التالي

السابق

ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام ـ ط 4

 

 

 

الصفحة 109

خُطبة اُخرى لفاطمة الزّهراء (عليها السلام) في شأن فدك

1- الأمالي للشّيخ الطّوسي.

قال: هذا حديث وجدته بخطّ بعض المشايخ «رحمهم الله» ذكر أنّه وجده في كتاب لأبي غانم المُعلّم الأعرج، وكان مسكنه بباب الشّعير، وجد بخطّه على ظهر كتاب له حين مات، وهو: إنّ عائشة بنت طلحة(1) دخلت على فاطمة (عليها السلام) فُراتها باكية، فقالت لها: بأبي أنتِ وأُمّي، ما الّذي يبكيك؟ فقالت لها صلوات الله عليها:

أسألتي عن هنة حلّق بها الطّائر، وحفي بها السّائر، ورفع إلى السّماء أثراً، ورزئت في الأرض خبراً، أنّ قحيف تيم، واُحيوك عديّ جاريا أبا الحسن في السّباق، حتّى إذا تقرّبا بالخناق، أسرّا له الشّنآن وطوياه الإعلان; فلمّا خباً

ــــــــــــــــــــــــ

(1) أقول: الحديث مُرسل ـ كما ترى ـ رواه شيخ الطّائفة على ما وجده، وهو لا يخلو من سقط أو تصحيف، فعائشة بنت طلحة بن عبيد الله التّميمية هي بنت أُمّ كلثوم، أخت عائشة بنت أبي بكر، وهي تروي عن خالتها عائشة، وبقيت إلى قريب من سنة 110هـ بالمدينة، ويستبعد روايتها بالمُباشرة عن سيّدة نساء العالمين فاطمة الزّهراء÷. فضلاً عن دخولها عليها.... فتدبّر.


الصفحة 110

نور الدّين، وقبض النّبيّ الأمين، نطقا بفورهما، ونفثا بسورهما، وأدالا بفدك، فيا لها لمن ملك، تلك أنّها عطيّة الرّبّ الأعلى للنّجيّ الأوفى، ولقد نحلنيها للصّبية السّواغب من نجله ونسلي، وإنّها ليعلم الله وشهادة أمينه، فإن انتزعا منّي البلغة، ومنعاني اللمظة، واحتسبتها يوم الحشر زلفة، وليجدنّها آكلوها ساعرة حميم، في لظى جحيم.(1)

ــــــــــــــــــــــــ

(1) الأمالي: 1/204 ح350، وأورده عليّ أكبر محلاتي في رياحين الشّريعة:2/41، عنهما كتاب فاطمة بهجة قلب المُصطفى (صلى الله عليه وآله):283ح42.


الصفحة 111

ردّ أبي بكر على فاطمة الزّهراء (عليها السلام)

ذكرت جُملة من المصادر الكلام الذي تفوه به الأوّل إعتراضاً على سيّدة نساء العالمين، فاطمة الزّهراء (عليها السلام)،منها:

1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المُعتزلي.

ذكر ابن أبي الحديد المُعتزلي، ضمن كلامه في فدك السّير والأخبار.

الفصل الأوّل: فيما ورد من الأخبار والسّير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكُتبهم، لامن كتب الشّيعة ورجالهم، لأنّا مشترطون على أنفسنا ألاّ نحفل بذلك، وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد ابن عبد العزيز الجوهري في السّقيفة وفدك، وما وقع من الاختلاف والاضطراب عقب وفاة النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وأبو بكر هذا عالم مُحدّث، كثير الأدب، ثقة ورع، أثنى عليه المُحدثون، ورووا عنه مُصنفاته....

قال أبو بكر: وحدّثني مُحمّد بن زكريا، قال: حدّثنا جعفر بن مُحمّد ابن عمارة، بالإسناد الأوّل، قال: فلمّا سمع أبو بكر خُطبتها، شقّ عليه مقالتها، فصعد المنبر، وقال: أيّها النّاس، ما هذه الرّعة إلى كُلّ قالة! أين كانت هذه


الصفحة 112

الأماني في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ألا من سمع فليقل، ومن شهد فليتكلّم، إنّما هو ثعالة شهيده ذنبه، مُربّ لكُلّ فتنة، هو الّذي يقول: كرّوها جذعة بعدما هرمت، يستعينون بالضّعفة، ويستنصرون بالنّساء، كاُمّ طحال أحبّ أهلها إليها البغي!! ألا إنّي لو أشاء أن أقول لقلت، ولو قُلت لبحت، إنّي ساكت ما تركت. ثمّ التفت إلى الأنصار، فقال: قد بلغني يا معشر الأنصار، مقالة سُفهائكم، وأحقّ من لزم عهد رسول (صلى الله عليه وآله) أنتم، فقد جاءكم فآويتم ونصرتم، ألا إنّي لست باسطاً يداً ولا لساناً على من لم يستحقّ ذلك منّا.ثمّ نزل، فانصرفت فاطمة (عليها السلام) إلى منزلها، قُلت ـ يعني ابن أبي الحديد ـ: قرأت هذا الكلام على النّقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري، وقُلت له: بمن يُعرّض؟ فقال: بل يصرّح. قُلت: لو صرّح لم أسألك. فضحك، وقال: بعليّ بن أبي طالب (عليه السلام)! قُلت: هذا الكلام كلّه لعليّ يقوله؟ قال: نعم، إنّه الملك يا بنيّ! قُلت: فما مقالة الأنصار؟ قال: هتفوا بذكر عليّ، فخاف من اضطراب الأمر عليهم فنهاهم. فسألته عن غريبه، فقال: أمّا الرّعة ـ بالتّخفيف ـ أي، الاستماع والإصغاء. والقالة: القول. وثعالة: اسم الثّعلب، علم غير مصروف، ومثل ذؤالة للذّئب. وشهيده ذنبه: أي، لا شاهد له على ما يدّعي إلاّ بعضه وجزء منه، وأصله مثل، وقالوا: إنّ الثّعلب أراد أن يغري الأسد بالذّئب، فقال: إنّه قد أكل الشّاة الّتي كنت قد أعددتها لنفسك، وكنت حاضراً. قال: فمن يشهد لك بذلك؟ فرفع ذنبه وعليه دم، وكان الأسد قد افتقد الشّاة، فقبل شهادته، وقتل الذّئب. ومُربّ: ملازم، أربّ بالمكان.


الصفحة 113

وكرّوها جذعة: أعيدوها إلى الحال الاُولى، يعني الفتنة والهرج. واُمّ طحال: امرأة بغيّ في الجاهليّة، ويضرب بها المثل، فيقال: أزنى من اُمّ طحال.(1)

أقول: الإستبداد والظّلم والطّغيان يجرّ صاحبه عن جادّة الحقّ المُبين ويفحمه في زُمرة الجهل المشين، فهذا الأوّل يشّبه أميرالمؤمنين (عليه السلام) ـ الّذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) «اللّهمّ أدر الحقّ معه حيث دار» وغيره من النّصوص المُتواترة القطعيّة - بما ذكره من تعابير تكشف عن جاهليّته وسوئه، وكذلك تشبيهه بضعة المُصطفى (صلى الله عليه وآله) وروحه الّتي بين جنبيه، وثمّرة فؤاده، وفلذة كبده بما صوّره من ذنب الثّعلب!! فإلى الله ورسوله المُشتكى; وبعد هذا كُلّه، وقد بلغوا قمّة الصّلف والتّجبّر، ومُنتهى العتوّ والجرأة على الله ورسوله، ترى فهل يمنعهم مانع أو يردعهم شيء عن ارتكاب الجرائم البشعة بحقّ فاطمة الزّهراء (عليها السلام)؟! من احراق باب دارها، وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها وما إلى ذلك؟ ولك أخي القارىء أن تجيب وتنصف!

ــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح النّهج: 16/214-215.


 الصفحة 114

 


الصفحة 115

ردّ اُمّ سلمة(رضي الله عنها) على خُطبة أبي بكر

1- الدّرّ النّظيم للشّيخ جمال الدّين الشّامي.

 قال بعد خُطبة فاطمة (عليها السلام) في المسجد، وكلام أبي بكر: فقالت اُمّ سلمة رضي الله عنها، حين سمعت ما جرى لفاطمة (عليها السلام): ألمثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا القول؟! هي ـ والله ـ الحوراء بين الإنس، والنّفس للنّفس، ربّيت في حُجور الأتقياء، وتناولتها أيدي الملائكة، ونمت في حجور الطّاهرات، ونشأت خير نشأة، وربّيت خير مربّى; أتزعمون أنّ رسول الله حرّم عليها ميراثها ولم يُعلمها، وقد قال الله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}(1)؟! أفنذرها وخالفت مُتطلّبه، وهي خيرة النّسوان، واُمّ سادة أشبال، وعديلة مريم، تمّت بأبيها رسالات ربّه. فوالله، لقد كان يشفق عليها من الحرّ والقرّ، ويوسّدها يمينه، ويلحفها بشماله، رويداً ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بمرأى منكُم، وعلى الله تردون، وآهاً لكم! فسوف تعلمون. قال: فحرُمت عطاؤها تلك السنّة.(2)

ــــــــــــــــــــــــ

(1) الشّعراء: 214.

(2) عن كتاب فاطمة من المهد إلى اللحد: 504 ـ 506.

 

 

 

 

التالي

السابق