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تفسير العيّاشي: 2 / 310 ح 46، عنه البُرهان: 2/ 415 ح5.

(2) تفسير العيّاشي: 2 / 310 ح 47، عنه البُرهان: 2 / 415 ح6.

(3) تفسير العيّاشي: 2 / 310 ح 49، عنه البُرهان: 2 / 415 ح8.


 الصفحة 50

وأنزل عليه {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} قال: يا فاطمة لك فدك(1).

 7ـ تفسير القمّي.

 في قوله تعالى: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السّبيل}.

يعني قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزلت في فاطمة (عليها السلام) فجعل لها فدكاً. {وَالْمِسْكِينَ} من ولد فاطمة. {وَابْنَ السّبيل} من آل مُحمّد، وولد فاطمة.(2)

 8 ـ تفسير سعد السّعود لابن طاووس.

قال مُحمّد بن العبّاس بن عليّ بن مروان المعروف بابن الجحّام:... وروى

حديث فدك من عشرين طريقاً منها:

ما رواه عن مُحمّد بن مُحمّد بن سُليمان الأعبدي،...عن أبي سعيد الخُدري، قال: لمّا نزلت: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) وأعطاها فدكاً.(3)

 9 ـ كشف الغمّة للأربلي.

روى ابن بأبويه مرفوعاً إلى أبي سعيد الخُدري، قال: لمّا نزلت {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة لكِ فدك. وفي رواية اُخرى، عن أبي سعيد (مثله).(4)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تفسير العيّاشي: 2 /310 ح 50، عنه البُرهان: 2/ 415 ح9. وأورده الأربلي في كشف الغمّة: 1 / 476، والهيثمّي في مجمع الزّوائد: 7 / 139، والسّيوطي في الدرّ المنثور: 5 /273.

(2) تفسير القمّي: 380، عنه البحار: 29 / 113 ح 8.

(3)تفسير سعد السّعود: 102.

(4) كشف الغمّة: 1 / 476.


الصفحة 51

10ـ مقتل الحُسين (عليه السلام) للخوارزمي.

بالإسناد عن شيرويه الدّيلمي يرفعه إلى عطيّة، عن أبي سعيد الخُدري، قال: لمّا نزلت آية: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) فأعطاها فدكاً.(1)

 11ـ ميزان الاعتدال للذّهبي.

ـ ذكر حديثاً مُسنداً، وقد صحّحه عن أبي سعيد ـ قال: لمّا نزلت:

{وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ}... وذكر الحديث بعين ما تقدّم عن مقتل الحُسين (عليه السلام) للخوارزمي.(2)

 12 ـ مجمع الزّوائد للهيثمّي.

بالإسناد عن أبي سعيد، قال: لمّا نزلت...وذكر عين ما تقدّم عن المقتل. وقال: رواه الطّبراني.(3)

 13ـ شواهد التّنزيل للحسكاني.

روى الحسكاني بإسناده من عدّة طرق إلى عطيّة العوفي، عن أبي سعيد الخُدري، أنّه قال: لمّا نزلت: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} أعطى رسول الله فاطمة (عليها السلام) فدكاً.(4)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) مقتل الحُسين(عليه السلام): 1/70.

(2) ميزان الاعتدال: 2 / 228 (ط. السّعادة)، عنه كتاب السّبعة من السّلف للفيروزآبادي: 3.

(3) مجمع الزّوائد: 7 / 49 (مكتبة القدس سنة 1352).

(4) شواهد التّنزيل: 1 / 438 ح 467، ورواه فُرات في تفسيره: 239 ح 323، والأسترآبادي في تأويل الآيات الظّاهرة: 1/ 435 ح 5، عنه البحار: 29 / 111 ح 4، والبّرهان: 3 / 264 ح 3.


الصفحة 52

ومن طريق آخر بإسناده إلى أبي سعيد الخُدري، قال: لمّا نزلت هذه الآية {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} دعا النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) وأعطاها فدكاً.(1)

ومن طريق آخر بإسناده إلى أبي سعيد الخُدري، قال: لمّا نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله): {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} دعا فاطمة (عليها السلام) فأعطاها فدكاً والعوالي، وقال: هذا قسم قسمه الله لك ولعقبك.(2)

ومن طريق آخر بإسناده إلى أبان بن تغلب، عن جعفر بن مُحمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحُسين، عن أبيه، عن عليّ (عليه السلام) قال: لمّا نزلت: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) فأعطاها فدكاً.(3)

 14 ـ البداية والنّهاية لابن كثير.

قال الحافظ أبو الفداء الدّمشقي: قال الحافظ أبو بكر ـ يرفعه ـ إلى أبي سعيد، أنّه قال: لمّا نزلت وذكر عين ما تقدّم عن الدرّ المنثور.(4)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) شواهد التّنزيل: 1 / 439 ح 468 ـ 471.

(2) شواهد التّنزيل: 1 / 441 ح 472.

(3) شواهد التّنزيل: 1 / 442 ح 473.

(4) البداية والنّهاية: 3 / 36. قال بعد إيراده للحديث، ما لفظه: هذا الحديث مُشكل، لو صحّ إسناده، بأنّ الآية مكّيّة، وفدك إنّما فتحت مع خيبر لسنة سبع من الهجرة، فكيف يلتئم هذا مع هذا؟ فهو إذاً حديث منكر ! !

أقول: قال المجلسي& في مرآة العُقول: 6 / 268: وقد يستشكل بأنّ سورة الحشر مدنيّة {وَآت ذَا القُربى} في سورة الإسراء، وهي مكّيّة فكيف نزلت بعد الاُولى، مع أنّه معلوم أنّ هذه القضية كانت في المدينة؟

والجواب: إنّ في السّور المكّية قد تكون آية مدنيّة وبالعكس، فإنّ الاسمين مبنيّان على الغالب، ويؤيده أنّ الطّبرسي «رحمه الله» قال في مجمع البيان: 6 / 213: سورة بني إسرائيل (الإسراء) هي مكّية كلّها، وقيل: مكّية إلاّ خمس آيات... وعدّ منها {وَآت ذَا القُربى حَقّهُ}. رواه عن الحسن، وزاد ابن عبّاس ثلاث اُخر وقيل: مكّية إلاّ ثمّان آيات... عن قتادة والمعدّل، عن ابن عبّاس.

وممّا يؤيّد كونها من المُستثنيات ما جاء في تفسير روح المعاني للآلوسي قوله:

إنّها ـ أي، سورة الإسراء ـ سورة مكّية، إلاّ آيتين منها. وقال البيضاوي في تفسيره: السّورة مكّية إلاّ ثمّان آيات. وقال الزّمخشري في الكشاف: مكّية إلاّ الآيات (26، 32، 57).


الصفحة 53

15 ـ الدرّ المنثور للسّيوطي.

وأخرج البزّار، وأبو يعلى، وابن أبي حاتم(1)، وابن مردويه، عن أبي سعيد الخُدري، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) فأعطاها فدكاً.(2)

وأخرج ابن مردويه، عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزلت: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} أقطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) فدكاً.(3)

 16 ـ معارج النّبوّة للكاشفي.

لمّا نزل جبرئيل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله تعالى: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ذو القُربى؟ وما حقّه؟ قال: هو فاطمة فأعطها فدكاً.(4)

 17 ـ مناقب عليّ (عليه السلام) لمُحمّد بن سليمان.

بإسناده إلى إسماعيل السّلمي، عن جعفر بن مُحمّد (عليهما السلام) قال: لمّا نزلت: {وآت ذَا القُربى حَقّهُْ} أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة وابنيها (عليهما السلام) بفدك.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ذكر ابن تيميّة في منهاج السنّة: 7 / 13: أنّ تفسير ابن أبي حاتّم خال من الموضوعات.

(2) الدرّ المنثور: 2 / 158 و ج 5 / 273.

(3) المصدر السّابق.

(4) معارج النبوّة: 1 / 227 (ط. لكنهو) عنه إحقاق الحقّ: 3 / 549.


الصفحة 54

 فقالوا: يا رسول الله! أمرت لهم بفدك؟ فقال: والله، ما أنا أمرت لهم بها، ولكنّ الله أمر لهم بها؛ ثمّ تلا هذه الآية: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ}.(1)

وبإسناده عن طريق آخر إلى أبان بن تغلب، عن جعفر بن مُحمّد (عليهما السلام)، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) فأعطاها فدكاً. قال أبان بن تغلب: قُلت لجعفر بن مُحمّد (عليهما السلام): رسول الله أعطاها؟ قال: بل الله أعطاها.(2)

 18 ـ روح المعاني للآلوسي.

وأخرج البزّار... وذكر عين ما تقدّم عن الدرّ المنثور.(3)

 19 ـ كنز العمّال للمُتقي الهندي.

بالإسناد عن أبي سعيد الخُدري، قال:لمّا نزلت: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} قال النّبيّ (صلى الله عليه وآله):

يا فاطمة لك فدك. قال: وأخرجه الحاكم في تاريخه وابن النجّار.(4)

 20 ـ مُنتخب كنز العمّال.

(مثله).(5)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) مناقب عليّ (عليه السلام): 1 / 35 ح 91.

(2) المصدر السّابق: 6 / 151 ح 674.

(3) روح المعاني: 5 / 58.

(4) كنز العمّال: 2 / 158، و ج3 / 767.

(5) مُنتخب كنز العمّال: 1 / 228 (المطبوع بهامش مسند أحمد بن حنبل).


الصفحة 55

الآية الثّانية: قال تعالى: {فَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السّبيل ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}(1).

ومن المصادر المُصرحة بأنّ هذه الآية الشّريفة نزلت في إعطاء فدك لفاطمة الزّهراء (عليها السلام):

 1ـ مجمع البيان للشّيخ الطّبرسي.

روى أبو سعيد الخُدري وغيره، أنّه لمّا نزلت هذه الآية على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة (عليها السلام) فدكاً وسلّمها إليها; وهو المرويّ عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (عليهما السلام).(2)

 2ـ التّبيان للشّيخ الطّوسي.

مثله.(3)

 3ـ تفسير فُرات الكوفي.

معنعناً عن أبي سعيد الخُدري، قال: لمّا نزلت على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) الآية: {فَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} قال: دعا النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) فأعطاها فدكاً، فقال: هذا لك ولعقبك من بعدك.(4)

 4ـ شواهد التّنزيل للحسكاني.

بإسناده إلى عطاء، عن ابن عبّاس، أنّه قال: لمّا أنزل الله تعالى: {فَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ}

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الرّوم: 38.

(2) مجمع البيان: 8 / 63.

(3) تفسير التبيان: 8 / 253.

(4) تفسير فُرات: 322 ح 437.


الصفحة 56

 دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) وأعطاها فدكاً، وذلك لصلة القرابة… وقوله تعالى: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} يعني، أنت ومن فعل هذا من النّاجين في الآخرة من النّار، الفائزين بالجنّة.(1)

الآية الثّالثة: قال تعالى: {ما أفاءَ اللهُ عَلَى رَسُوله منُهم فَمَا أوجفَتُم عَلَيه من خَيل وَلا ركاب وَلكنّ اللهَ يُسَلّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشاء وَاللهُ عَلَى كُلّ شيء قديرٌ * مَا أفَاء اللهُ عَلَى رَسُوله من أهل القُرَى فَلله وَللرسُول وَلذي القُربى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكين وَابن السّبيل كي لا يَكُونَ دُولةً بَينَ الأغنياءَ منكُم وَمَا ءاَتَاكُمُ الرّسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا وَاتّقُوا اللهَ إنّ اللهَ شَديدُ العقَاب}(2).

فمن المصادر المُصرّحة بنزول هذه الآية الكريمة بشأن فدك وإعطائها إلى سيّدة نساء العالمين فاطمة الزّهراء (عليها السلام):

 1ـ تفسير فُرات الكوفي.

حدّثنا زيد بن مُحمّد بن جعفر العلوي، قال: حدّثنا مُحمّد بن مروان، عن عبيد بن يحيى، عن مُحمّد بن عليّ بن الحُسين (عليهما السلام) قال: لمّا نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) شدّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) سلاحه، وأسرج دابّته، وشدّ عليّ (عليه السلام) سلاحه وأسرج دابّته، ثمّ توجّها في جوف الليل، وعليّ (عليه السلام) لا يعلم حيث يريد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى انتهيا إلى فدك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

ـــــــــــــــــــــــ

(1) شواهد التّنزيل: 1 / 570 ح 608، عنه إحقاق الحقّ: 14 / 618.

(2) الحشر: 6 ـ 7.


الصفحة 57

 يا عليّ تحملني أو أحملك؟ قال عليّ (عليه السلام): أحملك يا رسول الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عليّ، بل أنا أحملك، لأنّي أطول بك ولا تطول بي. فحمل عليّاً (عليه السلام) على كتفيه، ثمّ قام به، فلم يزل يطول به حتّى علا على سور الحصن، فصعد عليّ (عليه السلام) على الحصن، ومعه سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأذّن على الحصن وكبّر فابتدر أهل الحصن إلى باب الحصن هرباً، حتّى فتحوه وخرجوا منه، فاستقبلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجمعهم، ونزل عليّ (عليه السلام) إليهم، فقتل عليّ ثمّانية عشر من عظمائهم وكبرائهم، وأعطى الباقون بأيديهم، وساق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذراريهم ومن بقي منهم، وغنائمهم يحملونها على رقابهم إلى المدينة. فلم يوجف فيها غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهي له ولذرّيته خاصّة دون المؤمنين.(1)

2ـ الخرائج والجرائح للرّاوندي.

روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج في غزاة، فلمّا انصرف راجعاً نزل في بعض الطّريق، فبينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يطعم والنّاس معه، إذ أتاه جبرئيل، فقال: يا مُحمّد، قُمّ فاركب. فقام النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فركب وجبرئيل معه، فطويت له الأرض كطيّ الثّوب، حتّى انتهى إلى فدك. فلمّا سمع أهل فدك وقع الخيل، ظنّوا أنّ عدوّهم قد جاءهم، فغلّقوا أبواب المدينة، ودفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت لهم خارج المدينة، ولحقوا برؤوس الجبال. فأتى جبرئيل العجوز حتّى أخذ المفاتيح، ثمّ فتح أبواب المدينة، ودار النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في بيوتها وقراها، فقال

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تفسير فُرات: 473 ح 619، عنه البحار: 29 / 109 ح 3.


الصفحة 58

 جبرئيل: يا مُحمّد، هذا ما خصّك الله به وأعطاكه دون النّاس، وهو قوله تعالى: {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُربى} في قوله: {وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء} ولم يعرف المُسلمون، ولم يطأوها، ولكنّ الله أفاءها على رسوله، وطوّف به جبرئيل في دورها وحيطانها، وغلّق الباب، ودفع المفاتيح إليه، فجعلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غلاف سيفه، وهو معلّق بالرّحل، ثمّ ركب، وطويت له الأرض كطيّ الثّوب، ثمّ أتاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم على مجالسهم، ولم يتفرّقوا ولم يبرحوا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد انتهيت إلى فدك، وإنّي قد أفاءها الله عليّ، فغمز المُنافقون بعضهم بعضاًّ! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذه مفاتيح فدك! ثمّ أخرجها من غلاف سيفه، ثمّ ركب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وركب معه النّاس، فلمّا دخل المدينة، دخل على فاطمة (عليها السلام)، فقال: يا بنيّة، إنّ الله قد أفاء على أبيك بفدك، واختصّه بها، فهي له خاصّة دون المُسلمين، أفعل بها ما أشاء، وإنّه قد كان لاُمّك خديجة على أبيك مهر، وإنّ أباك قد جعلها لك بذلك وأنحلتكيها لك، ولولدك بعدك. قال: فدعا بأديم، ودعا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: اكتب لفاطمة (عليها السلام) بفدك نحلة من رسول الله، فشهّد على ذلك عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ومولى لرسول الله، واُمّ أيمن. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ اُمّ أيمن امرأة من أهل الجنّة. وجاء أهل فدك إلى النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فقاطعهم على أربعة وعشرين ألف دينار في كُلّ سنة.(1)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الخرائج والجرائح: 1 / 112 ح 187، عنه البحار: 29 / 114 ح 10.


الصفحة 59

3ـ تفسير الرّازي.

قال الفخر الرّازي في قوله تعالى: {وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ...} ومعنى الآية أنّ الصّحابة طلبوا من الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أن يقسّم الفيء بينهم كما قسّم الغنيمة بينهم! فذكر الله الفرق بين الأمرين، وهو أنّ الغنيمة ما أتعبتم أنفسكم في تحصيلها، وأوجفتم عليها الخيل والرّكاب بخلاف الفيء، فإنّكم ما تحمّلتم في تحصيله تعباً، فكان الأمر فيه مفوّضاً إلى الرّسول يضعه حيث يشاء... وذكر المُفسرون ههنا وجهين: الأوّل: إنّ هذه الآية ما نزلت في قرى بني النّضير؛ لأنّهم أوجفوا عليهم بالخيل والرّكاب وحاصرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمُسلمون، بل هو في فدك، وذلك لأنّ أهل فدك انجلوا عنه، فصارت تلك القُرى والأموال في يد الرّسول (صلى الله عليه وآله) من غير حرب، فكان عليه الصّلاة والسّلام يأخذ من غلّة فدك نفقته ونفقة من يعوله، فلمّا مات ادّعت فاطمة (عليها السلام) أنّه كان ينحلها فدكاً....(1)

أقول: يطول بنا المقام إذا أتينا على جميع الأحاديث المُتعرّضة لهذا الموضوع، فقد أجمعت تفاسير الشّيعة، وتظافرت رواياتها بأسانيد مُتكثّرة مُعتبرة، وألفاظ مُختلفة بأنّ فدكاً هي ممّا أفاءه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ بأمر من البارئ عزّ وجلّ ـ على فاطمة (عليها السلام) وولدها، لذا نكتفي بما أوردناه من روايات الفريقين، ففيه كفاية لمن رام الحقيقة وتجرّد عن العصبية. ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تفسير الرّازي: 29 / 283 (ط3 ـ دار إحياء التّراث العربي. بيروت)

 

 

 

 

التالي

السابق