6 - المحافظة على الفرائض و الحدود [9] بعد تبيان هذه المجموعة من الصفات يذكرنا القرآن باهمية المحافظة على الصلاة ، و ربما تختلف الصلاة التي يذكرها في أول الصفات عن هذه التي في آخرها ، فبينما الخشوع في الصلاة يعني في ذات الصلاة ، و هو اصل الايمان و حقيقته ، اما المحافظة على الصلاة فهي المحافظة على حدودها ، و هذا يوضح ما للصلاة من انعكاس على جميع أبعاد الحياة لدى الفرد ، فأي انحراف في اي بعد يؤثر على صلاته ، و هكذا تعني المحافظة عليها الالتزام بسائر الحدود الشرعية ، و المؤمنون لا يتهاونون في الاحكام الشرعية بحدودها ، و شرائطها ،باسم جوهرها . فلا يتركون الصلاة مثلا بحجة ان الخشوع هو الاصل فيها ، فاذا تحقق فلا أهمية للركوع و السجود ، كما يتصور ذلك بعض المتصوفة ، اذ تراهم لا يحترمون الحدود الشرعية بزعم انها وسائل للوصول الى الحق ، و انهم يصلون اليه عبر وسائل اخرى ، و انهم اذابلغوا الحق و اتصلوا به سقطت عنهم التكاليف لان الله يقول : " و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين " و هم - في زعمهم - قد أوتوا اليقين .
كلا .. المؤمنون حقا هم المحافظون على حدود الصلاة ، و لكنهم لا يلتزمون بالحدود فقط بعيدا عن جوهر الصلاة ، و سائر العبادات ، فهم من جهة في صلاتهم خاشعون مراعون لجوهرها ، و هم من جهة اخرى على صلواتهم يحافظون ، و يراعون حدودها .
[ و الذين هم على صلواتهم يحافظون ]
وراثة الفردوس :
[ 10/11 ] لماذا يؤمن الانسان ؟
لأنه يعرف ان ايمانه سينتهي به الى جنة عرضها كعرض السماوات و الأرض ، و لهذا يأتي الحديث بعد هذه الصفات عن الجنة .
[ أولئك هم الوارثون ]
و لهذه الآية معنيان :
الأول : ما جاء في الأحاديث من ان لكل انسان بيتين . احدهما في الجنة ، و الآخر في النار ، فمن اصبح من اهل النار ورث المتقون بيته في الجنة ، فقد روي عن النبي (ص) :
" ما منكم من احد الا له منزلان ، منزل في الجنة ، و منزل في النار ، فان مات و دخل النار ، ورث اهل الجنة منزله " (1)الثاني : انهم يرثون الفردوس و هي أعلى مراتب الجنة من دون عمل يذكر ، الا انتسابه للجنة ، كالذي يرث مال أبيه لا بعمله و كده ، بل لانتسابة اليه .
و الله سبحانه و تعالى يريد من الانسان ان يتصل بسبب الى الجنة ، حتى اذا مات ورثها .
[ الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ]
(1) المصدر / ص 532
|