فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


انظر كيف ضربوا لك الأمثال
هدى من الآيات

بعد ان ذكرنا الرب بمن أنزل الفرقان ليهدينا - كما يبدو لي - إلى المنهج القويم لمعرفة الكتاب ، و للتصديق بــه بعدئذ . دحض تبريرات الكافرين بالرسالة ، ولا يزال يفندها السياق . الواحد تلو الآخر .

لقد قالوا : كيف يبعث الله إلينا بشرا رسولا يحتاج الى الطعام ، بل و إلى اكتساب المعيشة من الأسواق ، فلولا أنزل إليه ملك ليكون معه نذيرا .

أو يستغنـــي عن اكتساب رزقه بأن يلقى إليه كنز أو لا أقل تكون له جنة يأكل منها .

و تطرف الظالمون فقالوا: ليس هذا الذين تتبعونه سوى رجل مسحور .

و يعالج القرآن هذه الأفكار المريضة :


أولا : بأن قياس الرسول بأنفسهم و ضربهم الأمثال له ، جعلهم يضلون السبيل . و لعلهم لو تجردوا عن الأحكام المسبقة لم يضلوا عنه .

ثانيا : إن القرآن نزل فعلا من عند الله تبارك خيره ، و عظم فضله ، فلو شاء و قضت حكمته البالغة لجعل لرسوله خيرا من ذلك ، جنات تجري من تحتها الأنهار ( في الآخرة ، أو حتى في الدنيا عندما جرت ثروات الأرض على أقوام تابعية بما لم يحلموا به ، و لا تخيله أولئك الجاهلون الذين كفروا برسالته أول مرة ) .

ثالثــا : ان سبب جحودهــم إحساسهم بالأمن من عذاب الله ، فهم قد كذبوا بالساعة ، ولقد أعد لهم الرب سعيرا ملتهبا . يدعوهم الى نفسه من بعيد ، و يستقبلهم بالتغيظ و الزفير .

إنه مكان ضيق . محلهم فيه كمحل الوتد في الحائط ، و هم مغلولون ببعضهم مع شياطينهم ، و ينادون بالويل ، و يناديهم الملائكة : ألا أدعوا ويلا كثيرا .

ما قيمة الكنز و البستان ، في مقابل بقيمة الخلاص من نار جهنم ؟! و أيضا قيمة الجنة التي وعد المتقون كانت لهم جزاء و مصيرا ، لهم فيها ما يشاؤون خالدين .

هكــذا يعالج القرآن النظرة المادية اللامسؤولة بتذكير النفس البشرية بعذاب الساعة ، و ثواب الله في الجنة .

وهكذا ينسف العقبات و يزيلها عن طريق الايمان بالفرقان .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس