الطغاة لن يخلقوا ذبابا
هدى من الآيات لكي يزداد البشر تقوى و احساسا بمسؤولياته في الحياة ، لابد ان يزداد معرفة بالله وبأنه محيط به علما ، و لابد ان يشعر بان هناك رقيبا يراقبه ، و يحيط به ، و هذه المعرفة تعطيه التزاما أكثر بمسؤولياته .
و في هذا الــدرس ما قبل الاخير من سورة الحج التي تركز حول موضوع التقوى نجد - في هذه الآيات - ايحاءات تدل على علم الله بالكون ، و ان المسؤولية ليست امام الرسول و لا امام المؤمنين بقدر ما هي امام الله رب العالمين ، فالله هو الذي يشرع لكل امة مناسكها، و هو الذي يطالبها بأدائها ، و يحاسب على تركها ، فلماذا اذن يجادل هؤلاء الكفار الرسول ؟
ان مسؤولية الرسول هي الدعوة الى الله عبر الصراط المستقيم و مسؤولية الرسول لا تتجاوز هذا الحد ، أما حساب الناس فهو على ربه و ربهم .
ان الله محيط علما بما في السموات و الارض ، و ان كل شيء عنده مكتوب في كتاب لا يضل ربي و لا ينسى ، و ذلك على الله يسير . لان تسجيل حوادث الدنيا و متغيراتها و إدراجها في كتاب أمر بسيط ، فاذا حانت ساعة الحساب فان يدك كتاب ، و جلدك كتاب ، و عينك كتاب ،و كل ما فيك كتاب شاهد عليك ، فما تفعله لا يذهب هباءا ، و مع كل ذلك ، فانك تجد أناسا يعبدون من دون الله أناسا عاجزين مثلهم و يخضعون لاصنام بشرية أو حجرية .
ان الانسان ينبغي له ان يتبع احد أمرين : اما ان يتبع شريعة الله و يخضع لأوامره ، و نواهيه ، و اما ان يتبع العلم ، فمن لم يتبع أحد هذين الأمرين فهو ظالم لنفسه ، و من يظلم نفسه ، أيحسب آنئذ ان الاصنام الحجرية أو البشرية ستشفع له ؟! انها ستكون عليه ضدا ، و سيحشر معها في جهنم كما قال تعالى :
" انكم و ما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون " .
و انــــك لترى مدى التعصب للباطل عند عبد الطاغوت ، حيث تتبين في وجوههم المنكر .. فاذا بها تظلم و تعبس ، كلما تليت عليهم آيات الله ، البالغة الوضوح ، حتى ان اعصابهم تتحفز و كأنهم يستعدون لمعركة ، و يكادون يرفعون أيديهم للسطو على من يتلوا عليهم الآيات ، و دون النظر الى محتوى الآيات ، و ان التالين لها ليسوا سوى مبلغين و ان قول الحق اذا كان مرا لان فيه تهديدا و انذارا بالعقاب الواقعي ، فان ذات العقاب و هو النار التي وعدها الله الذين كفروا انه اشد حرارة و أسوأ مصيرا .
و بمناسبة الحديث عن الاصنام التي تعبد من دون الله ، يتحدى الله الاصنام البشرية موجها اليها المقال بان ليس في امكانها خلق ذبابة واحدة حتى لو احتشدت كل القوى العظمى اليوم مثلا ( امريكا ، روسيا ، اوربا ، اليابان و اذنابهم ) مااستطاعوا اليه سبيلا .
انهم يعجزون عن صنع حشرة صغيرة كالذبابة ، و ان تسلبهم الذبابة شيئا ، فانهم أعجز من ان يستنقذوه منها ، بالرغم من ضعف قوتها " ضعف الطالب و المطلوب " اذن فلماذا الطغيان ، و لماذا عبادة هؤلاء الضعفاء ؟!
|