و أحسن كما أحسن الله اليك
هدى من الآيات الإله في اللغة هو ما يتأله اليه بالبكاء (1) و يرجع اليه عند الشدائد ، و بالتالي هو الذي ينبغي ان يتخذ وليا ، و في هذا الدرس الذي يذكرنا بربنا عسى ان نسقط الشركاء من حسابنا ، و نخلص العبودية لربنا ، و نطيع من أمرنا بطاعته من رسله و أوليائه ، و نتمردضد الطغاة ، و الظالمين الذين اتخذوا من دون الله أندادا ، و يتساءل السياق عن الآله الحقيقي ، الذي يجب ان يتخذه الإنسان وليا و نصيرا ، و قائدا و مولى ، ثم يقول مباشرة : " افلا تسمعون " " افلا تبصرون " .
و كثيرا ما تتكرر هذه الصيغ و شبيهاتها " افلا تعقلون " ، افلا تذكرون .. الخ " في القرآن ، و في ذلك تأكيد لفكرة مهمة هي : ان وجود الآيات و حدها في الكون لا(1) قال ابن الاعرابي الأل كل سبب بين اثنين و قال ابن الفارسي : الأل : الربوبية ، و قال الفراء : الأل رفع الصوت بالدعاء و البكاء ، و يبدو ان ما ذكرناه آنفا يجمع المعاني المختلفة للكلمة . راجع معجم مقايس اللغة / ج 1 / ص 20 - 21 .
يكفي ، بل لابد من وجود جهاز استقبال عند البشر حتى ينتفع البشر منها ، فهل ينفع نور الشمس من أغمض عينيه ؟!
ان الله هو الذي جعل الليل سكنا ، و النهار ميدانا للسعي و النشاط ، و هو الذي يقدر حياة الخلق و موتهم ، و المطلوب منا ان نتخذه إلها حقا ، و ذلك بان نستمع لرسله ، و نبصر آياته ، ثم نعقلها لنعرف الحقائق .
نجد في الآيات الاخيرة من هذا الدرس اشارة بل توضيحا لفكرة القوة المالية في الحياة ، فما هو الهدف من النعم الالهية على البشر ؟
ان الهدف من النعم هو الوصول الى الكمال الروحي ، و العروج بقيم الانسان و روحه في مدارج المجد و العظمة عبر الشكر لله ، و الذي يمثل الأثر الإيجابي المنبعث عن وجود النعم ، و ذلك أسمى من الرفاه و الرخاء المادي ، و من لا يشكر النعم تتحول لديه الى نقمة منالناحية النفسية ، فترى نعمة الفراغ تتحول عنده الى قلق و ضياع ، تجده بدل ان يصرف الملايين التي يمتلكها في سبيل راحة نفسه و عائلته و أمته ، يذهب بها للفساد فيحطم شبابه ، ثم يعود صفر اليدين .
و شكر النعمة هو الذي يجعلها نافعة ، بينما الكفر بها يحولها نقمة على صاحبها ، و يتمثل الشكر في الانتفاع بها ضمن الحدود المشروعة لأهداف خيرة ، و قارون كان بعكس ذلك تماما ، فقد اعطاءه الله من الكنوز ما تنوء مفاتحها بالعصبة الاقوياء ، لكنه بدل ان يستفيد منها ، وهو من شعب مستضعف كفر بها و بربها كما يذكر القرآن ذلك في الدرس القادم ، و لكن السؤال : ما هي مناسبة الحديث عن قصة قارون ، و بالضبط عند الحديث عن القيادة ؟
الجواب : ان الانحراف البشري عن القيادة الصحيحة ، يتم بسبب ضغطأحدى القوتين :
فأما قوة الارهاب و السيف ، أو قوة المال و الثروة ، واذا كان فرعون مثلا للقوة الاولى ، فان قارون مثل للقوة الثانية ، و اذ يضرب الله لنا هذه الامثال فلكي يقيم الحجة علينا ، فلا نلتف حول صاحب الثروة لماله ، ولا حول من يملك الحكــم لقوته .
|