فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

بينات من الآيات
الرسول وهموم الهداية

قيل في كلمة (طه) ما قيل في الحروف المقطعة في بداية السور، وأقول فيها ما قلته في أمثالها في سائر السور القرآنية، حيث أتصور بأن الكلمة ترمز إلى القرآن الحكيم، ولعلها هنا –كما جاءت في النصوص الاسلامية –رمز إلى الرسول صلى الله عليه وآله، فتكون لفظة (طاء)اختزالا لجملة (طالب الحق) بينما تكون لفظة (هاء) اختزالا لجملة (الهادي اليه).

كما اننا نشير إلى كتاب ونقول: هذا الكتاب، فكذلك لفظة (طه) انما هي إلى القرآن ذاته، وقيل: ان طه هو رسول الله (ص).

[1-2] [طه* ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى]

إن رسالة السماء تنزل على الإنسان لا لكي يهلك نفسه حزنا عليها لأن المجتمع لا يؤمن بها، فهو لا يتحمل مسؤوليته الا بقدر البلاغ فقط، وإنما الرسول مبلغ، فلماذا يشقي نفسه؟

قيل ان الرسول (ص) كان يسهر الليل بالعبادة، ويمضي النهار بالصيام، متعبا نفسه، وقد جاء في حديث شريف عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال:

((ولقد قام رسول الله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه، وأصفر وجهه، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزوجل –طه* ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى- بل لتسعد به)).

والتفسير صحيح، وهو سبب النزول، ولكن القرآن الحكيم ليس خاصا بشخص الرسول الكريم فقط، وانما نزل كما في حديث للإمام الصادق (ع) على لغة (إياك أعني واسمعي يا جارة)، ونستفيد من هذه الآية ان صاحب الرسالة ينبغي ان لا يشقي نفسه لأن الناس لا يؤمنون، ولا أن يكلفنفسه فوق طاقتها في تحمل واجبات الرسالة ومندوباتها، وقد أجهد الإمام الحسن عليه السلام نفسه بالعبادة مرة فنهاه والده أمير المؤمنين (ع) قائلا: يا بني ان هذا الدين متين فأوغل فيه برفق.

[3] [إلا تذكرة لمن يخشى]

فإذا خشي الناس واعتبروا فلهم جزاؤهم، وإلا فليس عليك من أمرهم شيء.

والقرآن تذكرة لمن يستفيد منه ولمن يوجد في ذاته الاستعداد لذلك، كما الأرض لا تستفيد من المطر إلا بشرط ان تكون مستعدة لإستقباله، وكذلك قلب الإنسان لا يستفيد من بركة الرسالة، إلا بشرط استعداده لإستقبالها واستعداده بالتذكرة والخشية.

فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس