371
هم أهـل ميراث النبـي اذا اعتزوا مطاعيهم في الاعسار في كل مشهد ومـا النـاس الا حاسـد ومكذب اذا ذكـروا قتـلى ببـدر وخيبر فكيف يحبـون النبـي ورهطـه لقد لا ينوه في المقال وأضمروا فان لـم تكن الا بقربـى محمد وهم خير سادات وخير حماة لقد شرفوا بالفضل والبركات 1 ومضطعـن ذو إحنة وترات ويوم حنيـن اسبلوا العبرات 2 وهم تركوا أحشاءهم وغرات قلوبـا على الاحقاد منطويات فهاشم أولـى من هنٍ وهنات
سقى اللّه قبراً بالمدينة غيثـه نبي الهدى صلّى عليه مليكـه وصلى عليه اللّه ما ذرّ شارق فقد حلّ فيه الأمن بالبركات وبلّغ عنه روحـه التحفات ولاحت نجوم الليل مبتدرات
أفاطـم لو خلت الحسيـن مجدلاً اذن للطمت الخـد فاطـم عنـده أفاطـم قومي يا بنة الخير واندبي قبـور بكوفـان وأخرى بطيبـة وقد مـات عطشـاناً بشط فرات وأجريت دمع العين في الوجنات نجـوم سماوات بأرض فـلاة وأخـرى بفخ نـالها صلوات 3

1. يشير دعبل الى كرم أهل البيت وانهم كانوا يطعمون الفقراء والمحرومين .
2. يشير دعبل الى القوى المعادية لأهل البيت من الذين وترهم سيف علي .
3. أشار دعبل الى مراقد السادة العلويين ، وأول مرقد لهم قبر الامام علي عليه السّلام في النجف التي هي ظهر الكوفة وقبر الشهيد مسلم بن عقيل ، وفي طيبة قبور أئمة البقيع عليهم السّلام ، وفي فخ قبر الحسين بن علي وغيره من العلويين .



372
وأخـرى بأرض الجوزجـان محلها وقبـر ببغـداد لـنـفـس زكيـة فأمـا الممضات التـي لست بالغا قبور لدى النهر مـن ارض كربلا توفـوا عطاشـا بـالفرات فليتنـي الـى اللّه اشكـو لوعة عند ذكرهم أخـاف بـأن أزدارهـم فيشوقنـي تقسّمهم ريب الـزمـان كما تـرى سـوى أن منهم بالمدينـة عصبـة قليلـة زوار سـوى بـعـض زور لهـم كـل حيـن نومـة بمضاجـع وقبـر ببـاخمرى لدى الغربـات 1 تضمنـها الرحمـن في الغرفات 2 مبـالغهـا منـي بـكنـه صفات معـرسـهم فيـها بشـط فـرات توفيت فيهـم قبـل حيـن وفاتـي سقتنـي بـكأس الذل والفظعات مصـارعهم بـالجـزع فالنخـلات لهـم عفـرة مـغشيـة الحجـرات ـ مدى الدهر ـ انضاء من اللزبات مـن الضبـع والعقبـان والرخمات ثوت فـي نواحـي الأرض مختلفات

1. الجوزجان : فيها قبر الشهيد العظيم يحيى بن زيد الذي استشهد أيام الوليد الأموي ، وباخمري : هي موضع بين الكوفة وواسط فيها استشهد ابراهيم بن عبد الله بن الحسين في أيام الطاغية المنصور الدوانيقي .
2. أما القبر الذي ببغداد فهو قبر باب الحوائج الامام الكاظم وذكرت كثير من المصادر أن دعبل لما انتهى الى هذا البيت قال له الامام الرضا أفلا الحق لك بهذا الموضع بيتين ، فقال : بلى يا بن رسول الله فقال عليه السّلام :
وقبر بطوس يا لها من مصيبة الى الحشر حتى يبعث الله قائماً ألحت على الأحشاء بالزفرات يفرج عنـا الغـم والكربـات
فقال دعبل : هذا القبر الذي بطوس قبر من ؟ قال الامام عليه السّلام :
هو قبري ، جاء ذلك في المناقب : 3/450 وغيره .



373
وقد كان منهم بالحجـاز وأهلها تنكبت لأواء السنين جوارهـم حمـى لم تزره المذنبات وأوجه اذا أوردوا خيـلا تسعر بالقنـا وإن فخـروا يومـا أتوا بمحمد وعـدوا عليـا ذا الماقب والعلا وحمزة والعباس ذا الهدي والتقى اولئك لا منتـوج هنـد وحزبهـا مغاوير يختارون فـي السروات فـلا تصطليهم جمرة الجمرات 1 تضيء لدى الاستار في الظلمات مسـاعر جمر الموت والغمرات وجبريـل والفرقـان والسورات وفاطمـة الزهـراء خيـر بنات وجعفـرا الطيـار في الحجبات سميـة من نـوكى ومن قذرات 2
ستسـأل تيـم عنـهم وعديّها هم منعوا الآباء من أخذ حقهم وهم عدلوا عن وصي محمـد وبيعتهم مـن أفجـر الفجرات 3 وهم تركوا الابناء رهن شتات 4 فبيعتهم جاءت علـى الغدرات 5

1. اللأواء : الشدة .
2. النوكى : الحمق .
3. اراد بتيم : ابو بكر ، واراد بعدي عمر بن الخطّاب ، ويرى دعبل انهم مسؤولان عما لحق بأهل البيت من المآسي والنكبات فهما اللذان اقصيا الامام أمير المؤمنين عن الخلافة وسبباً للعترة الطاهرة الوانا مريرة من المصائب .
4. اشار دعبل الى ان الملوك السابقين هم الذين منعوا السادة العلويين من أخذ حقهم ، وتركوا السادة من ابنائهم رهن شتات .
5. الوصي هو الامام أمير المؤمنين وصي رسول الله وباب المدينة علمه وقد شجب دعبل الموقف المناوئ ازاء علي عليه السّلام .



374
ملامـك في أهل النبـي فانهم تخيـرهم رشـداً لأمري فانهم نبذت إليهـم بالمـودة صـادقا فيا رب زدني من يقيني بصيرة سأبكيهـم مـا حـج لله راكب بنفسي أنتـم من كهول وفتية وللخيل لما قيد الموت خطوها أحب قصي الرحم من أجل حبكم وأكتم حبيكم مخافـة كاشـح فيا عين ابكيهم وجودي بعبرة لقد حفت الأيام حولي بشرّها أحبـاي ما عاشـوا وأهل ثقاتي على كـل حـال خيرة الخيرات وسلّمت نفسـي طـائعاً لولاتي وزد حبهم يا رب فـي حسناتي وما ناح قمريّ على الشجرات لفك عنـاة أو لحمـل ديـات فأطلقتـم منهـنَّ بالذربـات 1 وأهجـر فيكم اسرتي وبناتي 2 عنيد لأهل الحق غير موات فقد آن للتسكاب والهملات 3 وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي 4
الم تر أني من ثلاثين حجة أروح وأغدو دائم الحسرات

1. الذربات : الداهيات .
2. يريد دعبل أنه يحب ويخلص لمن أحب وأخلص لأهل البيت عليهم السّلام ، وان كانوا بعاداً في النسب ، ويعادي من عاداهم ، وان كانوا أسرته وبناته .
3. الهملات : هي الدموع .
4. في رواية : لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها ، وفي رواية أن دعبل لما انشد هذا البيت رفع الامام عليه السّلام يديه بالدعاء ، وقال له : آمنك الله يا خزاعي يوم الفزع الأكبر .



375
أرى فيئهـم في غيـرهم متقسّمـاً فكيف أداوي من جوى بي والجوى فـآل رسـول الله نحف جسومهم بنات زياد في القصورة مصونـة سأبكيهم ماذرّ في الأرض شـارق وما طلعت شمس وحان غروبها ديـار رسـول الله اصبحن بلقعا وآل رسول الله تدمـى نحـورهم وآل رسول الله تسبـى حريمـهم وأيديهـم مـن فيئهـم صفرات 1 أميـة أهـل الفسـق والتبعات وآل زيـاد حفـل القصـرات 2 وآل رسـول الله فـي الفلوات ونادى منادي الخير بالصلوات وبالليـل أبكيهـم وبالغـدوات وآل زيـاد تسـكن الحجرات وآل زيـاد آمنـوا السـربات وآل زيـاد ربـة الحجـلات
إذا وتـروا مـدوا الـى واتريهم فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غدٍ خـروج إمـام لا محـالة خارج يميـز فينـا كـل حـق وباطل أكفّاً عن الأوتـار منقبضـات 3 تقطّع نفسـي إثرهم حسـرات يقوم على اسـم الله والبركات 4 ويجزي على النعماء والنقمات

1. في رواية ان دعبل لما بلغ الى هذا البيت جعل الامام الرضا يقلب كفه ويقول : « أجل والله منقبضات » .
2. القصرات : جمع مفرده قصرة ، وهي أصل العنق .
3. في رواية ان دعبل لما فرغ من انشاد هذا البيت جعل الامام الرضا عليه السّلام جعل يقلب كفيه ويقول : أجل والله منقبضات .
4. عندما انتهى من انشاد هذا البيت ، والبيت الذي بعده قال له الامام : « يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك » المناقب : 3/450 .



376
سأقصـر نفسي جاهداً عن جدالهم فيا نفسي طيبي ثم يا نفس ابشري ولا تجزعي من مدة الجور إننـي فان قرب الرحمن من تلك مدتـي شفيت ولم أترك لنفسـي رزيـة فإني من الرحمن أرجـو بحبهم كفـاني ما ألقـى من العبرات فغير بعيد كلّ ما هو آتٍ أرى قـوّتي قـد آذنت بشتاتِ وأخر من عمري لطول حياتي ورويت منهم منصلي وقناتي حياة لدى الفردوس غير بتات 2
عسى الله أن يأوى لذا الخلق انه فان قلت عرفـا أنكـروه بمنكر أحاول نقل الشمس عن مستقرها فمـن عارف لـم ينتفع ومعـاند قصارّي منهم أن أموت بغصـة كأنك بالاضلاع قد ضاق رحبها الى كـل قـوم دائـم اللحظات وغطّوا على التحقيـق بالشبهات وأسمـع احجـارا من الصلدات يميـل مـع الأهواء والشهوات تردد في صـدري وفي اللهوات لما ضمنت من شـدة الزفـرات 3
المصادر : الاغاني 18/42 ، معجم الادباء 4/194 ، نور الابصار /147 ، المناقب 3/45 .
1. المنصل : حديدة السهم والرمح والسكين .
2. غير بتات : اي غير منقطعة وانما هي حياة خالدة ودائمة .
3. ديوان دعبل .



377
الملحق رقم 5
كتاب الحباء والشرط
الذي زوّر باسم الامام الرضا عليه السّلام
« هذا كتاب حباء وشرط من عبدالله المأمون أمير المؤمنين وولي عهده علي بن موسى الرضا لذي الرياستين الفضل بن سهل في يوم الإثنين لسبع ليال خلون من شهر رمضان سنة احدى ومائتين ، وهو اليوم الذي تمَّم الله فيه دولة أمير المؤمنين ، وعقد لولي عهده ، والبس الناس اللباس الأخضر ، وبلغ أمله في إصلاح وليه ، والظفر بعدوه .
    انا دعوناك الى مافيه بعض مكافاتك ، على ما قمت به من حق الله ، تبارك وتعالى ، وحق رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحق أمير المؤمنين ، وولي عهده علي بن موسى ، وحق هاشم التي بها يرجى صلاح الدين ، وسلامة ذات البين بين المسلمين ، الى أن يثبت النعمة علينا وعلى العامة بذلك ، وربما عاونت عليه أمير المؤمنين من إقامة الدين والسنة ، واظهار الدعوة الثانية


378
وايثار الأولى ، مع قمع المشركين ، وكسر الاصنام ، وقتل العتاة وساير آثارك الممثلة للامصار في المخلوع ، وفي المسمى بـ (الأصفر) المكنى بأبي السرايا ، وفي المسمى بالمهدي محمد بن جعفر الطالبيين ، والترك الحولية ، وفي طبرستان وملوكها الى بندار هرمز بن شروين ، وفي الديلم وملكها (مهروس) وفي كابل وملكها هرموس ثم ملكها الاصفهيد ، وفي ابن البرم ، وجبال بدار بنده ، وعرشستان ، والغور واصنافها ، وفي خراسان وبلون صاحب جبل التبت ، وفي كيمان والتغرغر ، وفي ارمينية والحجاز ، وصاحب السرير ، وصاحب الخزر وفي المغرب وحروبه ، وتفسير ذلك في ديوان السيرة .
    وكان ما دعوناك إليه وهو معونة لك الف الف درهم ، وغلة عشرة الف الف درهم جوهر اسوى ما أقطعك أمير المؤمنين قبل ذلك ، وقيمته ماءة الف الف درهم جوهراً يسيرا عندنا ما أنت له مستحق ، فقد تركت مثل ذلك حين بذله لك المخلوع ، وآثرت الله ودينه ، وانك شركت أمير المؤمنين وولي عهده ، وآثرت توفير ذلك كله على المسلمين ، وجدت لهم به .
    وسألتنا أن نبلغك الخصلة التي لم تزل لها تائقاً من الزهد والتخلّي ليصح عند من شك في سعيك للآخرة دون الدنيا وتركك الدنيا ، وما عن مثلك يستغنى في حال ، ولا مثلك رُد عن طلبه ، ولو اخرجتنا طلبتك عن شطر النعيم علينا فكيف نأمر ؟ فيه المؤونة ، واوجبت به الحجة ، على من كان يزعم أن دعاك إلينا للدنيا لا للآخرة ، وقد أجبناك الى ما سألت به ، وجعلنا ذلك لك مؤكداً بعهد الله وميثاقه


379
اللذين لا تبديل لهما ، ولا تغيير ، وفوضنا الأمر في وقت ذلك إليك ، فما أقمت فعزيز مزاح العلة ، مدفوع عنك الدخول فيما تكرهه ، من الاعمال ، كائنا ما كان ، نمنعك مما نمنع به أنفسنا في الحالات كلها ، واذا اردت التخلي فمكرم ، مزاح البدن ، وحق بدنك بالراحة والكرامة ثم نعطيك مما تناوله ، مما بذلناه لك في هذا الكتاب ، فتركته اليوم .
    وجعلنا للحسن بن سهل مثل ما جعلناه لك ، فنصف ما بذلناه من العطية ، وأهل ذلك هو لك ، وبما بذل من نفسه في جهاد العتاة ، وفتح العراق مرتين ، وتفريق جموع الشيطان بيده حتى قوي الدين ، وخاض نيران الحروب ، ووقانا عذاب السموم بنفسه وأهل بيته ، ومن ساس من أولياء الحق ، وأشهدنا الله وملائكته وخيار خلقه ، وكل من أعطانا بيعته ، وصفقة يمينه في هذا اليوم وبعده على ما في هذا الكتاب ، وجعلنا الله علينا كفيلا ، وأوجبنا على أنفسنا الوفاء بما اشترطنا من غير استثناء بشيء ينقصه في سر ولا علانية ، والمؤمنون عند شروطهم ، والعهد فرض مسؤول وأولى الناس بالوفاء من طلب من الناس الوفاء ، وكان موضعاً للقدرة قال الله تعالى : (واوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ان الله يعلم ما تفعلون ) 1 .
    « أما بعد : فالحمد لله البديء الرفيع ، القادر ، القاهر ، الرقيب على عباده المقيت على خلقه ، الذي خضع كل شيء لملكه ، وذل كل شيء
1. سورة النحل : آية 91 .


380
لعزته واستسلم كل شيء لقدرته ، وتواضع كل شيء لسلطانه ، وعظمته ، واحاط بكل شيء علمه ، وأحصى عدده ، فلا يؤوده كبير ، ولا يعزب عنه صغير ، الذي لا تدركه أبصار الناظرين ، ولا تحيط به صفة الواصفين ، له الخلق والأمر والمثل الأعلى في السموات والأرض ، وهو العزيز الحكيم .
    والحمد لله الذي شرع للإسلام دينا ، ففضله ، وعظّمه ، وشرفه ، وكرّمه ، وجعله الدين القيم الذي لا يقبل غيره ، والصراط المستقيم الذي لا يضل من لزمه ، ولا يهتدي من صرف عنه ، وجعل فيه النور والبرهان ، والشفاء والبيان ، وبعث به من اصطفى من ملائكته الى من اجتبى من رسله في الأمم الخالية ، والقرون الماضية حتى انتهت رسالته الى محمد المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم فختم به النبيين وقفى به على آثار المرسلين ، وبعثه رحمة للعالمين ، وبشيراً للمؤمنين المصدقين ، ونذيراً للكافرين المكذبين لتكون له الحجة البالغة ، وليهلك من هلك عن بينة ، وان الله لسميع عليم .
    والحمد لله الذي أورث أهل بيته مواريث النبوة ، واستودهم العلم والحكمة ، وجعلهم معدن الامامة والخلافة ، وأوجب ولايتهم ، وشرف منزلتهم ، فأمر رسوله بمسألة امته مودتهم اذ يقول : ( قل لا اسئلكم عليه أجراً الا المودة في القربي ) 1 وما وصفهم به من اذهاب الرجس عنهم ، وتطهيره اياهم في قوله : (انما يريد الله ليذهب عنكم
1. سورة الشورى : آية 20 .