فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

هدفية الحياة
هدى من الآيات

يتحدث القرآن هنا عن الجزاء الذي ينتظر الانسان اللامسؤول الذي اتخذ الحياة لهوا و لعبا ، و حين يحل العذاب فلن يفلح كل من يحاول الهرب منه لأن حكومة الله لا يستطيع الفرار منها أحد ، و يأتي النداء الى هؤلاء بأن عودوا الى تلك الأسباب التي دعتكم الى الذنب ، فانظروا هل إنها تشفع لكم اليوم شيئا ؟ و هل تنفعكم الأموال التي كنزتموها و الأولاد الذين من أجلهم تركتم عبادة الله و .. و .. ؟؟

إن هذا اليوم كان نتيجة اللاأبالية و اللاجدية في الحياة ، و كما يقول القرآن الحكيم : إن نظام الكون قائم على الحق و ليس على اللعب و اللهو .

إن الكون الذي تعيش فيه - أيها الانسان - و تخضع لقوانينه و سننه ، أنشأه الله بعلمه و قدرته للحق فكيف تريد بالرغم من ضعفك و ضآلتك ، أن تخرج من دائرة الحق الى دائرة اللهو و اللعب ؟! إن ذلك شيء محال !!

يؤكد القرآن الحكيم هذه الفكرة مرة أخرى فيخبرنا : كما إن السماء و الأرض خلقتا بحق و ليس بلعب ، فكذلك المجتمعات ، و لذلك فان السنن الحاكمة فيها هي سنن الحق ، و هذه السنن يجب أن تحكم المجتمعات كما تحكم في الأرض و السماوات و لكن بفارق واحد و هو : إنهاتحكم في السماوات و الأرض بصورة مباشرة و فورية و لكنها تحكم في المجتمعات بصورة غير مباشرة بعد إعطاء الفرصة ، و تقديم الانذار ، و بعد محاولة هداية و إصلاح ، و هذه نعمة كبيرة من الله ، فلو كان الانسان يحاسب على كل خطأ فورا و بدون إعطاء أي فرصة للتوبة ،لتحولت حياته إلى جحيم .

و لكن إعطاء الفرصة شيء ، و تطبيق الحق شيء آخر ، فليس معنى إعطاء الفرصة إن الله سبحانه قد نسي الحق الذي فطر عليه السماوات و الأرض ، و جعله محورا للخليقة جميعا ، بل إن الله لا يزال ينصر الحق ، و سوف يطبقه و يدمغ به الباطل .

إن أي شيء ينحرف عن سنة الحياة ، سرعان ما ينتهي و يتلاشى . إذن يجب علينا أن نتمحور حول الحق كما يقرره القرآن الحكيم بأن الحق هو عبادة الله و عدم إشراك أحد معه في إلوهيته ، فكما إن الملائكة و الأرواح و السماوات و الأرضين كلها تعبد الله و تخضع له كذلك الانسان .

و هناك فكرة أخرى توحي بها هذه الآيات وهي : إن اٌلإيمان الصادق هو الإيمان بان محور الكون هو الحق ، فالكون جد لا لعب ولا لهو فيه ، و هذا الإيمان هو ضمان لاثارة إحساس الانسان بالمسؤولية في حياته الدنيا ، كما إن اللهو و اللعب هما عدوا إحساس الانسان بمسؤوليته .

فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس