وكل أتوه داخرين
هدى من الآيات ربما تلخص لنا الآية الاخيرة من هذا الدرس مفهوم السورة كلها ، فهي من جهة تعرفنا بالله سبحانه ، و باسمائه الحسنى ، مما يثير فينا الإحساس بالحمد ، فتجري على ألسنتنا كلمة الحمد عفويا و دونما تكلف ، و نحن لا نستطيع إلا ذم أنفسنا التي اختــارت الشــقاء ،أما ربنا فإنه يستحق الحمد بكل تأكيد ، فقد خلق الكون برحمته ، و أجرى فيه سننه ، كما أجرى في قلوبنا تيارا من العقل و العلم و الإرادة لكي نستفيد مما في الحياة من سنن .
و لكن تبقى مشكلتنا نحن الذين لا نستفيد من تلك السنن ، ولا من هذا التيار الخير ، ولذلك فإن سنة إلهية أخرى سوف تقضي علينا و هي سنة الجزاء التي يؤكدها هذا الدرس .
و حينما يفسد الناس فلا يبقى فيهم من بركات الرسالات الإلهية شيء ، فينتشرالفساد في الارض ، ولا يبقى إلا لكع أبن لكع ، كما قال الرسول (ًص) آنئذ يحين موعد الساعة ، و تقوم القيامة ، و التي من علاماتها و أشراطها خروج دابة من الارض تكلم الناس ، الذين يحشرون يومها على صورة مجاميع ، طيبين و خبيثين ، فنشهد على الخبيثين بأنــهم معرضون عن آيات الله كما يشهدون على أنفسهم ، فيبدأ الحساب ثم الجزاء .
و يلاحــظ أن القــرآن يذكرنا بحكمة الله عندما يتعرض لذكر القيامة و يوم البعث ، فما هي العلاقة بين ذكر الآخرة ، و التذكرة بحكمة الله ؟
إننا عن طريق الإيمان بحكمة الله لما نراه من آثارها في كل أجزاء الكون ، نؤمن بالآخرة ، فما دام لكل شيء غاية ينتهي اليها ، إذن فلابد أن يكون خلق الانسان لهدف ما ، و لو فكرنا لوجدنا انه البعث بعد الموت .
ثم يحدثنا ربنا عن بعض آثار الحكمة في الخلق ، فلو نظرنا الى الجبال لظننا أنها ساكنة لا تتحرك بينما هي تمر في حركتها كالسحاب ، و الذي يخلق عالما بهذه الدقة المتناهية ، هل خلقه بعلم أم بجهل ؟!
بالطبع خلقه بعلم ، فهو يعلم أيضا ما نعمله نحن البشر .
ثم تستعرض الآيات بعض مشاهد يوم القيامة ، و تشير إلى جزاء المحسنين الذين يؤمنهم الله من فزع ذلك اليوم - الذي لا يستثني أحدا غيرهم - أما الكفار فإنهم يلقون على وجوههم في جهنم خالدين .
و يخبرهم الرسول (ًص) بأن الله أمره بأن يعبده و هو رب مكة الذي حرمها و له كل شيء ، و أن يتلو القرآن ( الذي كفاه هاديا ) فمن أهتدى فلنفسه ، و من ضل فعليها ، و ليس الرسول (ًص) وكيلا عنه ، إنما هو نذير ، و الحمد لله أبدا .
و يختم السورة بإنذارهم بالآيات التي سيريهم ، و يبدو أنها آيات العذاب .
|