بعدا للقوم الظالمين
هدى من الآيات لأن القرآن بذاته شفاء ، ولان سورة ( المؤمنون ) تعالج النفوس المريضة ، بذكر عبر الماضين لتصفي القلوب ، و تتصل بنور الايمان البهي ، و لان أمر التوحيد لا يخص قوما دون آخر ، فان السياق القرآني هنا يذكر بعاقبة اولئك الذين كذبوا الرسول ، فأنذرهم بانهم سيصبحون نادمين حين ينزل الله بهم العقاب ، و يعرفون انه جزاء افعالهم ، و هكذا أخذتهم الصيحة ، جزاءا عادلا لغفلتهم ، و جحودهم ، فاذا بهم غثاء كغثاء السيل ، تلاحقهم اللعنة ، فبعدا لهم لانهم كانوا ظالمين .
و خلق الله قوما غيرهم ، و مضت سنته تعالى فيهم ، كلما كذبوا امهلهم حتى ينتهي اجلهم ، اما اذا جاء أجلهم ، فلا يتقدم و لا يتأخر ، و الرسل يتعاقبون رسولا بعد رسول ، و لكنهم كانوا يكذبونهم ، فجعل الله بعضهم يتبع بعضا في الهلاك . حتى أصبحوا جميعا احاديثتروى ، و لا أثر لهم في الحياة الا ما تحمله ذاكرة التاريخ من عبرهم ، و أمثالهم ، و لعنات الله لهم ، فبعدا لهم لانهم لم يؤمنوا .
و يبدو ان حياة هؤلاء كانت متشابهة ، و لكنها تطورت عند فرعون و ملأه و لذلك افرد بالذكر ، فهذا موسى و أخوه هارون ، يرسلهما الرب اليهم ، فيستكبرون و يعلون في الارض طغيانا و يقولون : عجبا ! كيف يأمراننا بالايمان ، و الطاعة لهما ، و قومهما يعبدوننا ؟! و هذا التكبر أرداهم ، حيث أنهم كذبوهما ، فجرت عليهم سنة الله في هلاك المكذبين .
و لكن الله لم يرد هلاكهم انما أراد هدايتهم . اذ بعث فيهم رسولا ، و آتاه كتابا .
|