79
قد رودت روايات كثيرة في ابواب مختلفة وموارد متعددة ان اميرالمؤمنين عليا « ع » بمنزلة رسول الله « ص » ، وحكمهما واد ، وماجرى فيه أوله أو عليه كمثل ما جرى في رسول الله « ص » أو له أو عليه . وقد سبق بعض هذه الروايات ، ونورد هنا بعضا آخر .
ابن ماجة : قال رسول الله « ص » : من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن اطاع الامام فقد أطاعني ومن عصى الامام فقد عصاني (1) .
سنن النسائي : قال رسول الله « ص » : من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن اطاع اميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني (2) .
مستدرك الحاكم : عن أبي ذر قال : قال رسول الله « ص » من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن اطاع عليا فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني (3) .
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه .
أقول : حكم رسول الله « ص » بتساوي طاعته وعصيانه مع طاعة علي « ع » وعصيانه ، فمن عصى عليا فقد عصى رسول الله « ص » ، فهو في هذه الجهة بمنزلة النبي « ص » .
مستدرك الحاكم : عن عائشة ، قال النبي « ص » : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب (4) .
ويروى ايضا بسندين : قال رسول الله « ص » : ادعوا اليّ سيد العرب ! فقالت
1 ـ ابن ماجة ج 2 ص 201 .
2 ـ سنن السنائي ج 7 ص 154 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 121 .
4 ـ نفس المصدر ص 124 .
80
عائشة : ألست سيد العرب يا رسول الله ؟ قال : أنا سيد ولد آدم وعليّ سيد العرب .
ويروى أيضا عن ابن عباس قال : نظر النبي « ص » الى علي فقال يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة ، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله ، والويل لمن ابغضك بعدي (1) .
هذا صحيح على شرط الشيخين .
ويروى أيضا : عن رسول الله « ص » قال : اوحي اليّ في علي ثلاث : انه سيد المسلمين وامام المتقين وقائد الغُر المحجَّلين (2) .
أقول : حكم رسول الله « ص » في هذه الأحاديث الأربعة ، باشتراك علي « ع » معه في السيادة ، وإن عدوه وحبيبه عدو رسول الله وحبيبه ، وعدوهما عدو الله ، وإنه سيد العرب في الدنيا والآخرة وسيد المسلمين وامام المتقين وقائد الغر المحجّلين .
مستدرك الحاكم : عن أبي ذر قال ؛ قال النبي « ص » : يا علي من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك يا علي فقد فارقني (3) .
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
أقول : وقد ذكرنا أحاديث في أبواب متفرقة تدل على اشتراكهما وتساويهما في آثار وأحكام وموضوعات ، هذه خلاصتها :
1 ـ أنا أمان لأصحابي ، وأهل بيتي أمان لامتي .
2 ـ أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم .
3 ـ أحبّوني بحبّ الله وأحبّوا أهل بيتي بحبّي .
4 ـ علي مني وأنا منه .
5 ـ أنت اخي ترثني وأرثك .
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 128 .
2 ـ نفس المصدر ص 137 .
3 ـ نفس المصدر ص 124 .
81
6 ـ ما سألت لنفسي شيئا الا سألت لك .
7 ـ من أحب عليا فقد أحبني .
8 ـ من أبغض عليا فقد أبغضني .
9 ـ من كنت مولاه فعلي مولاه .
10 ـ من آذى عليا فقد آذاني .
11 ـ من سبّ عليا فقد سبني .
12 ـ من أطاع عليا فقد أطاعني .
13 ـ من عصى عليا فقد عصاني .
14 ـ حبيبك حبيبي .
15 ـ عدوك عدوي .
16 ـ من فارقك فقد فارقني .
82
تاريخ الطبري : قال ابن اسحاق : وخلّف رسول الله « ص » علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالاقامة فيهم ، واستخلف على المدينة سباع بن عُرفطه أخا بني غفار ، فأرجف المنافقون بعلي بن أبي طالب وقالوا : ما خلفه الا استثقالا له وتخففا منه ، فلما قال ذلك المنافقون أخذ عليّ سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله « ص » وهو بالجُرف ، فقال : يا نبي الله زعم المنافقون انك إنما خلّفتني انك استثقلتني وتخفّفت مني ، فقال : كذبوا ولكني انما خلّفتك لما إنما خلفتك لما ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي . فرجع عليّ الى المدينة ومضى رسول الله « ص » على سفره (1) .
أقول : هنا من الموارد التي وجد المنافقون فرصة مناسبة للنيل من علي « ع » والقول فيه ما يؤذيه ، وقد رد رسول الله « ص » قولهم بذكر مقام له هو من أعلى منازل البشر ، وما لا يصل اليه احد الا بالله ومن الله ، وهي الولاية الكلية الإلهية الجامعة التامة ، ما عدا النبوة ، فإنه لا نبي بعده .
مسند أحمد : عن سعيد بن المسيب قال : قلت لسعد بن مالك إني أريد أن أسألك عن حديث وأنا أهابك أن أسألك عنه ، فقال لا تفعل يا ابن أخي اذا علمت أن عندي علما فسلني عنه ولا تهبني ؟ قال فقلت قول رسول الله « ص » : عليا « رض » بالمدينة في غزوة تبوك ؟ فقال سعد : خلف النبي « ص » عليا « رض » بالمدينة في غزوة تبوك ، فقال : يا رسول الله أتُخلفني في الخالفة في
1 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 143 .
83
النساء والصبيان ؟ فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال فأدبر علي مسرعا كأني أنظر الى غبار قدميه يسطع (1) .
ويروى قال سعيد حدثني ابن لسعد بن مالك عن أبيه ، قال : دخلت على سعد فقلت حديثا حدثنيه عنك حين استخلف رسول الله « ص » عليه « رض » على المدينة ، قال فغضب فقال من حدثك به ؟ فكرهت أن أخبره ان ابنه حدثنيه فيغضب عليه ، ثم قال : إن رسول الله « ص » حين خرج في غزوة ... الحديث (2) .
أقول : وقد سبقت في الأبواب السابقة ، في المباهلة وغيرها ، روايات مربوطة بالباب فراجعها .
ويروى : عن أسماء بنت عميس قالت : سمعت رسول الله « ص » يقول : يا علي أنت بمنزلة هارون من موسى الا أنه ليس من بعدي نبي(3) .
الاستيعاب : ولم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله « ص »مذ قدم المدينة الا تبوك ، فإنه خلفه رسوله الله « ص » على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك ، وقال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي . وروى هذا القول جماعة من الصحابة وهو من أثبت الآثار وأصحها . رواه عن النبي « ص » سعد بن أبي وقاص ، وطرق حديث سعد فيه كثيرة جدا قد ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره . ورواه ابن عباس وابو سعيد الخدري وام سلمة وأسماء بنت عميس وجابر بن عبد الله وجماعة يطول ذكرهم (4) .
اخبار اصبهان : روى الحديث عن حبشي السلولي (5) .
البخاري ، وابن ماجة : قال النبي « ص » لعلي : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة
1 ـ مسند أحمد ج1 ص 173 .
2 ـ نفس المصدر ص 177 .
3 ـ نفس المصدر ج 6 ص 438 .
4 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1097 .
5 ـ أخبار اصبهان ج 2 ص 281 .
84
هارون من موسى (1) .
ويروى البخاري : باسناده ان رسول الله « ص » خرج الى تبوك واستخلف عليا ، فقال أتخلفني في الصبيان والنساء ؟ قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه ليس نبي بعدي (2) .
مسلم : باسناده خلّف رسول الله « ص » علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال ... كما في البخاري (3) .
ويروى أيضا : باسناده عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه ، قال : قال رسول الله « ص » لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي قال سعيد فأحببت ان أشافه بها سعدا فلقيت سعدا فحدثته بما حدّثني عامر ، فقال : أنا سمعته ، فقلت : أنت سمعته ؟ فوضع أصبعيه على أذنيه فقال نعم والا فاستكّتا .
أقول : يستفاد من هذه الروايات أن رسول الله « ص » قد فوّض امره دنيوية وأخروية ظاهرية ومعنوية الى علي بن أبي طالب « ع » ، وخلفه وصيا وخلفا في عامة الامور كما أن هارون كانت له مقام الوصاية العامة في غيبة موسى « ع » ، حيث قال الله تعالى : وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين (4) . وأيضا يظهر من مختلف الروايات أن رسول الله « ص » قالها في موارد مختلفة .
السيرة النبوية : وخلف رسول الله « ص » علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، على أهله وأمره بالاقامة فيهم ، فأرجف به المنافقون ، وقالوا : ما خلّفه الا استثقالا له وتخففا منه ، فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه سلاحه ، ثم خرج حتى أتى رسول الله « ص » وهو نازل بالجُرف ، فقال :
1 ـ البخاري ج 2 ص 185 وابن ماجة ج 1 ص 55 .
2 ـ البخاري ج 3 ص 54 .
3 ـ مسلم ج 7 ص 120 .
4 ـ سورة الأعراف ، الآية 139 .
85
يا نبي الله زعم المنافقون انك انما خلّفتني ، انك استثقلتني وتخففت مني ، فقال : كذبوا ، ولكني خلفتك لما تركت ورائي ، فارجع فأخلفني في أهلي وأهلك ، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي (1) .
خصائص النسائي : عن سعد قال : لما غزا رسول الله « ص » غزوة تبوك خلّف عليا كرّم الله وجهه في المدينة ، قالوا فيه : ملّه وكره صحبته . فتبع عليّ رضي الله عنه النبي « ص » حتى لحقه في الطريق ، قال : يا رسول الله « ص » خلّفتني بالمدينة مع الذراري والنساء حتى قالوا مله وكره صحبته ، فقال النبي « ص » : يا علي ، غنما خلفتك على أهلي ، أما ترضى أن تكون منّي ـ كما في الترمذي (3) .
ويروى ايضا : بأسانيده أحاديث قريبة مما في مسلم (4) .
ويروى ايضا : بأسانيده أحاديث قريبة المضمون مما في سنن الترمذي (5) .
أقول : يظهر من هذه الروايات أن رسول الله « ص » حدّث بجملة « أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي » وتكلم بها في غير مورد تبوك ايضا .
الطبقات : عن البراء وزيد قالا : لما كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله « ص » لعلي بن أبي طالب : أنه لا بد من أن أقيم أو تقيم ، فخلّفه فلما فصل رسول الله « ص » غازيا قال ناس : ما خلّف عليا الا لشيء كرهه منه ... الخ (6) .
ويروى : روايات قريبة منها .
1 ـ السيرة النبوية ج 4 ص 163 .
2 ـ سنن الترمذي ص 535 .
3 ـ خصائص النسائي ص 10 .
4 ـ نفس المصدر ص 10 ـ 11 .
5 ـ نفس المصدر ص 12 ـ 13 .
6 ـ الطبقات ج 3 ص 24 .
86
سير الأعلام : عن زيد بن أبي أوفى في حديث المؤاخاة فقال علي : يا رسول الله ذهب روحي وانقطع ظهري حتى تركتني . قال « ص » : ما أخّرتك الا لنفسي وأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي . قال : ما أرث منك ؟ قال : كتاب الله وسنة نبيه ، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ، وتلا ـ إخوانا على سُرر متقابلين (1) .
أقول في هذه الرواية « حديث المنزلة » دلالة تامة كافية على الولاية واخلافة حيث نزّل عليا منزلة هارون من موسى ، وقد قال الله تعالى في حق هارون : وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ، ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ، واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي ، 20 | 29 ولقد أتينا موسى الكتاب واجعلنا معه أخاه هارون وزيرا .
فقد ذكرت في هذه الآيات الكريمة مقامات لهارون .
1 ـ انه خليفته في قومه فقد جعل رسول الله « ص » عليا خليفته « استخلف عليا فقال أتخلفني » .
2 ـ انه اخو موسى « ع » فقد آخى رسول الله « ص » بينه وبين علي « ع » وقد سبقت رواياته .
3 ـ انه وزيره وقد ورد « انك خليفتي ووزيري » .
4 ـ انه المصلح فقد قال رسول الله « ص » : أنت تبيّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي .
فهذه المقامات الأربعة ثابتة لعلي « ع » ، فهو كهارون في جميع الصفات ما خلا النبوة .
1 ـ سير الأعلام ج 1 ص 97 .