هكذا يحيط تدبير الله بالانسان
هدى من الآيات تطرقت الآيات السابقة عن ان هناك من يؤمنون بالله ايمانا حرفيا ، فاذا اصابتهم نعمة اطمأنوا بها ، أما اذا امتحنوا بفتنة انقلبوا على وجوههم و قالت : ان هؤلاء يتبعون قادة يضرون ولا ينفعون .
وفي هذا الدرس يذكرنا القرآن بأن الحاكم الحقيقي للكون ، و من له الولاية الحق على الانسان هو الله ، ليس فقط في المجال التشريعي و في الآخرة ، و انما ايضا في الدنيا و في المجال التكويني .
و لتأكيد هذه الفكرة تذكرنا الآيات بعدة حقائق :
أولا : ان الذين يزعمون انهم منفصلون عن ارادة الله و تدبيره فليفعلوا ما يشاؤون ، و ليكيدوا ما يريدون ، ثم لينظروا ، هل باستطاعتهم ان يخرجوا من حدود قدرة الله و ملكوته ؟
ثانيا : هل باستطاعة الانسان ان يهتدي الى سواء السبيل ، و يعرف الطريق القويم ، من دون هدى الله المتمثل في آياته و رسوله و في توفيقه للهدى ؟
ثالثا : هل بالامكان توحيد البشر على اساس غير رسالة الله الحق ؟ كلا ..
ان رسالة الله و العمل بها هو الاساس الوحيد لتوحيد الناس .
ثم يؤكد الذكر على ان كل ما في السماوات و الارض خاضع لله و ساجد له ، كالشمس و القمر و النجوم و الشجر و الدواب ، و لكن تبقى مجموعة من البشر تشذ عن هذه السنة لفترة محدودة ، و في مجال محدود ، ينتهون بانتهاء الفرصة التـي اعطاهــم الله . فليس بامكان الانسان ان لا يأكل او لا يشرب أو لا ينام ، و كذلك ليس باستطاعته ان يخرج نفسه من الارض ، او يتمرد على سنن الحياة ، نعم بأمكانه ان لا يصــوم أو لا يصلي ، في هذا المجال المحدود فقط اعطي الحرية لكي تمتحن ارادته ، اما في سائر المجالات فلابد له من الخضوع طوعا و كرها ؟
اذن ما دمت لا تستطيع الخروج عن ولاية الله ، فلماذا تتمرد عليه و تتخذ غيره وليا ؟
هذا في الدنيا ، اما في الآخرة فيساق المجرمون الى جهنم سوقا و تفصل لهم ثياب من نار ، و يصب من فوق رؤوسهم الحميم فيصهر ما في بطونهم و اجوافهم ، و لهم مقامع " مطارق " من حديد ملتهب ، و كلما حاولوا الفرار من النار اعيدوا اليها مقهورين .
اذن فبداية الانسان و نهايته محدودتان بتدبير الله ، انه لا مخرج من ملكوت الله و سلطانه ، فحري بالانسان ان لا يتخذ غير الله وليا و قائدا .
|