فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


ثواب الله خير لمن آمن و عمل صالحا
هدى من الآيات

بالاضافة الى الجوانب العلمية في القرآن هناك جوانب بالغة الأثر في الحكمة ، تمثل مفتاحا لشخصية الفرد ، و شفاء لامراضها و عقدها ، فعندما نقرأ قصة قارون فان الذي نعتبر به من هذه القصة يساوي او يفوق ما نتعلمه منها ، فنحن نتعلم منها أثر الثروة وميكانيكيتها في المجتمع ( قانون الثروة ) و هذا وحده لا يكفي إذا لم نعتبر منها في إصلاح أنفسنا عند مواجهة زينة الحياة الدنيا بتجاوز ظاهر الأحداث الى لبها ، و تفاصيل القصة الى هدفها و ذلك من خلال وعي الآية القرآنية :

" يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم " .

و الحديث الشريف عن الدنيا انها :


" تغر و تضر و تمر " (1)

و كثير هم الذين تخدعهم الدنيا ، فيحسبونها غاية المنى ، و لكنهم حينما يجربونها يجدونها كالحية ظاهرها أملس ، و باطنها السم الزعاف ، و هي كماء البحر كلما يشرب العطشى منه كلما يزدادون ظمأ ، و هكذا كلما لهث الانسان وراء زينة الدنيا ، يحسبها تحقق اهدافه، كلما ازداد بعدا عنها ، و صدق الامام علي (ع) اذ قال :

" منهومان لا يشبعان طالب العلم و طالب الدنيا " (1)و اهم ما نستفيده من هذه القصة التالية :

1 - من الناحية النفسية يجب ان لا تخدعنا الثروة ، و تبعدنا عن هدفنا الأكبر و هو الآخرة ، فلقد كان بامكان قارون الذي يعجز عن حمل مفاتح خزائنه الرجال الأقوياء ، ان يجمع آخرته الى دنياه ، و لكنه حينما قيل له ذلك رفض و قال : ان الاموال التي حصلت عليها كانت نتيجة جهدي و عملي و أنكر فضل الله ، بينما لم يكن علمه سوى وسيلة بسيطة في جمع هذا المال الذي أعطي له لاختباره ، و امتحان ارادته ، لذلك فشل في الامتحان ، فخسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين .

2 - من الناحية الاجتماعية يجب ان نلتف حول الاشخاص لما يحملونه من رسالة صالحة ، وما يجسدونه من صفات سامية ، و ليس لأموالهم و سلطتهم ، و الذي جعل الكثير من الطواغيت يتسلطون على رقاب الناس هو تقديس الناس للثروة ، و احترامهم لأصحابها ، و جعلها مقياسا بدل ان تكون القيم هي المحور ، و الاسلام


(1) نهج البلاغة / خ 419 .

(2) نهج البلاغة / خ 228 .


يحسس الانسان بكرامته ، و أنها أكبر من المال و الجاه حتى لا يقع فريسة للرأسماليين . رجالا كانوا كما في الغرب ، أو أحزابا في الشرق ، و في الحديث الشريف :

" من اتى غنيا فتواضع له ذهب ثلثا دينه " (1)3 - ان الذي يستفيد من الثروة في غير أهدافها ، كما لو استخدمها للتباهي و التفاخر يخسر الآخرة ، كما لا يتنعم بثروته في الدنيا ، بل يخسرها . ان هدف الثروة هو عمارة الأرض ، فإذا استخدمناها للتعالي على الناس ، و الفساد في الأرض فسوف يكون مصيرنا ما انتهىاليه قارون ، الذي خسف به في الدنيا ، وهو الآخرة من الخاسرين.


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس