الحلف في القانون الاسلامي ومما يثير التفكير هنا ، مدى اعتماد الاسلام على روح " الايمان " في الانظمة الاجتماعية التي يشرعها ، اذ يشكل الحلف مثلا أحد اعمدة النظام الاسلامي في القضاء ، و عندما يفقد المجتمع روح الايمان ، و يفقد الالتزام بما يقول ، وما يحلف بهاذن لا يقدر على تنفيذ قيم الرسالة ، ولا يمكن ان يكون بالتالي نظامه نظاما اسلاميا باي حال .
و بالرغم من ان المجتمعات البشرية اليوم ، وصلت الى حد من التقدم التكنولوجي يبهر الانسان ، الا انها مازالت فاشلة في الانظمة الاجتماعية و الانسانية ، فلا يجد الفرد في المجتمع غير المؤمن وازعا من الحلف بالله كذبا من أجل بضع دنانير ، بينما ميزة المجتمعالمؤمن تخرج ابناءه من الحلف كاذبا .
و لو راجعنا تاريخ الرعيل الأول من المسلمين ، لعرفنا الى أي حد كان النظام القضائي ناجحا آنذاك ، فلقد كان المجتمع الاسلامي يسير من قبل الحكومة الاسلامية ، و تحل جميع مشاكله دونما اي صعوبة ، ذلك لان المؤمنين يتحرجون من جعل الله عرضة لايمانهم حتى ولوكانوا صادقين ، و كان البعض منهم مستعدا للتنازل عن حقه ، و دفع مبلغ كبير من المال ، و لم يكن مستعدا للحلف بالله العظيم .
و ننقل قصة الامام زين العابدين ، كشاهد على ذلك ، فقد رفعت احد مطلقاته دعوى ضده عند القاضي ، مطالبة أياه بالمهر الذي كان يبلغ اربعمائة دينار ذهبا ، فلما ترافعا عند القاضي ، و انكر الامام انها تطلبه شيئا ، طالبه القاضي بالحلف فرفض فحكم عليه ، و دفعالامام المهر كاملا فلما خرج من عند القاضي سأله ابنه الامام الباقر (ع) قائلا : لماذا لم تحلف بالله يا أبتاه ؟ أو لم تكن على الحق ؟!
فقال الامام (ع) : بلى . و لكن الله اكبر من ان احلف به على اربعمائة دينار .
هكذا كانوا يتحرجون ، و على هذا قامت قواعد المجتمع الاسلامي .
|