بينات من الآيات [15] [ من كان يظن ان لن ينصره الله في الدنيا و الأخرة فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ]( الهاء ) في كلمة ( ينصره ) تعود الى احد معنيين ، اما الى نبينا محمد (ص) و اما الى من في جملة " من كان يظن ان لن ينصره الله " .
ففي الحال الاولى يكون المعنى : انه من كان يحقد على محمد (ص) ، و ما جاء به من رسالة الله و يشك في نبوته ، ولا يعتقد بان الله ناصره في الدنيا و الآخرة ، فليبذل كل ما في وسعه ، و ليجرب كل حيلة الى ذلك ، حتى لو استدعى ذلك ان يمد حبلا من اعلى و يشنق نفسه ، ثم لينظر : هل استطاع ان يتحدى ارادة الله بمنع رسوله او بمنع رسالته فيشفي بذلك حقده وظنه ؟
اما في الحالة الثانية فان الآية تعني ان الله سبحانه ينصر الانسان ، و يحفظه و يعينه في الدنيا و الآخرة . و من كان يظن غير ذلك ، فليذهب أنـى يشاء ، و ليفعــل ما يريد ، حتى ولو شاء خنق نفسه ( بمد حبل الى السماء ثم قطعه ) فانه لن يقدر على تحدي سلطان الله ، و لن يذهب عمله و حقده على الله .
و لعل الآية تتضمن تحديا اعجازيا للبشر ، فاذا كانوا يشكون في قدرة الله اذن فليخرجوا من ملكوت الله ، ومن سننه و قوانينه الثابتة التي اخضع لها كل شيء ، و التي يكرهون على الخضوع لها ، و من ثم لينظروا - بعد ان يستخدموا كـل امكاناتهم و علومهم - هل استطاعوا ان يخرجوا من ملكوت الله ، أو هل تحــرروا من قوانين الحياة المادية و المعنوية ، فيشفوا بذلك غيظهم النابع من جهلهم الموجه ضد ارادة الله و سننه التي وضعت لمصلحتهم ، و التي كان ينبغي عليهم ان يعملوا بموجبها و يشكروا الله عليها لانها أهم مظاهر رحمة الله بعباده . فيكون معنى الآية : مدوا
بحبل الى السماء ، فهل تقدرون على ذلك ؟ و الله العالم .
عندما صعد رائد الفضاء ( ارمسترونغ ) الى القمر .. هل استطاع ان يخرج من ارادة الله ؟! كلا .. انه لا يستطيع ذلك حتى انه لم ينس مشاكله العائلية مع زوجته ، فقد صرح بعد نزوله الى الارض : كنت افكر و انا على سطح القمر في خلافاتي مع زوجتي .. و هل هي راضيةعن عملي هذا الذي اقوم به ام لا ؟
هكذا يبقى الانسان محكوما بالانظمة و القوى الطبيعية حوله ، مادية كانت ام معنوية ، شاء ذلك أم ابى ، ولا يمكنه و الحالة هذه الا ان يمتثل لامر مولاه . و ان تكبر و استنكف فلا يضر الا نفسه .
و أخيرا لو تفكر الانسان : من الذي يرزقه و يسبغ عليه النعم ، و من الذي يدفع عنه الآف الاخطار التي تحمل في طياتها الموت و الدمار ، لوجد انه هو الله الرزاق ذو القوة المتين ، و ما عداه ليس الا اسبابا مخلوقة ..
|