كل قد علم صلاته و تسبيحه
هدى من الآيات كيف نعي الحقيقة الهامة التي ختمت بها آيات الدرس الآنف : " و من لم يجعل الله له نورا فماله من نور " ؟ و كيف نسمو بأنفسنا الى شأن الرجال الذين يسبحون الله بالغدو و الاصال ، دون ان يلهيهم عنه شيء ؟
يجيب السياق في هذا الدرس : بالاستماع الى سبحات الخلائق ، " الم تر ان الله يسبح له من في السموات و الارض .. " .
تعال و انظر الى الطير صافات ، تسبح ربها بألحان مختلفة ، و الله قد علم صلاتها و تسبيحها ، و علم ماذا تفعل .
و قد بسط الله ملكه و سلطانه على السموات و الارض ، و هو اذ يشأ يقبضهما اليه ، و اليه المصير .
و هو الذي يسوق السحاب ثم يؤلفه ثم يركزه و يكثفه فاذا بالمطر ينبعث منخلاله ، فيسقي به الرب من يشاء من عباده و يمنعه عمن يشاء ، واذا التقى السحابان يولدان البرق الذي يكاد ضياؤه يذهب بالابصار .
وهكذا يدبر الله الليل و النهار ، يختلفان ، وفي ذلك عبرة لأولى الابصار .
وهكذا يهديك الله الى ذاته ببالغ حجته :
فأولا : يريك الحقيقة التي تتجلى في كل شيء ، و على لسان كل حي الا وهي تسبيح الله و تقديسه .
و ثانيا : يذكرك بملكه و سلطانه .
وثالثا : يبصرك بلطائف نظمه و حسن تدبيره .
فإن صرت من ذوي الابصار فان العبرة هذه تكفيك هدى .
|