فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

هدفية الخلق
[ 16] لماذا ياإلهــي فعلــت هذا ؟! أليس هؤلاء عبادك ؟! أو لست أرحم الراحمين ؟! بلى ربنا أرحم الراحمين ولكنه خلق السماوات و الأرض بالحق ، و هؤلاء تجاوزوا قيم الحق .

[ وما خلقنا السماء و الأرض و ما بينهما لاعبين ]

إن هؤلاء اتخدوا الحياة لعبا فكان هذا مصيرهم .

[ 17] [ لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ]إن كانت الخليقة بلا هدف ، فان الله كان ينتزع منها الهدفية ، و يتخذها لهوا ، أي يجعلها بلا غايات مرسومة ، ولا سنن دائمة ، ولا قوانين دقيقة تفرض على أصغر جزيئة في الذرة بنفس الصرامة التي تفرض على أعظم مجرة في القضاء .

و حيث نرى كل شيء يسعى نحو هدفه ، أو بتعبير أفضل يسير الى غايته ، فهل من المعقول أن يكون خلق الانسان عبثا ، وبلا هدف " أفحسبتم انما خلقناكم عبثا و انكم إلينا لا ترجعون " ؟

كلا .. أنت بدورك تخضع لقانون الهدف ، و بالتالي لمعادلة المسؤولية و الجزاء .

وفي معنى الآية أقوال شتى إلا إن هذا المعنى العام يمكن أن يستوحي من كل تلك الأقوال .

[ 18] [ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ]وهذه هي سنة الله الثابتة في الكون على مر العصور و الدهور ، و على الانسان أن يبني حياته على أساس ، إذا أراد أن يفوز و يحقق أهدافه و يتجنب مصارع الردى و ينجو من العذاب المحتوم .

و كلمات الآية صاعقة شديدة الوقع نافذة الى عمق الضمير ، فالحق يقذف ( يرمي بقوة و ربما من مكان بعيد و قد يتأخر قليلا ليقطع المسافة و لكنه يصل حتما ) ، ثم إنه يهدف أم الرأس حيث الدماغ ، و يتلاشى الباطل و يضمحل فلا يبقى منه شيء أبدا .

و الآية تبصرنا بواقع الخليقة و الأنظمة السائدة عليها ، و توحي إلينا بضرورة تزكية أنفسنا من خلال معرفة تلك الأنظمة ، فقانون الجاذبية الذي يسقط به الحجر من عل ، ليس بأقوى من قانون سقوط الظالم من كرسي الحكم !

[ 19] [ وله من في السماوات و الأرض و من عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ]هذا الحق يجب أن يتجسد في واقع السلوك البشري ، كما تجسد في واقع سلوك الملائكة و سلوك عباد الله الصالحين ، الذين لا يستكبرون عن عبادته و يفعلون ما يؤمرون .

[ 20] [ يسبحون الليل و النهار لا يفترون ]

الحياة يجب أن تكون جدية ، و يجب أن يسبح الانسان ربه دونما تعب أو استكبار .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس