فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


و اكثرهم للحق كارهون
هدى من الآيات

في سياق حديث سورة ( المؤمنون ) عن محورية الحق في الحياة ، يذكرنا القرآن بأن اولئك الكفار يعيشون في غمرات الشهوات و الضلالة ، بعيدين عن الحق ، يمارسون أعمالا إجراميــــة ، و يستمرون عليها حتى يأخذ الله مترفيهم ( و هم قياداتهم المفسدون ) بالعذاب ، فإذ بهم يتضرعون من هول العذاب ، و لكن من الذي يعذب في الدنيا ؟ انهم المترفون ، الذين يأتيهم الخطاب : لا تتضرعوا ، فإن الضراعة عند نزول العذاب لا تنفع ، و لا ينصرهم الله . أفلم يكونوا يتولون هاربين كلما تليت عليهم آيات الله و هم يستكبرون بها ، و عندمايسهرون بالليالي يقولون : كلاما تافها ضدها ؟!

ولماذا الاستكبار على الحق ، و لماذا لا يتدبرون في القرآن ليجدوا انه يهديهم الى الحق الذي دعا اليه كل الرسل و الصالحين ( ممن تعترف البشر بفضلهم ) و هذا الرسول يعرفونه بإخلاصه ، و صدقه ، و امانته ، فلماذا ينكرونه ، و هل يعقل ان يكونبه جنة ؟! كلا .. إنما سبب جحودهم له دعوته الى الحق ، و الحــق يكــرهـه اكثـر الناس ( بجهالتهم و اتباعهم للشهوات ) .

ثــم إن الكون قد خلق وفق سنن و انظمة ، بعضها نعرفها نسميها القوانين الطبيعية . كجاذبية الارض ، و انسياب النور ، و انفلاق الحبة من التربة الصالحة ، و بعضها الآخر قوانين غيبية مثل غفران الله للمذنبين التائبين ، أو تعذيبه للمجرمين .

و سواء هذا او ذاك ، فان هذه القوانين هي الحق . الذي خلق الله وفقه السمـــاوات و الارض ، و الذي لو زال و حـل مكانه الهوى و الباطل لفسد الكون في لحظــة .

و على الانسان ان يستجيب للحق الذي قامت به السموات و الأرض ، و يكفينا دليلا على ذلك حياة الانسان ، فهو يعيش ضمن سنن لا يحيد عنها كالجوع ، و العطش ، و النوم ، الا سنة واحدة اعطى الاختيار فيها بين آلاف السنن و القوانين ، بعد أن بين الله له أبعادها ،و مع ذلك فانه قد يحطم نفسه و الارض بهذا الاختيار .

و انت أيها الانسان اعتبر بهذه الحقيقة ، فانك لو أعرضت عن الحق ، و اتبعت الباطل و الهوى فإن حياتك ستفسد ، و ستفسد الآخرين .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس