فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


إنه لا يفلح الكافرون
هدى من الآيات

موقف السخرية من رسل الله أشد المواقف خطورة ، و هو نابع من حالة اللامبالاة و الزعم بان الخلق عبث لا هدف له ، و يبدو ان هذا الدرس الاخير من سورة المؤمنون ، يعالج هذا الموقف ، بتذكير البشر بالحساب الدقيق ثم الجزاء الأوفى الذي ينتظره بعد الموت .

و يبين السياق :

أولا : ان تلك العلاقات التي كانت سببا للجحود و الابتعاد عن الله ، سوف تنتهي يوم القيامة ( فلا انساب بينهم ) ، اذن يجب على الانسان ان لا توقفه هذه العقبة عن الايمان .

ثانيا : ان المقياس الحق لتقييم الانسان نفسه ، هو الميزان الذي يجسد القيم الحقيقة التي فطرت عليها العقول ، و تذكر بها رسالات الله ، و هو الذي نعرف عنطريقه هل إننا بخير أم على شر ، فاذا ثقلت موازين الانسان ، و كانت صالحاته اكثر من سيئاته كان من اصحاب الجنة ، و الا فانه من اصحاب النار ، و الآية التي تحمل هذا المضمون (102 - 103) هي أكثر الآيات تحذيرا في القرآن كما يبدو لي ، اذ من الذي يستطيع ان يطمئنولو نسبيا الى أن حسناته أكثر من سيئاته ؟! لهذا فان المؤمنين لا يتركون وقتا الا و استغلوه للعمل الصالح .

ثم يصف لنا القرآن بعض المشاهد من يوم القيامة ، يوم تلفح النار وجوه الكافرين و الظالمين ، حتى تنكمش اسنانهم و تحترق وجوههم فتظهر اسنانهم كلها ، و عندما يطلبون من الله العودة لاستئناف العمل يأتيهم الجواب ان اخسأوا ، و هي كلمة لا تقال الا للكلب ، فقد كنتم تهزؤون و تسخرون من عبادي يوم كانوا يدعونكم الى عبادتي ، و ها قد جزيتهم بالجنة و انتم في النار .

و يستمر السياق يبين لهؤلاء اخطاءهم ، و التي من أهمها انهم اعتقدوا بان لا رجعة بعد الموت ، و بالتالي لا مسؤولية ، فتمادوا في غيهم و انحرافهم ، و فاتت عليهم فرصة الدنيا التي يفترض ان يزرعها الانسان عملا صالحا ينفعه في الآخرة ، و ذلك لن يكون دونماايمان خالص بالله .

و حتى لا تكون هذه الشدة سببا لليأس يفتح الله بآخر آية من هذه السورة بابا للامل ، حينما يذكرنا بانه أرحم الراحمين ، و كم هو شقي ذلك الانسان الذي يسد على نفسه ابواب رحمة الله التي وسعت كل شيء .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس