فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
حكمة اللعان في الاسلام

[6] [ و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا انفسهم ]

من الصعب جدا ان يعيش شخص يتهم زوجته بتهمة كالزنا بسعادة و اطمئنان ، و لكي لا تكون الاسرة محلا للصراع بين الزوجين فتفرز ابناء معقدين ، حاقـدين على المجتمع ، لنشأتهم في جو موبوء ، بل تكون الاسرة بيتا للوداعة ، و دارا للأمان ، لذلك شرع الاسلام اللعانالذي ينهي العلاقة بين الزوجين ابديا و يذكر الرواة قصة طريفة لنزول هذه الآية تبين بعض أحكام اللعان .

كما تعكس كيفية معالجة الاسلام للمشاكل الاجتماعية . تقول الرواية التي ينقلها المفسر المعروف علي بن ابراهيم ان الآية نزلت في اللعان ، و كان سبب ذلك أنه لما رجع رسول الله (ص) من غزوة تبوك جاء اليه عويمر بن ساعدة العجلاني و كان من الانصار ، فقال : يارسول الله ان امرأتي زنى بها شريك بن السمحاء و هي منه حامل ، فأعرض عنه رسول الله (ص) فاعاد عليه القول ، فاعرض عنه ، حتى فعل ذلك أربع مرات ، فدخل رسول الله (ص) منزله ، فنزل عليه آية اللعان ، فخرج رسول الله (ص) بالناس العصر و قال لعويمر : ايتني بأهلك فقد أنزل الله عز و جل فيكما قرآنا ، فجاء اليها فقال لها : رسول الله يدعوك ، و كانت في شرف من قومها فجاء معها جماعة ، فلما دخلت المسجد قال رسول الله (ص) لعويمر : تقدم الى المنبر و التعنا فقال : كيف اصنع ؟ فقال : تقدم و قل : اشهد بالله اني لمن الصادقين فيما


رميتها به ، فتقدم و قالها ، فقال رسول الله (ص) : اعدها ، فاعادها حتى فعل ذلك أربع مرات ، فقال له في الخامسة : عليك لعنة الله ان كنت من الكاذبين فيما رميتها به ، فقال له في الخامسة : ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين فيما رماها به (1) ثم قال رسول الله (ص) : ان اللعنة موجبة ان كنت كاذبا .

ثم قال له : تنح ، ثم قال لزوجته : تشهدين كما شهد و إلا اقمت عليك حد الله ، فنظرت فـــي وجوه قومها فقالت : لا اسود هذه الوجوه في هذه العشية ، فتقدمت الى المنبر و قالت : اشهد بالله ان عويمر بن ساعدة من الكاذبين فيما رماني ، فقال لها رسول الله : اعيديها ، فاعادتها حتى اعادتها أربع مرات فقال لها رسول الله (ص) : العني نفسك في الخامسة ان كان من الصادقين فيما رماك به . فقالت في الخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين فيمــا رماني به ، فقال رسول الله (ص) : ويلك انها موجبة ان كنت كاذبة ، ثم قال رسول الله (ص) لزوجها : اذهب فلا تحل لك أبدا . قال : يا رسول الله فمالي الذي اعطيتها ؟ قال : ان كنت كاذبا فهو أبعد لك منه ، و ان كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها . (2)و معنى الآية ان من يتهم زوجته و لم يستطيع احضار الشهود الشرعيين في مثل هذا المورد ، فعليه ان يحلف بالله أربعة ايمان ، بانه صادق في نسبة الزنا الى زوجته .

[ فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ][7] [ و الخامسة أن لعنت الله عليه ان كان من الكاذبين ]عند اللعان يقول الشخص : لعنة الله علي ان كنت من الكاذبين ، و لكن الله(1) المصدر / ص 580

(2) المصدر / ص 580


8 + 269

سبحانه و تعالى يقول : " ان لعنة الله عليه " بضمير هو لكي لا تظهر و كأن اللعنة على من يقرأ القرآن .

[8] [ و يدرؤا عنها العذاب ان تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ]فاذا اقسمت بالله أربع مرات على كذب زوجها أرتفع عنها الحد ، فلا جلد و لا رجم ، و ان لم تفعل ذلك فكأنما صادقت على تهمة زوجها لها بالزنا .

[9] [ و الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ]في الذي يدعيه في حقها ، و هكذا تلعن نفسها ان هي ارتكبت الزنا ، و كان بالتالي اتهام زوجها لها صحيحا .

[10] [ و لولا فضل الله عليكم و رحمته و أن الله تواب حكيم ]اذ لــولا فضل الله و توبته لعذب من يقذفون ازواجهم ، لان القذف تهمة عظيمة عند الله ، و لا يجوز لاحد اتهمام الآخرين لمجرد الظن أو حب الانتقام ، و جواب " لولا " معروف من خلال السياق ، و لعل الآية (14) تشير اليه أيضا حيث يقول ربنــا سبحانـــه : " ولو لا فضل الله عليكم و رحمته في الدنيا و الآخرة لمسكم فيما افضتم فيـــه عذاب عظيــم " .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس