فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
الايمان مسؤولية
[106] ما هو الايمان ؟ هل انه مجرد العمل ؟ أم مجرد كلام ؟؟
كلا .. انهما مظهران للايمان ، و لكن الايمان شيء آخر . أنه موقف الشخص من الحياة الدنيا ، و مدى إطمئنانه بها ، و استحبابه لها بالقياس الى الآخرة . فالذي يريد الدنيا بقلبه و يفضلها على الآخرة فإن الله لا يهديه سبيلا .
و إذا كان الإيمان موقفا قلبيا فما هو دور القول ؟! أوليس مواقف البشر تتحدد بأقوالهم ؟!
بلى .. و لكن قد يتلفظ الانسان بلسانه ما ليس في قلبه ، كما المنافق الذي يدعي بلسانه أنه مؤمن و الواقع انه كاذب ، و كذلك الذي أكره على الكفر بلسانه ، بينما بقى قلبه مطمئنا بالايمان ثابتا عليه .
هكذا كان " عمار بن ياسر " الذي تعرض لتعذيب وحشي من قبل كفار قريش ، فأعطاهم بلسانه ما أسرهم ، حيث مدح آلهتهم و نال من رسول الله (ص) لإنقاذ نفسه ، فنزلت فيه الآية الكريمة تقرر تقاته منهم ، و أمره الرسول أن يعود لمثلذلك إذا عادوا عليه ..
[ من كفر بالله من بعد إيمانه ]
و هل يكفر أحد بعد أن آمن ؟ أو ليس الايمان معرفة و علما ؟ و كيف يتحول الفرد بين لحظة و أخرى من عارف الى جاهل !!؟
بلى .. الايمان علم ، و لكن العلم وحده لا يكفي ، بل للايمان عنصر آخر هو : اليقين ، و عقد القلب و الثبات ، و مواجهة الضعوط ، الايمان موقف و انتماء و سعي و فداء ..
جاء في حديث شريف : عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال : " فأما ما فرض على القلب من الايمان . الإقرار و المعرفة و العقد و الرضا و التسليم بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إلها واحدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، و أن محمدا عبده و رسوله ، و الإقرار بما جاء به من عند الله من نبي أو كتاب ، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار و المعرفة و هو عمله ، و هو قول الله عز وجل : ( إلا من أكره و قلبه مطمئن بالايمان و لكن من شرح بالكفر صدرا " . (1)و مـــن الناس من يتنازل عن موقفه و انتمائه فور ما يتعرض لضغط ، فيكفر بعد الايمان ، و منهم من يصمد ، و منهم من يخلص نفسه بإستخدام التقاة ، فيكتم إيمانه كما فعل عمار الذي قال ربنا عنه و عن أمثاله ..
[ إلا من أكره و قلبه مطمئن بالايمان ]
و الحديث المأثور في قصة عمار يقول : لما أراد رسول الله أن يهاجر الى المدينة قال لإصحابه : تفرقوا عني ، فمن كانت به قوة فليتأخر الى آخر الليل ، و من لم تكن به(1) الميزان / ج 12 - ص 359
قوة فليذهب في أول الليل ، فإذا سمعتم بي قد استقرت بي الأرض فالحقوا بي .
فأصبح بلال المؤذن ، و خباب ، و عمار ، و جارية من قريش كانت أسلمت ( و هي سميــة أم عمار حسبما جاء في حديث ، و أضيف أيضا اسم ياسر والد عمار ) فأصبحوا بمكة ، فأخذهم المشركون و ابو جهل ، فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى ، فأخذوا يضعون درعا من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه ، فإذا ألبسوها إياه قال : أحد .. أحد .. و أما خباب فأخذوا يجرونه في الشوك .
و أما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية ، و أما الجارية فوتد لها أبو جهل أوتاد ثم مدها ، فادخل الحربة في قلبها حتى قتلها ، (1) ثم خلوا عن بلال و خباب و عمار ..
فلحقوا رسول الله (ص) فأخبروه بالذي كان من أمرهم ، و اشتد على عمار الذي كان تكلم به ، فقال له رسول الله (ص) كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت ؟ أكان منشرحا بالذي قلت أم لا ؟ قال : لا .. فأنزل الله : " إلا من أكره و قلبه مطمئن بالايمان " .
هكذا صمد عمار فلم يستجب لضغوط قريش ، بل تحداهم بالتقية و ظل على موقفه الثابت .
و آخــرون ينهــارون فيتقبلون الكفر برحابة صدر ، فيتعرضون لغضب الله سبحانــه ..
[ و لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله و لهم عذاب(1) و هكذا قتل زوج هذه الجارية الشهيدة ياسر و هما أبوا عمار بن ياسر اللذين كانا أول شهيدين في سبيل الله في الإسلام ..
عظيم ]
ذلك لانهم أرادوا إرضاء الطغاة فغضب الله عليهم ، و أرادوا الحصول على نعم الدنيا فلحقهم عذاب عظيم في الآخرة ، و لفظة " فعليهم " خبر لفظة من كفر بالله .
|