فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


كيف يواجه المسلمون افك المنافقين ؟
هدى من الآيات

في اطار فرض قانون الاسرة في المجتمع - و هو ما بينه القرآن في الدرس السابق - بعدما مر من بيان العلاقة بين الروح الايمانية ، و بين الاسرة المؤمنة في جانب عقوبة الزنا ، و عقوبة القدف به ، تبين الآيات الكريمة العلاقة السليمة بين الزوج و زوجته في هذه المسألة الحساسة ، حيث شرع الاسلام اللعان حلا للذين يقذفون ازواجهم بتهمة الزنا ، كبديل للشهود ، و اللعان هو ان يشهد الزوج اربع شهادات بزنا زوجته ، تحتسب كل واحدة منها بمثابة شاهد ، ثم يستنزل في المرة الخامسة لعنة الله عليه ان كان كاذبا هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى تشهد الزوجة أربع شهادات بالبراءة ، و في المرة الخامسة تقول ان غضب الله عليها ان كان زوجها صادقا في إتهامه لها بالزنا .

و لماذا تختلف تهمة الزوجة بالزنا عن تهمة غيرها ؟ انما للعلاقة الخاصة بين الزوج و زوجته . فقد يكتشف الزوج من زوجته مالا يمكن اكتشافه من قبل الآخرين ، و لولم يضع الاسلام قانونا خاصا لهذه العلاقة ، لانهارت اسر بكاملها ، لعدم وجود ما ينظم علاقة الزوج بزوجته في حالة التهمة و القذف .

بعدئذ يتعرض السياق القرآني لقضية هامة وهي مسألة ( الافك ) و مع ان مورد النزول في هذا المقطع القرآني ، يختص بتهمة الزنا التي الصقها البعض بزوجة الرسول (ص) ( مارية القبطية ) على احد الاقوال ، الا ان السياق يؤكد على ضرورة وقف امثال هذه التهمة ، التيتشيع في المجتمع ، و الوقوف في وجه من يختلقونها أو يروجون لها ، و توحي الآيات هذه ، بالحقائق التالية :

أولا : ان انطلاق التهم ، عادة ما يكون ، من مجموعة يلتفون حول بعضهم ، و يسمي القرآن هؤلاء ( بالعصبة ) .

و تشكل هذه العصبة تجمعا طاغوتيا ، لا يعتمد على القيم الاسلامية في علاقاتهم ، لانهم يختلقون التهم الباطلة ، و يفترون الاخبار الكاذبة ، و يبثونها في المجتمع ، كما تنفث الافعى السم في ضحيتها .

ثانيا : ان المجتمع الصالح هو المجتمع المحصن ضد التهم و القادر على اكتشاف كذب التهمة ، و ردها الى صاحبها بسرعة فائقة ، اما المجتمع الهزيل الذي تتلاقف أبناءه التهم الباطلة ، لنشرها دون العلم بما ورائها من هدف خبيث ، يهدد سلامة المجتمع فانه يتحطم سريعا . إن حرمات ابناء المجتمع و اعراضهم مهددة بعبث المعتدين .

وهكذا يعرف المجتمع الفاضل الرشيد منذ البدء خطورة التهم الباطلة ، فيسعى لردها حفاظا على سلامة كل فرد من ابنائه .

ثالثا : يؤكد القرآن الحكيم على نفع هذه الشائعات بالنسبة الى المجتمع المؤمنلانها تكشف طبيعة بعض افراد المجتمع ، اذ يكشف مثيري التهم ، و مدى ضحالة انتمائهم للمجتمع الايماني ، كما يكشف المسرعين لاستماعها منهم ، مما يعطي فرصة كبيرة لاصلاحهم من قبل الموجهين .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس