وروح الحياة لا يخرج إلاّ بالموت . إنتهى ملخّصاً(1).
في رسالة الإهليلجة الّتي كتبها الإمام الصّادق (عليه السلام)للمفضّل بن عمر الجعفي يبيّن فيها احتجاجه على الطبيب الهندي قال: إنّ الحواسّ لا تعرف شيئاً إلاّ بالقلب، فهل رأيت في المنام أنـّك تأكل وتشرب حتّى وصلت لذّة ذلك إلى قلبك ؟ قال: نعم. قلت: فهل رأيت أنـّك تضحك وتبكي وتجول في البلدان الّتي لم ترها والّتي قد رأيتها حتّى تعلم معالم ما رأيت منها؟ قال: نعم، ما لا اُحصي .
قلت: هل رأيت أحداً من أقاربك من أخ أو أب أو ذي رحم قد مات قبل ذلك حتّى تعلمه وتعرفه كمعرفتك إيّاه قبل أن يموت ؟ قال: أكثر من الكثير . قلت. فأخبرني أيّ حواسّك أدرك هذه الأشياء في منامك حتّى دلّت قلبك على معاينة الموتى وكلامهم وأكل طعامهم، والجولان في البلدان، والضحك والبكاء وغير ذلك؟ قال: ما أقدر أن أقول لك أيّ حواسّي أدرك ذلك أو شيئاً منه . وكيف تدرك وهي بمنزلة الميّت لا تسمع ولا تبصر؟
قلت: فأخبرني حيث استيقظت ألست قد ذكرت الّذي رأيت في منامك تحفظه وتقصّه بعد يقظتك على إخوانك لا تنسى منه حرفاً؟ قال: إنّه كما تقول، وربما رأيت الشيء في منامي ثمّ لا اُمسي حتّى أراه في يقظتي كما رأيته في منامي .
قلت: فأخبرني أيّ حواسّك قرّرت علم ذلك في قلبك حتّى ذكرته بعد ما استيقظت؟ قال: إنّ هذا الأمر ما دخلت فيه الحواسّ . قلت: أفليس ينبغي لك أن تعلم حيث بطلت الحواسّ في هذا، أنّ الّذي عاين تلك الأشياء وحفظها في منامك قلبك الّذي جعل الله فيه الّذي احتجّ به على العباد ؟ قال: إنّ الّذي رأيت في منامي ليس بشيء إنّما هو بمنزلة السراب الّذي يعاينه صاحبه وينظر إليه لا يشكّ فيه أنـّهماء، فإذا انتهى إلى مكانه لم يجده شيئاً، فما رأيت في منامي في هذه المنزلة .
(1) ط كمباني ج 14/399، وجديد ج 61/43 .