فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[8] الحجة بين الله و خلقه العقل ، و منه العلم و المعرفة ، و منه الهدى ، و العقل يدل صاحبه الى اتباع الكتاب المنير و من لا يملك هذه الحجة ، فانما يجادل في الله باطلا .

[ و من الناس من يجادل في الله ]

فيقول : هل الله قادر على ان يبعث الموتى ، او يفعل ذلك ؟ و لماذا ؟

و نستوحي من الآية : ان الايمان بالنشور فرع الايمان بالله ، و باسمائه و منها القدرة و الحكمة ، بل الايمان بسائر حقائــــق الدين انما هو فرع لمعرفة الله ، كما ينبغي ان يعرف ، بعظمته و حكمته و رحمته بعباده .

[ بغير علم و لا هدى و لا كتاب منير ]

ما هي حقائق هذه الكلمات التي من تمسك بواحدة منها فاز ؟

أ : العلم ، و هو ضوء العقل ، و هو انكشاف الحقائق للقلب بنور الله ، حيثيغني صاحبه من اتباع دليل أو التماس حجة .

ب : الهدى و هو مستوى اقل من العلم ، كمن يمشي في الصحراء تائها و إذا به يجد علامة من بعيد تدلــــه علـــى الوجهة التي يجب عليه ان يتبعها . و الفرق بين المستويين ( العالم و المهتدي ) ان العالم يمتلك خريطة مفصلة يمكنه الاعتماد عليها في مسيره الى الله، فهو لا يحتاج الى علامة ، اما المهتدي فهو كمن يتبع وميض نور يسير على هداه .

ج : الكتاب المنير قد لايكون الانسان عالما و لا مهتديا ، فيكون سائرا على هدى عالم آخر ، كما لو ان جماعة من الناس يسيرون في صحراء خلف دليل ، و الدليل هو العالم ، و قد يكون الدليل هو الكتاب فهم يسيرون معه انى اتجه .

[9] [ ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله ]

اي مائلا ما بين منكبه و رقبته تعبيرا عن التكبر و الاعراض ، لما يواجه به من الحق ، فهو أبدا مول عنه ، و يسعى لاضلال الناس عن سبيل الله ، و سبيل الله هو الايمان به و العمل الصالح خالصا لوجهه .

[ له في الدنيا خزي ]

لعلنا نستوحي من الآية : ان من يجادل في الله ، يبتلى في الدنيا بخزي اعده الله له لا يمكنـــه الفرار منه ، فاما فشل ذريع ، أو ميتة سوء ، أو فضيحة عند الناس ، أو لعنة ابدية . أو ليس قد اختار لنفسه الذلة باتباع ابليس و طاعة الطغاة ، و الخضوع للأثرياء؟

[ و نذيقه يوم القيامة عذاب الحريٌق ]

النتيجة في الآخرة لن تكون احسن منها في الدنيا ، بل هي اشد و اسوأ .. كلماتنضج جلودهم تبدل بجلود غيرها ، ليذوقوا العذاب الحريق .

[10] [ ذلك بما قدمت يداك ]

و اليدان تعبير عن كل الجوارج ، فهذه حكمة الله ، انه يترك الانسان في الدنيا يقترف ما يريد و يجرم ما يشاء و لكنه يقف له بالمرصاد يأخذه بذنبه حين يشاء .

[ و أن الله ليس بظلام للعبيد ]

لانه سبحانه قد اعطاك عقلا ، و بعث اليك رسلا ، و اوضح لك طريقك ، و بين لك كيف تعمل ، و كيف توفر لنفسك العزة في الدنيا و النعيم في الآخرة ، ان الرب قد أراد العزة للخلق حين أمرهم بعبادته ، و رفض عبادة المخلوقين ، و لكنهم ظلموا انفسهم فاخذهم بما كانوايكسبون .

و ربما توحي هذه الآية بان الله لا يأخذ عباده بما ينوون القيام به من السيئات ، بل بما يقومون به فعلا . و لذلك جاء التعبير بما قدمت يداك .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس