فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


فأت بآية
[ 154] [ ما أنت إلا بشر مثلنا ]

انت بشر مثلنا ، و صحيح ان الرسول بشر مثلهم إلا أنه يوحى إليه ، و قد كانوا يتصورون - كما فرعون و كفار قريش - أن الرسول يجب ان يكون متميزا عليهم ، بأن يكون معه الملائكة ، أو يلبس الذهب ، أو يملك الخزائن ، أو أنهم من جنس آخر غير جنس البشر ، و إنما أرسل من جنس البشر لكي يكون الايمان به بحرية ، و عن يقين و علم تامين ، فلو أرسل الله الرسل كما يتصورون إذا لا نتفى أساسا الاختبار .

[ فأت بآية إن كنت من الصادقين ]

يؤمن بعض الناس بمجرد رؤية شواهد الرسالة ، كأن يؤمنون لأن رسلهم السابقين أشاروا الى هذا النبي ، بينما يؤمن بعضهم لما يراه من صفات الرسل ، و هناك أناس لا يؤمنون الا بالمعجزة ، و يبدو أن قوم ثمود كانوا يعرفون رسولهم ، ولكنهم يفقدون الثقة به ، فهم يحتاجون الى دليل صارخ على صدقه .

[ 155] [ قال هذه ناقة لها شرب و لكم شرب يوم معلوم ]أتى لهم صالح بمعجزة الناقة و فصيلها التي تشرب الماء يوما ، و يشربون الماء يوما ، و في اليوم الذي تشرب فيه تدر عليهم اللبن .


[ 156] [ ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم ]

وأمرهم بأن لا يمسوا الناقة بسوء ، فيأخذهم الله بعذاب يوم عظيم .

فالإنضباط ، و التزام الأوامر لها الفضل الأكبر في ديمومة الحضارة ، و بعكسها التسيب و الإعتداء ، لأنهما يخالفان سنن الحياة الطبيعية .

[ 157] [ فعقروها فأصبحوا نادمين ]

انهم شعروا بالندم على قتلهم الناقة ( و القتل من الذنوب التي تورث الندم ) كما في الحديث الذي استدل بقوله في قصة ابني آدم : " فقتله فاصبح من النادمين " .

[ 158] [ فأخذهم العذاب ]

نزل بهم العذاب ، و كان طاغية عليهم .

[ إن في ذلك لأية و ما كان أكثرهم مؤمنين ]

فهل من معتبر ؟! فبالرغم من ان إهلاك القوم نذير صاعق الا أن آذان أكثر الناس تصم دون هذا النذير .

[ 159] [ وإن ربك لهو العزيز الرحيم ]

جمع في نفسه العزة و الرحمة ، فهو شديد العقاب ، و لكن رحمته سبقت عذابه الا على القوم الكافرين عندما يسلط عليهم العذاب ، فآنئذ لا محل لرحمته .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس