وانه لهدى و رحمة للمؤمنين
هدى من الآيات فــي إطار بيان خصائص الوحي الإلهي ، و بعد التذكرة بالله الذي أوحى بالكتاب ، و إنه لا يعلم الغيب في الخليقة سواءه .. يذكرنا ربنا بأنه سبحانه يعلم ما تكن صدورهم من هواجس و نيات ، و ما يعلنون من قول ، و أنه ما يغيب عن علمهم من حوادث و ظواهر مكتوبة فيكتاب مبين ( اللوح المحفوظ ، و القرآن ، و علم الانبياء و الأئمة منه ) .
و إن القرآن يبين لبني إسرائيل الحق فيما هم فيه يختلفون ، مما يشهد بأنه قد نزل من لدن حكيم عليم .
و القرآن يحمل الهدى و الرحمة إلى من يؤمن به و هذا شاهد صدقه ، و يقضي بحكمه العادل و هو العزيز العليم .
و يامــر الرســول و المؤمنــين بالتوكل عليه ، و عدم التردد لأنهم على صراط حق .
و واضح ، و ألا يابهوا بأولئك الجاحدين الذين لم يجعل الله لهم نورا . أو يمكن أن تسمع الموتى أو تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ؟! كذلك أعمى القلب لا يهتدي عن ضلالته ، إنما يهتدي من يسلم وجهه لله .
و إذا ذكرنا الرب تعالى بيوم الجزاء ، فلابد أن يذكرنا بالرسالة التي هي إعداد للانسان ليوم الحساب . وهكذا لا نجد جانبا من العقائد الاسلامية في القرآن مبتورا مع عن سائر الجوانب ، لأنها كلها تدور حول محور واحد هو الايمان بالله ، فبعمق الايمان و بسعته، و بالتالي بمعرفة الله عبر أسمائه الحسنى ، نتعرف على سائر أبعاد العقائد الاسلامية .
لماذا جاءت الرسالة الالهية ؟
و الجواب : جاءت الرسالة لتحقيق الأهداف التالية :
1 - رفــع الاختلاف . إذ وفر الله سبحانه فرصة الوحدة بين الناس عبر الرسالة ، أما إذا لم يروا الإستفادة منها لرفع الخلاف بينهم فهذا شأنهم .
2 - الهداية . ولها مرحلتان :
أ ) حل الالغاز . وأدنى قدر من الهداية أن يعرف الإنسان الإجابة على الأسئلة الحائرة في ذهنه : من الذي خلق هذا الكون ، و لماذا ؟ و من خلقني ، و لماذا ؟ ومن أين أتيت ، و إلى أين أصير ؟ ، حتى لا يتيه البشر ، ويقول كما قال إيليا أبو ماضي في قصيدته المعروفة الطلاسم :
جئت لا أعلم من أين و لكني أتيت و لقد أبصرت قدامي طريقا فمشيتو سأبقــى سائرا إن شئت هذا أو أبيت كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟
لست أدري
ومن دون بعث الرسالة تبقى كثيرا من الألغاز حائرة ، يدور الانسان حول الكون و لكنه لا يصل الى مفتاح حل الالغاز ، و في النهاية يمسك القلم ليكتب " الانسان ذلك المجهول " فاللغز يبقى كما هو من دون الإيمان بالله ، و تظل المعادلة ناقصة .
و الذين يتحولون من الكفر إلى الإيمان يشبهون التائه في الصحراء ، و الذي يأتيه شخــص ما لــيرشده على الطريق فيجد السكون و الاطمئنان ، و تذهب عنه الحيرة ، إن هذا هو الهدى .
ب ) مرحلة التكامل . وهي مرحلة العروج بروح الإنسان في مدارج كمالات المعرفة ، حتى يبلغ به الآمر أن يقول :
" لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا "
أو إلــى أن يقــول له اللــه : " إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى " (1)من مظاهر رحمة الله بالانسان ان ربنا و فر فرصة الكمال في الهداية للبشر .
3 - الرحمة . و هي هدف بعث الرسل ، و نعني بها انه ينبغي للناس أن يعيشوا في هذه الدنيا مطمئنين ، و مرحومين لا محرومين ، و قد وفر الله فرصة الرحمة للإنسان إن شاء استفاد منها .
|