الامام الرابع علي بن الحسين عليهما السلام
    الأئمة الاثنى عشر : ورابعهم علي « رض » وهو ابوالحسن عليّ بن الحسين المعروف بزين العابدين ، ويقال له علي الأصغر ، وليس للحسين « رض » عقب إلا من ولد زين العابدين هذا ، وهو من سادات التابعين .
    قال الزهري : ما رأيت قرشيّا أفضل منه ... وفضائل زين العابدين ومناقبه أكثر من أن تحصى ، وكانت ولادته يوم الجمعة في بعض شهور سنة ثمان وثلاثين من الهجرة (1) .
    وفيات الأعيان : كما قلنا في الأئمة كلمة بكلمة (2) .
    الاستيعاب : عن سفيان بن عيينه قال لي جعفر بن محمد : توفى عليّ بن أبي طالب وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وقتل الحسين بن عليّ وهو ابن ثمان وخمسين سنة وتوفي محمد بن علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة . وقال لي جعفر بن محمد : وأنا بهذه السنة في ثمان وخمسين فتوفى فيها (3) .
    كفاية الطالب : مولانا زين العابدين ومنار القانتين ابو محمد علي بن الحسين بن علي عليه السلام ، كان عابدا وفيّا وجوادا حفيّا ، وأمه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار ابن كسرى (4) .
    ويروى : عن عبدالرحمن القرشيّ وكان اذا توضّأ اصفرّ ، فيقول له أهله :
1 ـ الأئمة الاثنى عشر ص 75 .
2 ـ وفيات الأعيان ج 1 ص 347 .
3 ـ الاستيعاب ج 1 ص 397 .
4 ـ كفاية الطالب ص 298 .



438
ما هذ الذي يعتادك عند الوضوء ؟ فيقول : أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم (1) .
    ويروى : عن سفيان بن عيينه حج عليّ بن الحسين ، فلما أحرم واستوت به راحلته اصفرّ لونه وانتفض ووقعت عليه الرعدة ولم يستطع أن يُلبّي ، فقيل له : مالك ؟ فقال : أخشى أن أقول لبيك ، فيقال لا لبيك ، فقيل له لابد من هذا . قال : فلما لبى غشي عليه وسقط من راحلته ، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه (2) .
    قلت : رواه ابن عساكر في تاريخه .
    حلية الأولياء : عن ابن عائشة ، سمعت اهل المدينة يقولون : ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين (3) .
    تذكرة الحفاظ : عليّ بن الحسين بن اميرالمؤمنين عليّ ـ زين العابدين ابو الحسين الهاشميّ المدنيّ ، حضر كربلاء مريضا ، فقال عمر بن سعد : لاتعرضوا لهذا . وكان يومئذ ابن نيف وعشرين سنة . وكان من أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة وأحبهم الى عبدالمك . قال ابوحازم : ما رأيت هاشميا أفضل منه . وعن ابن المسيّب ما رأيت أورع منه . وقال مالك : بلغني أنه كان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة الى أن مات ، وكان يسمّى زين العابدين لعبادته (4) .
    الطبقات الكبرى : عن عبدالله بن أبي سليمان : كان عليّ بن الحسين « ع » اذا مشى لاتجاوز يده فخذه ولايَخطر بيده ، وكان اذا قام الى الصلا أخذته رِعدة ، فيقل له مالك ؟ فقال ما تدرون بين يديّ من أقوم وأناجي (5) .
    ويروى أيضا : أن عليّ بن الحسين يُبخّل ، فلما مات وجدوه يقوت مائة اهل بيت بالمدينة في السرّ . قالوا : وكان ثقة مأمونا كثيرا الحديث عاليا رفيعا ورعا (6) .
1 ـ نفس المصدر ص 300 .
2 ـ نفس المصدر ص 301 .
3 ـ حلية الأولياء ج 3 ص 136 .
4 ـ تذكرة الحفاظ ج 1 ص 74 .
5 ـ الطبقات ج 5 ص 216 .
6 ـ نفس المصدر ص 222 .



439
الفصول المهمة لابن صباغ : لما حج هشام بن عبدالملك في حياة أبيه دخل الى الطواف وجهد أن يستلم الحجر الأسود ، فلم يصل إليه لكثرة زحام الناس اليه ، فنصب اليه منبر الى جانب زمزم في الحطيم ، وجلس عليه وحوله جماعة من اهل الشام ، فبينماهم كذلك ، اذ أقبل علي بن الحسين « ع » يريد الطواف ، فلما انتهى الى الحجر الأسود تنحّى الناس عنه حتى استلم الحجر ، فقال رجل من أهل الشام : من هذا الذي قد هابه الناس هذه المهابة فتنحّوا عنه يمينا وشمالا ؟ فقال هشام : لا أعرفه ! مخافة أن يرغب فيه أهل الشام ! وكان الفرزدق حاضرا ، فقال للشامي : أنا أعرفه فقال الشامي : من هو يا ابافراس ؟ فقال :

هذا الذي تعرف البطحـاء وطأتـه هذا ابن خيــر عبـاد الله كلهـم اذا رأتـه قريـش قـال قائلهــا ينمى الى ذروة العز التي قصرت يُغضي حياء ويُغضى من مهابتـه منشقة من رســول الله نبعتــه هذا ابن فاطمة ان كنت جاهلــه من معشــر حبهم ديـن وبغضهم ان عُــدّ اهل التقـى كانوا ائمتهم مقدم بعـد ذكــر الله ذكرهــم والبيت يعرفـه والحـلُ والحــرم هذا التقي النقي الطـاهـر العلــم الى مكــارم هـذا ينتهي الكــرم عن نيلهـا عربُ الاسلام والعجــم فـلا يُكلــم إلا حيــن يبتســم طابت عناصــره والجسـم والشيم بجـده أنبيــاء الله قـد خُتمــوا كفر وقربهـم منجــى ومعتصـم أو قيل من خير اهل الأرض قيل هم في كــل بـدو ومختمـوم به الكلم

    فلما سمع هشام هذه القصيدة غضب ... الخ (1) .
    ويروى أيضا : وعن طاووس قال : دخلت الحجر في الليل فاذا عليّ بن الحسين « ع » قد دخل يصلي ما شاء الله تعالى ، ثم سجد سجدة فأطال فيها ، فقلت رجل صالح من بيت النبوة لأصيّغن إليه ، فسمعته يقول : عبدك بفنائك مسكينك بفنائك سائلك بفنائك فقيرك بفنائك . قال طاووس : فوالله ما صليت
1 ـ الفصول المهمة لابن صباغ ص 189 .


440
ودعوت فيهنّ في كرب إلا فّج عني (1) .
    حلية الأولياء : عن عمرو بن ثابت : لما مات عليّ بن الحسين فغسّلوه جعلوا ينظرون الى آثار سواد بظهره ، فقالوا : ما هذا ؟ فقيل : كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة (2) .
    ويروى أيضا : سئل عليّ بن الحسين « ع » عن كثرة بكائه ، فقال : لاتلوموني فإن يعقوب فقد سبطا من ولده ، فبكى حتى ابيضت عيناه ولم يعلم أنه مات . وقد نظرت الى اربعة عشر رجلا من أهل بيتي في غزاة واحدة ، أفترون حزنهم يذهب من قلبي (3) .
    مروج الذهب : ونظر الناس الى عليّ بن الحسين السجاد وقد لاذ بالقبر وهو يدعو ، فأتي به الى مسرف وهو مغتاظ عليه ، فتبرّأ منه ومن آبائه ، فلما رآه وقد أشرف عليه ارتعد وقام له ، واقعده الى جانبه وقال له : سلني حوائجك ... فقيل لعليّ رأيناك تحرك شفتيك فما الذي قلت ؟ قال : قلت ـ اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، والأرضين السبع وما أقللن ، رب العرش العظيم ، رب محمد وآله الطاهرين ، أعوذ بك من شره ، وأدرأ بك في نحره ، اسألك أن تُؤتيني خيره ، وتكفيني شره . وقيل لمسلم : رأيناك تسبّ هذا الغلام وسلفه ، فلما أتي به اليك رفعت منزلته فقال : وما كان ذلك لرأي مني ، لقد مُليء قلبي منه رعبا (4) .
1 ـ الفصول المهمة لابن صباغ ص 183 .
2 ـ حلية الاولياء ج 3 ص 136 .
3 ـ نفس المصدر ص 138 .
4 ـ مروج الذهب ج 2 ص 96 .