اقول : هذه الرواية تدل على غاية حبه « ص » لعلي وكمال علاقته به ، والسؤال والاعطاء والسكوت والابتداء تشمل جميع الموارد من المال والعلم والحكمة وحوائج اخرى .
    وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
    خصائص النسائي : كما في الترمذي (1) .
    الطبقات : قيل لعلي : مالك اكثر اصحاب رسول الله « ص » حديثا ؟ فقال إني كنت اذا سألته أنبأني واذا سكت ابتدأني (2) .
    اقول : يريد أن النبي « ص » له توجه مخصوص وتعمد في تعليمي والمذاكرة معي قبل أن يكون سؤال من جانبي .

*   *   *

« مبيته على فراش رسول الله « ص » »
    هذا اول مقام المبارزة في تاريخ الاسلام ، وفي هذه المبارزة كان علي « ع » وحيدا ، وقد ثبت واستقام وشرى نفسه في نجاة رسول الله « ص » وسلامته ، وفي نجاته رضوان الله تعالى ، وهذا اول القدم وآخر القدم .
    إمتاع الأسماع : فلما كان العتمة اجتمعوا على باب رسول الله « ص » يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه . فلما رآهم « ص » أمر علي بن أبي طالب « رض » أن ينام على فراشه ويتّشح ببرده الحضرمي الأخضر وأن يؤدي عنه ما عنده من الودائع والأمانات ونحو ذلك ، فقام علي مقامه وغطى ببرد اخضر ، فكان اول من شرى نفسه ، وفيه نزلت « ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله » (3) .
    مستدرك الحاكم : عن ابن عباس قال : شرى علي نفسه ولبس ثوب النبي « ص » ثم نام مكانه ، وكان المشركون يرمون رسول الله « ص » وقد كان رسول الله « ص » ألبسه برده وكانت قريش تريد أن تقتل النبي « ص » فجعلوا
1 ـ خصائص النسائي ص 21 .
2 ـ الطبقات ج 2 ص 338 .
3 ـ إمتاع الاسماع ج 1 ص 39 .



62
يرمون عليا ويرمونه النبي « ص » وقد لبس برده ، وجعل علي ( رض ) يتضور ، فاذا هو علي ، فقالوا انك للئيم انك لتتضور وكان صاحبك لا يتضور ولقد استنكرناه منك (1) .
    ويروى أيضا : عن علي بن الحسين قال : ان أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله علي بن أبي طالب ، وقال علي عند مبيته على فراش رسول الله « ص » .

وقيت بنفسي خير من وطئ الحصـى رسول إله خــاف أن يمكــروا به وبات رسول الله في الغـار آمنــا وبتّ اراعيهــم ولم يُتهمونـنــي ومن طاف بالبيت العتيـق وبالحجر فنجاه ذوا الطــول الإله من المكر موقــى وفي حفظ الإله وفي ستر وقد وطنت نفسي على القتل والأسر

    أقول التضور بمعنى التلوي والانعطاف . والاتشاح : اللبس بالثوب .
    مسند أحمد : عن ابن عباس : تشاورت قريش ليلة بمكة ، فقال بعضهم : اذا أصبح فأثبتوه بالوثاق ، وقال بعضهم : بل اقتلوه ، وقال بعضهم : بل أخرجوه فاطلع الله عزوجل نبيه على ذلك ، فبات علي على فراش رسول الله « ص » تلك الليلة وخرج النبي « ص » حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي . فلما أصبحوا ثاروا إليه ، فلما رأوا عليا رد الله مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك ؟ قال : لا أدري . فاقتصّوا أثره (2) .
    السيرة النبوية : أما علي فإن رسول الله « ص » فيما بلغني أخبره بخروجه ، وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدّي عن رسول الله « ص » الودائع التي كانت عنده للناس ، وكان رسول الله « ص » ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه الا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وامانته « ص » .
    اقول : يكشف هذا عن شدة اعتماد رسول الله « ص » عليه ، وكما اطمينانه
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 4 .
2 ـ مسند أحمد ج 1 ص 384 .
3 ـ السيرة النبوية ج 2 ص 129 .



63
الى امانته ، ونهاية وثوقه بقوله وعمله ، حيث اعتمد عليه في ثلاث موضوعات مهمة
    اعتمد عليه في اخفاء سره من الهجرة .
    اعتمد عليه في المبيت على فراشه .
    اعتمد عليه في توديع أماناته المخصوصة المهمة .
    وكل واحد منها مساو حياة رسول الله « ص » .

« أمر رسول الله « ص » بحبه »
    كان رسول الله « ص » يحب عليا حبا شديدا ، بحيث كان يأمر الناس بحبه ، ويقول : ان الله أمرني بحبه ، ومن أحبه فقد أحبني ، ومن يريد ان يحيى محياي فليتول عليا ، ولا يحب عليا منافق .
    تهذيب ابن عساكر : عن ابن عباس ، قال رسول الله « ص » : حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب (1) .
    عقد الفريد : عن عايشة قالت : ما رأيت رجلا أحب الى الله « ص » من علي ولا رأيت امرأة كانت احب اليه من امرأته (2) .
    ابن ماجة قال علي : عهد اليّ النبي الأمي « ص » انه لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق (3) .
    مسند احمد : ما يقرب عنها (4) .
    سنن الترمذي : عن ابي سعيد الخدري قال : ان كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب (5) .
1 ـ تهذيب ابن عساكر ج 4 ص 159 .
2 ـ عقد الفريد ج 4 ص 312 .
3 ـ ابن ماجة ح 1 ص 55 .
4 ـ مسند أحمد ج1 ص 84 .
5 ـ سنن الترمذي ص 532 .



64
ويروى أيضا : عن ام سلمة قالت : كان رسول الله « ص » يقول لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن .
    خصائص النسائي : يروي روايات قريبة من ابن ماجة (1) .
    المحاسن للبيهقي : عن ام سلمة ، قال رسول الله « ص » : لا يحب عليا منافق ولا يبغض عليا مؤمن (2) .
    مستدرك الحاكم : عن ابي ذرّ قال : ما كنا نعرف المنافقين الا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات والبغض لعلي بن أبي طالب « رض » (3) .
    اقول : لما كان علي « ع » مظهر الحق والدين ، مظهر كلمات الله التامات ، مظهر صفات الله وأسمائه ، مظهر صفات خاتم النبيين ولا يزال ، كان مع الحق والحق معه ، وكان مع القرآن والقرآن معه : فلا ريب ان المنافقين يخالفونه ويبغضونه . فإنه حق صريح وصدق خالص ، لا يوافقه الا مؤمن .
    في الاستيعاب : وروى طائفة من الصحابة ان رسول الله « ص » قال لعلي « رض » : لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق . وكان علي « رض » يقول : والله انه لعهد النبي الأمي انه لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق (4) .
    ويروى : عن جابر قال : ما كنا نعرف المنافقين الا ببغض علي بن أبي طالب « رض » (5) .
    مستدرك الحاكم : عن النهدي قال : قال رجل لسلمان : ما أشد حبك لعلي ؟ قال : سمعت رسول الله « ص » يقول : من أحب عليا فقد أحبّني ومن أبغض عليا فقد أبغضني (6) .
1 ـ خصائص النسائي ص 19 .
2 ـ المحاسن للبيهقي ص 41 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 129 .
4 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1110 .
5 ـ نفس المصدر ص 1110 .
6 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 130 .



65
    ويروى : عن بريدة قال ، قال رسول الله « ص » : إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي وأخبرني انه يحبهم ، قال : قلنا من هم يا رسول الله ؟ وكنا نحب أن نكون منهم ، فقال : الا أن عليا منهم ، ثم سكت ثم قال أما أن عليا منهم ثم سكت .
    أقول : يفسّر هذه الرواية ما في الكنى للبخاري وسنن الترمذي ؛ وفيه : ان عليا منهم وسلمان الفارسي وابا ذر والمقداد بن الأسود الكندي (1) .
    تهذيب ابن عساكر : عن أنس قال : والله الذي لا اله الا هو لسمعت رسول الله « ص » يقول ـ عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب (2) .
    ويروى في منتخب كنز العمال : عن ابن عباس ما ثبّت الله حب علي في قلب مؤمن فزلت به قدم الا ثبت الله قدميه يوم القيامة على الصراط (3) .
    مستدرك الحاكم : عن زيد بن ارقم قال : قال رسول الله « ص » : من يريد أن يحيى حياتي ويموت موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب ، فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة . هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (4) .
    الكنى للبخاري : عن ام عطية ، ان النبي « ص » بعث عليا في سرية فسمعته يقول : لا تمتني حتى تُريني عليا (5) .
    سنن الترمذي : مثلها ، وفيها : فسمعت رسول الله « ص » وهو رافع يديه يقول : اللهم ... الرواية (6) .
    اقول : ويستفاد من هذه الأحاديث امور :
    1 ـ قول رسول الله « ص » من أحب عليا فقد أحبني .
    2 ـ قوله « ص » من أبغض عليا فقد أبغضني .
1 ـ الكنى للبخاري ص 31 وسنن الترمذي ص 534 .
2 ـ تهذيب ابن عساكر ج 1 ص 454 .
3 ـ منتخب كنز العمال ج 5 ص 34 .
4 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 128 .
5 ـ الكنى للبخاري ص 20 .
6 ـ سنن الترمذي ص 536 .



66
3 ـ قوله « ص » ان الله أمره بحبه .
    4 ـ قوله « ص » لا يحبه الا مؤمن ولا يبغضه الا منافق .
    5 ـ قوله « ص » من أراد أن يحيى حياتي ويموت موتي فليتول علي بن أبي طالب (ع) .
    6 ـ قوله « ص » لن يُخرجكم من هدى ولم يُدخلكم في ضلالة .
    7 ـ قوله « ص » لا تُمِتني حتى تُريني عليا .
    وهذا يدل على نهاية محبة رسول الله « ص » وعلاقته به .

« حديث الطير »
    سنن الترمذي : عن انس قال : كان عند النبي « ص » طير فقال اللهم ائتني بأحب خلقك اليك يأكل معي هذا الطير فجاء علي فأكل معه (1) .
    خصائص النسائي : مثلها ، وفيها فجاء ابو بكر فرده ثم جاء عمر فردّه ، ثم جاء علي فأذن له (2) .
    مستدرك الحاكم : عن أنس قال : كنت أخدم رسول الله « ص » فقدم لرسول الله « ص » فرخ مشويّ ، فقال اللهم ائتني بأحب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطير قال : فقلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي « رض » فقلت : ان رسول الله « ص » على حاجة ، ثم جاء فقال رسول الله « ص » : افتح ، فدخل ، فقال رسول الله « ص » : ما حسبك علي ؟ فقال ان هذه آخر ثلاث كرات يردّني انس يزعم انك على حاجة ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ فقلت يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت ان يكون رجلا من قومي فقال رسول الله « ص » : ان الرجل قد يُحبّ قومه (3) .
1 ـ سنن الترمذي ص 534 .
2 ـ خصائص النسائي ص 4 .
3 ـ مستدر الحاكم ج 3 ص 130 .



67
    هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
    وقد رواه عن انس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفسا .
    ثم يروى : عن ثابت أن انس بن مالك كان شاكيا فأتاه محمد بن الحجاج يعودهفي أصحاب له ، فجرى الحديث حتى ذكروا عليا « رض » فتنقصه محمد بن الحجاج ، فقال انس : من هذا ؟ أقعدوني ! فأقعدوه فقال : يا ابن الحجاج ألا أراك تنقص علي بن أبي طالب ، والذي بعث محمدا « ص » بالحق ، لقد كنت خادم رسول الله « ص » بين يديه ، وكان كل يوم يخدم بين يدي رسول الله « ص » غلام من أبناء الأنصار ، فكان ذلك اليوم يومي فجاءت ام أيمن مولاة رسول الله « ص » بطير فوضعته بين يدي رسول الله « ص » ، فقال رسول الله « ص » : يا ام أيمن ما هذا الطائر ؟ قالت : هذا الطائر أصبته فصنعته لك ، فقال رسول الله « ص » : اللهم جئني بأحب خلقك اليك واليّ يأكل معي من هذا الطائر وضُرب الباب ، فقال رسول الله « ص » : يا أنس انظر من على الباب ، قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فذهبت فاذا عليّ بالباب ... الحديث (1) .
    1 ـ انه احب الناس عند الله وعند رسوله « ص » .
    2 ـ رد ابي بكر وعمر ، والإذن له « ع » .
    3 ـ شدة محبة رسول الله « ص » له بحيث لم يهنأ له الطير حتى دعا أن يحضر عنده .

*   *   *

« رد الشكوى عن علي « ع » »
    ان بعض الصحابة لما رأوا شدة محبة النبي « ص » لعلي « ع » كبر ذلك عندهم ، وكانوا يطلبون الفرصة لينالوا من ه ، وكان رسول الله « ص » يغضب من قولهم يرد كلامهم بخطاب شديد .
1 ـ مستدرك الحاكم ص 131 .


68
    مسند أحمد : عن بريدة قال : بعثنا رسول الله « ص » في سريّة ، فلما قدمنا قال : كيف رأيتم صحابة صاحبكم ؟ قال : فاما شكوته أو شكاه غيري ، قال : فرفعت رأسي وكنت رجلا مكبابا ، قال : فاذا النبي « ص » قد احمر وجهه وهو يقول من كنت وليه فعلي وليه (1) .
    ويروى : عن بريدة ، انه مر على مجلس وهم ينالون من عليّ فوقف عليهم فقال : انه قد كان في نفسي على عليّ شيء وكان خالد بن الوليد كذلك ، فبعثني رسول الله « ص » في سرية عليها علي ، وأصبنا سبيا ، فأخذ علي جارية من الخمس لنفسه ، فلما قدمناه ... الرواية (2) .
    سنن الترمذي : عن البراء بعث النبي « ص » جيشين وأمّر على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد ، وقال : اذا كان القتال فعلي ، قال : فافتتح عليّ حصنا فأخذ منه جارية ، فكتب معي خالد كتابا الى النبي « ص » يشي به ، قال : فقدمت على النبي « ص » فقرأ الكتاب فتغير لونه ثم قال : ما ترى في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال : قلت اعوذ بالله غضب الله ومن غضب رسوله وإنما أنا رسول ، فسكت (3) .
    خصائص النسائي : عن عمران قال : جهّز رسول الله « ص » جيشا واستعمل عليه علي بن أبي طالب ، فمضى في السرية فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد اربعة من اصحاب رسول الله « ص » اذا بُعثنا الى رسول الله « ص » أخبرناه ما صنع ، وكان المسلمون اذا رجعوا من سفر بدؤوا برسول الله « ص » فسلموا عليه فانصرفوا الى رحالهم ، فلما قدمت السرية فسلموا على النبي « ص » فقام احد الأربعة فقال : يا رسول الله ألم تر أن علي بن أبي طال صنع كذا وكذا فأعرض عنه رسول الله « ص » ثم قام الثاني ... فأقبل اليهم رسول الله « ص » والغضب يبصر في وجهه ، فقال : ما تريدون من علي ان عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن
1 ـ مسند أحمد ج 5 ص 350 .
2 ـ مسند أحمد ج 5 ص 358 .
3 ـ سنن الترمذي ص 534 .



69
بعدي (1) .
    ويروى ايضا عن بريدة قال : بعثنا رسول الله « ص » الى اليمن مع خالد بن الوليد وبعث عليا رضي الله عنه على جيش آخر ، وقال ان التقيتما فعلي « كرّم الله وجهه » على الناس ، وان تفرّقتما فكل واحد منكما على جنده ، فلقينا بني زبيد من أهل اليمن وظفر المسلمون على المشركين فقاتلنا المقاتلة وسبينا الذرية ، فأصطفى علي جارية لنفسه من السبي ، وكتب بذلك خالد بن الوليد الى النبي « ص » وأمرني أن أنال منه ، قال : فدفعت الكتاب اليه ونلت من عليّ رضي الله عنه ، فتغير وجه رسول الله « ص » وقال لا تُبغضن يا بريدة لي عليا فإن عليا مني وأنا منه وهو وليكم بعدي (2) .
    وفي مسند احمد قريبا منها (3) .
    مسند احمد وخصائص النسائي : عن عمرو بن ميمون قال : اني لجالس الى ابن عباس اذ أتاه تسعة رهط ، فقالوا يا ابن عباس إما أن تقوم معنا وإما ان تخلّونا هؤلا ء ؟ قال : فقال ابن عباس : بل أقوم معكم ، قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يَعمى ، قال : فابتدؤوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا ، قال فجاء وهو ينفض ثوبه وهو يقول : اف وتفّ وقعوا في رجل له عشر : وقعوا في رجل قال له رسول الله « ص » : لأبعثنّ رجلا يحب الله ورسوله لا يخزيه الله أبدا قال : فاستشرف لها من استشرف ، فقال أين ابن أبي طالب ؟ قيل هو في الرحى يطحن ، قال : ما كان أحدكم ليطحن ، قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد يُبصر فتفل في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فدفعها اليه فجاء بصفية بنت حييّ . وبعث ابا بكر بسورة التوبة ، وبعث عليا خلفه فأخذها منه ، فقال : لا يذهب بها الا رجل مني وانا منه . قال : وقال لبني عمه ايكم يواليني في الدنيا والآخرة قال : وعليّ معه جالس ، فقال عليّ أنا اواليك في الدنيا والآخرة . قال ، وكان اول من اسلم
1 ـ خصائص النسائي ص 16 .
2 ـ نفس المصدر ص 17 .
3 ـ مسند أحمد ج 5 ص 356 .



70
من الناس بعد خديجة . قال : وأخذ رسول الله « ص » ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال : إنما يُري الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . وشرى عليّ نفسه ، لبس ثوب النبي « ص » ثم نام مكانه ، قال : وكان المشركون يَرمون رسول الله « ص » فجاء أبو بكر ولعي نائم ، قال : وأبو بكر يحسبه أنه نبي الله ، قال : فقال له علي أن نبي الله « ص » قد انطلق نحو بئر ميمونة فأدركه ، قال فانطلق ابو بكر فدخل معه الغار ، قال وجعل عليّ نرمي بالحجار كما كان يرمي نبي الله وهو يتضوّر قال لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه ، فقالوا أنك للئيم كان صاحبك نرميه فلا يتضور وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك . قال : وخرج بالناس في غزوة تبوك ، قال ، فقال له علي أخرج معك ؟ فقال له نبي الله : لا ، فبكى علي فقال له أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنك لست بنبي ، انه لا ينبغي أن اذهب الا وانت خليفتي ، قال ، وقال له رسول الله « ص » : أنت وليي في كل مؤمن بعدي . قال ، وسد ابواب المسجد غير باب علي ، قال ، فقال : فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره . قال ، وقال : من كنت مولا فإن مولاه علي .
    قال : واخبرنا الله عز وجل في القرآن قد رضى عنهم عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم هل حُدثنا انه سخط عليهم بعد ؟ قال ، وقال نبي الله « ص » لعمر حين قال ائذن لي فلأضرب عنقه قال أو كنت فاعلا وما يدريك لعل الله قد اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما ئتم (1) .
    اقول : يستكشف من هذه الرواية مقامات ثابتة لعلي « ع » :
    1 ـ انه يحب الله ورسوله ولا يخزيه ابدا .
    2 ـ انه من رسول الله « ص » وهو منه .
    3 ـ انه موالي رسول الله في الدنيا والآخرة .
1 ـ مسند أحمد ج 1 ص 330 وخصائص النسائي ص 6 .


71
    4 ـ انه اول من أسلم من الناس بعد خديجة .
    5 ـ انه ممن اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
    6 ـ انه شرى نفسه من رسول الله « ص » ونام مكانه .
    7 ـ انه بمنزلة هارون من موسى وخليفة رسول الله « ص » وولي كل مؤمن بعده .
    8 ـ وسد الأبواب الا بابه .
    9 ـ انه مولى الناس كما كان الرسول « ص » مولاه .
    10 ـ قد رضي الله عنه وهو من اصحاب الشجرة .
    مستدرك الحاكم : عن عمرو بن ميمون ، قال : إني لجالس عند ابن عباس اذ أتاه تسعة رهط ... له بضع عشرة فضائل ليست لأحد غيره ، وقعوا في رجل ... الحديث . وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (1) .
    سنن الترمذي : عن جابر ، قال : دعا رسول الله « ص » عليا يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس لقد طال نجواه مع ابن عمه فقال رسول الله « ص » : ما انتجيته ولكن الله انتجاه (2) .
    رجال اصبهان : ما يقرب منها (3) .
    مسند أحمد : عن عبد الله الجدلي قال : دخلت على أم سلمة فقالت لي أيُسبّ رسول الله « ص » فيكم ؟ قلت معاذ الله ، قالت : سمعت رسول الله « ص » يقول : من سب عليا فقد سبني (4) .
    اقول : في الأجوبة عن الشكايات هداية الى مقامه الروحاني وارتباطه الإلهي وولايته التامة ، بحيث يكون حبه حبا لله ولرسوله وبغضه بغضا لله ولرسوله وطاعته طاعتهما وسبه سبهما وايذاؤه ايذاؤهما ، ويشير الى هذا المقام جملة ـ من
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 132 .
2 ـ سنن الترمذي ص 535 .
3 ـ رجال اصبهان ج 1 ص 141 .
4 ـ مسند أحمد ج 6 ص 323 .



72
كنت مولاه فعلي مولاه ، ومن آذى عليا فقد آذاني ومن سبه فقد سبني ، وإنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس، ومن الناس من يشري نفسه ، وإنه بمنزلة هارون ، وإنه لأخشن في ذات الله ، وإن الله انتجاه .
    مسند احمد وخصائص النسائي : عن بريدة قال : خرجت مع علي رضي الله عنه الى اليمن فرأيت منه جفوة ، فقدمت على النبي « ص » فذكرت عليا فتنقّصته فجعل رسول الله « ص » يتغير وجهه ، فقال : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قلت بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه (1) . ويروى روايات اخر بهذا المضمون .
    معجم الشعراء للمرزباني : ومن اصحاب النبي « ص » عمرو بن شأس الأسلمي ، وهو الذي روى عن النبي « ص » انه قال : يا عمرو بن شأس قد آذيتني ، قال : قلت أعوذ بالله ان أوذيك ، قال : انه من آذى عليا فقد آذاني (2) .
    المحاسن للبيهقي : عن مصعب عن أبيه سمعت النبي « ص » يقول ما لكم ولعلي ، من آذى عليا فقد آذاني (3) .
    البيان والتعريف : من آذى عليا فقد آذاني . أخرجه الإمام أحمد في التاريخ والحاكم في فضائل الصحابة . وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح (4) .
    مستدرك الحاكم : جاء رجل من اهل الشام فسب عليا عند ابن عباس ، فحصبه ابن عباس فقال : يا عدو الله آذيت رسول الله « ص » ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذابا مهينا ، لو كان رسول الله « ص » حيا لآذيته (5) .
    ويروى ايض كما في مسند احمد : عن عمرو الأسلمي قال : خرجنا مع علي الى
1 ـ مسند أحمد ج 5 ص 347 وخصائص النسائي ص 16 .
2 ـ معجم الشعراء للمرزباني ص 23 .
3 ـ المحاسن للبيهقي ص 41 .
4 ـ البيان والتعريف ج 2 ص 203 .
5 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 121 .



73
اليمن فجفاني في سفره ذلك ، فلما قدمت اظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ ذلك رسول الله « ص » ، قال : فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله في ناس من اصحابه ، فلما رآني حدّد اليّ النظر حتى اذا جلست قال : يا عمرو أما والله ... كما في المعجم (1) .
    مسند احمد والسيرة النبوية : اشتكى الناس عليا رضوان الله عليه فقام رسول الله « ص » فينا خطيبا ، فسمعته يقول : أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله انه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله من أن يشكى (2) .
    وفي مستدرك الحاكم : يروى مثله ، ثم يقول : هذا حديث صحيح الإسناد (3) .
    أقول : ان رسول الله « ص » رد شكاياتهم في هذه الأحاديث بكلمات :
    1 ـ انه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله .
    2 ـ انه مني وأنا منه .
    3 ـ انه ولي كل مؤمن بعدي .
    4 ـ ان الله انتجاه للنجوى .
    5 ـ من كنت مولاه فهو مولاه .
    6 ـ من آذى عليا فقد آذاني .
    7 ـ انه والله لأخشن في ذات الله من أن يُشكى .
    هذه الشكايات والاعتراضات كانت جارية طول حياة رسول الله « ص » ، وكان رسول الله « ص » يتأذّى ويغضب من كلماتهم وأعمالهم ، ويدفع سوء نظرهم .

« الايذاء والطعن فيه »
    لما رأى المخالفون والمنافقون شدة محبة رسول الله « ص » له ، وادامة تذكرته
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 122 ومسند أحمد ج 3 ص 483 .
2 ـ مسند أحمد ج 3 ص 86 والسيرة النبوية ج 4 ص 250 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 134 .



74
وتوصيته فيه ، وعدم توجهه الى اعتراضاتهم ، بل ردهم بكلمات مهيجة لبغضهم وحسدهم : اشتد خلافهم ، وكانوا ينتظرون الفرصة ، الى أن مرض رسول الله ثم ارتحل عنهم ، فشرعوا في إعمال بغضائهم ، وآذوا وطعنوا وسبوا وفعلوا ما فعلوا .
    عيون ابن قتيبة : تنقص ابن لعامر بن عبد الله بن الزبير علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال له أبوه : لا تتنقّصه يا بنيّ ، فإن بني مروان ما زالوا يشتمونه ستين سنة فلم يزده الله رفعة ، وإن الدين لم يَبن شيئا فهدمته الدنيا ، وإن الدنيا لم تبن شيئا الا عادت ما بنت فهدمته (1) .
    الكنى للبخاري : قال سعد بن مالك : ذكر لي انكم تسبون عليا ، فلعلك قد سببته ، قلت : معاذ الله ، قال : لا تسبه ، فلو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبّ عليا ما سببته بعدما سمعت من رسول الله ما سمعت (2) .
    خصائص النسائي : عن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على ام سلمة فقالت لي : أيسبّ رسول الله « ص » فيكم قلت : سبحان الله أو معاذ الله ، قالت : سمعت رسول الله « ص » يقول من سب عليا فقد سبني (3) .
    المحاسن للبيهقي : عن الأصمعي : سمع عامر بن عبد الله بن الزبير ابنه ينال من علي رضي الله عنه ، فقال : يا بنيّ اياك وذكر علي رضي الله عنه ، فإن بني أمية تنقّصته ستين عاما فما زاده الله بذلك الا رفعة (4) .
    البيان والتعريف : من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله . أخرجه الإمام احمد والحاكم من حديث الجدلي عن ام سلمة (5) .
    اقول : لا يكون تأكيد ونهي أقوى من هذا التعبير ، ولا يكون جهل ولا عناد
1 ـ عيون ابن قتيبة ج 2 ص 18 .
2 ـ الكنى للبخاري ص 11 .
3 ـ خصائص النسائي ص 17 .
4 ـ المحاسن للبيهقي ص 55 .
5 ـ البيان والتعريف ج 2 ص 218 .



75
ولا نفاق بل ولا كفر اشد من سبه ، فإن سبه ينتهي الى سب الله ، وسب الله أعلى درجة الكفر . والعجب ممن يدّعي الاسلام وهو يسبه بل ويأمر المسلمين بسبه .
    مسلم : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله « ص » فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب الي من حُمر النعم ، سمعت رسول الله « ص » يقول له لما خلّفه في بعض مَغازيه ، فقال له : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله « ص » : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبوة بعدي ، وسمعته يقول يوم خيبر : لأُعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قال فتطاولنا لها ، فقال ادعوا لي عليا فاُتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية اليه ففتح الله عليه ، ولما نزلت هذه الآية : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ، دعا رسول الله « ص » عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقا اللهم هؤلاء أهلي (1) .
    ابن ماجة : قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد ، فذكروا عليا فنال منه ، فغضب سعد ، وقال تقول هذا الرجل ! سمعت رسول الله « ص » يقول ... الحديث (2) .
    خصائص النسائي : قريبا من مسلم (3) .
    ويروى ايضا : بهذا المضمون ملخّصا ، وفيها : وسمعته يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه (4) .
    سنن الترمذي : كما في مسلم (5) .
1 ـ مسلم ص 120 ج 7 .
2 ـ ابن ماجة ج 1 ص 58 .
3 ـ خصائص النسائي ص 3 .
4 ـ خصائص النسائي ص 4 .
5 ـ سنن الترمذي ص 534 .



76
    اقول : يا للعجب من قلة تدبر بعض المسلمين وضعف تعقلهم وشدة جهلهم وتعصبهم ، حيث قالوا : ان سب الصحابة والوقل السيّء فيهم بغي وعناد بل كفر ونفاق ، مع أن معاوية واتباعه قد طعنوا وسبوا عليا ، وهو من أفضل الصحابة ، وهو بمنزلة هارون من موسى ، ومولى المؤمنين ، ومن أحبه الله ورسوله ، ومن أهل رسول الله ، واول المسلمين ، وفي رأس المجاهدين .
    وقد قال رسول الله « ص » في حقه : اللهم ائتني بأحب خلقك اليك ، قال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وقال : لا يبغضه مؤمن ، وقال : أنت أخي في الدنيا والآخرة .
    خصائص النسائي : ذكر علي بن أبي طالب فقال سعد : والله لأن يكون لي واحدة من خلال ثلاث أحب الي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس ... ولأن يكون لي ابنته ولي منها من الولد ماله ، أحب اليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس (1) .
    مستدرك الحاكم : عن عامر بن سعد يقول قال معاوية لسعد بن أبي وقاص ما يمنعك أن تسب ابن أبي طالب ؟ قال ، فقال لا أسب ما ذكرت ثلاثا ... قال : لا أسبه ما ذكرتً حين نزل عليه الوحي فأخذ عليا وابنيه وفاطمة فادخلهم تحت ثوبه ، ثم قال : رب ان هؤلاء أهل بيتي ، ولا أسبه ما ذكرت حين خلّفه في غزوة تبوك ... قال : فلا والله ما ذكره معاوية بحرف حتى خرج من المدينة (2) .
    هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة . وقد اتفقا جميعا على اخراج حديث المؤاخاة وحديث الراية .
    مستدرك الحاكم : عن أبي صادق قال ، قال علي « رض » : انكم ستُعرَضون على سبي فسُبوني ، فإن عُرضت عليكم البراءة مني فلا تبرؤوا مني فإني على الاسلام (3) .
1 ـ خصائص النسائي ص 23 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 108 .
3 ـ نفس المصدر ج 2 ص 358 .



77
    ويروى : عن طاووس قال : كان حجر بن قيس المدري من المختصّين بخدمة اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب « رض » فقال له علي يوما : يا حجر انك تقام بعدي فتؤمر بلعني فالعني ولا تبرأ مني .
    قال طاوس فرأيت حجر المدري وقد اقامه احمد بن ابراهيم خليفة بني امية في الجامع ووكل به ليلعن عليا أو يُقتل ، فقال حجر : أما أن الأمير احمد بن ابراهيم أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله . فقال طاوس فقد أعمى الله قلوبهم حتى لم يقف احد منهم على ما قال .
    اقول : ايها المسلم الحر انظر كيف قلبوا حقائق الإسلام ، وحرّفوا ما قال ووصّى به رسول الله « ص » بعد موته ، وكيف جهلوا وضلوا ضلالا بعيدا ، وقد استهوتهم الشياطين وغشيتهم الأهواء وعميت ابصارهم ، واظهروا الكفر والنفاق ، وعاندوا الله ورسوله وكتابه ، وقد وصى رسول الله « ص » امته الاسلامية وقال : اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، وقال « ص » لا يحبه الا مؤمن ولا يبغضه الا منافق . وقال « ص » اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأنصر من نصره واخذل من خذله .
    المستدرك : عن الجدلي قال : دخلت على ام سلمة فقالت لي : أيُسبُّ رسول الله « ص » فيكم ؟ فقلت : معاذ الله ، فقالت : سمعت رسول الله « ص » يقول : من سب عليا فقد سبني (1) .
    هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
    ويروى ايضا عنه قال : حججت وانا غلام فمررت بالمدينة واذا الناس عنق واحد ، فاتبعتهم فدخلوا على ام سلمة زوج النبي « ص » فسمعتها تقول : يُسبّ رسول الله « ص » في ناديكم ؟ فأجاب رجل وأنّى ذلك ؟ قالت : فعليّ بن أبي طالب ، قال : انّا لنقول اشياء نريد عرض الدنيا ، قالت : فإنى سمعت
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 121 .


78
رسول الله « ص » يقول : من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله تعالى .
    ويروى : عن علي بن أبي طلحة قال : حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ، ومعنا معاوية بن حديج فقيل للحسن ان هذا معاوية بن حديج الساب لعلي ، فقال عَلَيّ به فاُتي به ، فقال : أنت الساب لعلي ؟ فقال ما فعلت فقال والله ان لقيته وما احسبك تلقاه يوم القيامة ، لتجده قائما على حوض رسول الله « ص » يذود عنه رايات المنافقين ، بيده عصا من عوسج حدّثنيه الصادق المصدوق « ص » وقد خاب من افترى (1) .
    ويروى : عن قيس قال : كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق اذ بلغتُ احجار الزيت ، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب والناس وقوف حواليه ، اذ أقبل سعد بن أبي وقاص سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه ، فقال : يا هذا على ما تشتم علي بن أبي طالب ؟ ألم يكن اول من أسلم ؟ ألم يكن اول من صلى مع رسول الله « ص » ؟ ألم يكن أزهد الناس ؟ ألم يكن اعلم الناس ؟ وذكر حتى قال : ألم يكن ختن رسول الله « ص » على ابنته ؟ ألم يكن صاحب راية رسول الله « ص » في غزواته ؟ ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم إن هذا يشتم وليا من اوليائك فلا تفرّق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك ! قال قيس : فوالله ما تفرّقناه حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات (2) .
    قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
    أقول : يكفي في جواب المخالفين والقائلين قول السوء في علي بن أبي طالب « ع » ما قال رسول الله « ص » : من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله . وهذا أدل دليل وأوضح برهان على أن من نال في عليّ فقد نال في الله ، ومن نال في الله فقد كفر . ولا حاجة لنا الى كلمة اخرى .
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 138 .
2 ـ نفس المصدر ص 499 .