خلق الله السموات و الارض بالحق
هدى من الآيات تركيزا بعد القصص التي تليت ، و بيانا لمنهج الهي يقينا مصير الغابرين تأتي آيات هذا الدرس لتبين أولا : ان الحق أساس خلق السموات و الارض ، و حين نعرف ذلك نهتدي الى ان كل شيء يسير على هدى سنة مفروضة عليه ، و علينا - اذا - معرفة تلك السنن ان كنا نريد التعامل مع حقائق الخلق ، ولا يجوز ان نتمنى ان يكون العالم المحيط بنا على صورة نصنعها في أنفسنا ثم نتعامل مع تلك الصورة التي لا تمت الى الواقع بصلة كما يفعل الجاهلون ، و اكبر عقبة في طريق العلم هو التصورات الذاتية التي يتوهمها البشر ، و يزعم بانها هي الحقائق الموضوعية .
و حين يثبت الوحي مبدأ الحق يبني عليه مبدأ المسؤولية ، فليس بالتمنيات تقدر ان تبلغ الحياة الفضلى ، انما بالسعي الرشيد ، و العمل الجاد المخلص تتقي العقاب الالهي .
ثانيا : ان معــرفــة هـذا المبدأ بحاجة الى قابلية في القلب تأتي بالايمان و التسليم ، ذلك ان القلوب المغلقة لا تستطيع ان تستوعب هذا المبدأ الشامل .
العين تعجز عن التركيز على نور باهر ، و الاذن لا تسمع الاصوات ذات الذبذبات العالية جدا ، و كذلك القلب فليس كل قلب قادرا على معرفة الحقائق الكبرى في العالمين ، و انما القلوب المؤمنة التي روضت بالتقوى ، و بوركت بالوحي ، و نورها الله بنوره البهي قادرةعلى وعي هذه الحقيقة . ان محور الخليقة هو الحق " ان في ذلك لآية للمؤمنين " .
ثالثا : لكي نفهم هذا المبدأ ، و نعتبر بالتالي بعاقبة الذين اهلكهم الله بفسادهم و عنادهم ، لابد ان نتلوا القرآن ، لنقرأ من خلال آياته آيات الله في الخليقة .
رابعا : و علينا ان ندفع عن قلوبنا هجمات الشيطان التي لا تتوقف ، هذه الوساوس و الظنون و التمنيات جنود الشيطان التي تحيط بالقلب احاطة السوار بالمعصم ، و الصلاة و ذكر الله حصن القلب ضدها .
خامسا : ايجاد علاقة إيجابية و بناءه مع اهل الكتب الالهية يساهم في تكريس وحدة الرسالات ، و بالتالي رفع مستوى الوعي الايماني للبشرية ، و بالرغم من ان الجاهلين قد اوغلوا في الكتب السابقة تحريفا و تأويلا باطلا ، و بالرغم من وجود نواقص في الكتب أتمها الاسلام ، الا ان علينا احترام اهلها و عدم الجدل معهم الا بالتي هي أحسن .
و يمضي السياق في بيان جدل الكفار في رسالة النبي و يرد شبهاتهم و يقول : ان الرسول لم يكن يتلو من قبل كتابا ولا يخطه بيمينه حتى لا يرتاب المبطلون في صدق نزول الكتاب من الله عليه .
انما الكتاب آيات تعيها صدور العلماء ، أما من يجحد بها فانما لظلمه ، و لآثار الذنوب على قلبه ، و هم يطالبون بآيات خارقة و هي عند الله و بأمره ، و انما الرسول نذير و ما عليه الا البلاغ .
لو كان هؤلاء من اهل الهدايةكان هذا الكتاب كافيا لهم ، أوليس قد انزله الله رحمة و ذكرى لقوم مؤمنين ؟!
|