فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


و جاهدهم به جهادا كبيرا
هدى من الآيات

لم يخلق الله البشر عبثا ، و لم يتركهم سدى ، فلقد وفر لهم سبحانه جميع وسائل الهداية ، و عندما تكون الإكثرية هي الكافرة ، فان ذلك لا يدل على انعدام الفرصة امامهم ، بل لان الايمان تكامل عظيم قلما يرتفع اليه انسان . كما لا تدل قلة المصلحين الاجتماعيينأو المخترعين و العلماء على عدم أهمية العلم و الاختراع ، أو الاصلاح الاجتماعي ، و انما هي مراتب عالية لا يصل لها الا القليل .

و ان يرســل الله رسولا واحدا للعالم باكمله لا يدل على ضالة قيمة الرسالة عند الله حاشا ، بل العكس هو الصحيح فلعظمتها اكتفى بشخص واحد يبلغها البشرية كلها . و كما تكفي الشمس ان تكون مصباحا لكل الارض و الكواكب المحيطة بها ، فان رسول الله (ص) يكفي ان يكون بشيرا لكل العالمين .

و بالطبع لا يكون ذلك الا اذا تسلح بالقرآن و تحدى الكافرين دون طاعة لهم أو تنازل عن القيم ، فواحد يتسلح بالقرآن يمكنه الانتصار على الجاهلية العالميةبأكملها ، ويذكرنا الرب بقدرته لعلنا نخشى انذاره و نتبع النذير المبعوث من عنده . انظروا الى البحرين كيف أرسل الله المياه فيهما من عذب فرات و ملح اجاج و جعل بينهما حاجزا لكي لا يختلطا .

و من مظاهر قدرته خلق الانسان من الماء و تنظيم حياته عبر جعله نسبا يتصل بعضهم ببعض عبر الولادة ، و صهرا يتكاملون بالزواج .

كذلك ينبغي ان نخلص له العبادة و نسلم لمن ارسله ، بينما يعبد الكفار من دون الله أصناما و أناسا لا ينفعون من اطاعهم ، و لا يضرون من رفضهم ، و يتظاهرون ضد رسل الله و رسالاته .

و ليس الرسول وكيلا عنهم انما هو مبشر و نذير ، و هو لا يطالب بأجر لقاء اتعابه و انما يسعى لإسعاد الانسان عبر هدايته الى السبيل السوي .

ولا يعتمد الرسول على قوة بشرية فانية ، انما يتوكل على الحي الذي لا يموت ، و يستمـــد منه القوة حين يسبح بحمده ، و هو وحده الذي يحاسب عباده ، و كفى به خبيرا .

بهذه الصفات ينعت القرآن رسول الله ، و يزيل الشبهات التي القاها الشيطان في قلوب البسطاء ليكفروا بالوحي .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس