بينات من الآيات [30] [ و قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ]
بمطلق الحفظ و في كل مجال ، فلا يجوز للانسان ان يستثير شهوته بأي وسيلة مريبة - كما يسميها الفقهاء - فالنظر الى وجه المرأة الاجنبية أو حتى القريبة ، أوالنظر بريبة و بهدف الاثار الى الصور و الافلام كله حرام لانه يستثير الغريزة الجنسية ، و قد أمر الله بحفظها .
[ ذلك أزكى لهم ]
من ان يضعوا أيديهم في مستنقعات الفساد المليئة بالميكروبات الخطيرة التي يخشى ان تتسرب الى جسم الانسان ، وهل تتسرب الى جسم الانسان إذا حفظ نفسه منها ، و ابتعد عن مواضعها ؟!
ان الغريزة الجنسية من اقوى غرائز البشر ، فاذا اثيرت جرفت السدود أمامها ، و اندفعت في كل اتجاه ، و لربما حملت صاحبها على جرائم بشعة ، و عندما نطلع على أرقام الجرائم الجنسية في البلاد الغربية حيث الميوعة و الخلاعة نصاب بالذهول ، و اذا فتشنا في اوراقالمحاكم الجنائية عن خلفية الجرائم الكبيرة ، وجدنا الغريزة الجنسية وراء كثير منها .
و اذا ملأنا الاجواء اثارة ، و اشبعنا الغرائز ثورة و هياجا ، فان التوتر الجنسي العالي يضغـــط باستمرار على الاعصاب ، و يسبب امراضا خطيرة للرجال ، و الشبيبة منهم بالذات ، ذلك لان تفريغ الغريزة لا يكون مقدورا دائما ، ثم لا يقتنع الفتى الذي يستمر هيجان الغريزة في كيانه بشريكة حياته ، بل ولا بالجنس الثاني مهما كان فاتنا ، بل يهبط الى درك الشذوذ ، ثم يتجاوزه الى المخدرات ، ذلك المهوى السافل الذي يهدد مستقبل الحضارة البشرية .
ولا تتــــوقف اثار التهييج الجنسي عند مفاسدها المباشرة . اذ هناك آثار اخطر .. أوليست الاثارة الجنسية اعظم معول يهدم الشيطان به صرح الاسرة ، و يسبب في شيوع الخلافات العائلية ، بــل و انتشار الطلاق و الزنا ، و تكاثر اولاد الحرام و بالتالي ضياع الجيلالناشــئ ؟؟
فاي نعمة كبيرة اسبغها الاسلام على البشر بحرمة النظر ، و نظافة الاجواء العامة من سهام ابليس ؟!
جاء في حديث مأثور عن الامام أمير المؤمنين عليه السلام :
" ليس في البدن شيء اقل شكرا من العين ، فلا تعطوها سؤلها ، فتشغلكم عن ذكر الله ، ثم قال لكم اول نظرة الى المرأة ، فلا تتبعوها بنظرة أخرى ، و احذروا الفتنة . اذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليات أهله ، فان عند أهله مثل ما رأى " . (1)وقد استخدم الله كلمة " من ابصارهم " في التعبير القرآني دلالة على التبعيض ، فليس كل نظرة حرام ، و انما يحرم منها المريب ، و النظر الى مالا يحله الله .
و الغض في اللغة ، بمعنى الخفض ، و مقصود الآية ان يحفظوا من ابصارهم ، فالانسان لا يمكنه ان يغير العالم ، و لكنه يستطيع ان يكيف نفسه حسب حكم الشرع ، فاذا لحظ منظرا حراما يستطيع اجتنابه عبر طريقين : فأما أن يزيل هذا الواقع الفاسد ، و أما ان يشيح ببصره عنه ، ولم يأمر الله باغماض العين لما في ذلك من احتمال للضرر كالسقوط في حفرة .
[ إن الله خبير بما يصنعون ]
فاذا التف أحد على القانون ، أو عجز الحاكم عن متابعته ، فانه لن يلتف على الله الخبير الذي يعلم المطبق للقانون من المخالف له ، ظاهرا أو باطنا ، فمن الاصلح للانسان ان يجعل ضميره حارسا عليه ، و مراقبا لأعماله ، حتى لا يسخط الله ،(1) المصدر / ص 589
فيستحق العذاب .
[31] [ و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن ]لأن المسؤولية مشتركة بين الرجل و المرأة ، و لكننا نلاحظ ان الله حينما فرض الحجاب فرضه على المرأة ، و حينما أمر بغض النظر أمر الرجل أولا ، لان نظر الرجل للمرأة أكثر اثارة للفتنة من نظر المرأة له . و لعل عيون المرأة ، و نظراتها الفاتنة ، تفسد الرجالقبل ان تفسدها . و ذلك يعود لاختلاف التركيب الفسيولوجي ، فاحتمال تجاوبه معها لو نظر لها أكبر من احتمال تجاوبها معه لو نظرت اليه .
و يربط القرآن بين غض البصر و حفظ الفرج ، ذلك لأن هذين الامرين يتظافــران معا في حفظ الرجل أو المرأة عن الفاحشة ، أوليست بداية الفاحشة نظرة خائنة ؟!
|