فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الإطار العام


لعل اهم الموضوعات التي تناولتها سورة الاسراء هي مسوؤلية الانسان عن اعماله ، في اطار الرسالة الالهية ، و تتحدث السورة عن طائفة من المسؤوليات تجاه المجتمع ابتداءا من الوالدين و انتهاء بسائر الناس .

و تعالج السورة بتفصيل قضية الشرك بالله ، أوليس الشرك جذر الفساد و سبب تبريرات البشر عن مسؤولياته ؟

كما تبين بتفصيل ايضا خطط الشيطان لاغواء البشر و كيفية محاربة تلك الخطط ، و يضرب القرآن الأمثلة التاريخية العديدة .

و تبــــدأ السورة بقصة بني اسرائيل كمثل لمجتمع سعى مرة و تخاذل اخرى و تنتهي بهــا .

هذه جملة القول في اطار السورة اما التفصيل فان حياة البشر تجسيم لسعيه ، تلك هي جملة القول في اطار سورة الاسراء . و تلك هي خلاصة رسالات الله التي هي - فيالواقع - واحدة .

فبعد ان اشار القرآن الى واقعة الاسراء ، فالمعراج ذكرنا بانه السميع البصير ، و بالتالي محيط بعباده علمه مما يوحي بضرورة التقوى منه (1) .

و خلاصة الكتاب الذي أنزله على موسى لبني اسرائيل الا يتخذوا من دون الله وكيلا (2) ذلك ان الشرك بالله ، هو جذر كل فساد و ضلال .

افلم يكونوا ذرية الذين حملهم الرب مع نوح في السفينة لينجيهم من الطوفان . و كان نوح عبدا شكورا (3) .

بلى و لكنهم قد افسدوا ( أو يفسدون ) مرتين في الارض ، و يلاقون جزاءهم (5) اذ يبعث الله بعد ان يحين ميعاد الجزاء في المرة الاولى عبادا له اقوياء فيدمر عرشهم (6) و بعد أن يعيد لهم الكرة . يأتي وعد المرة الثانية ، و يتبروهم تتبيرا . لماذا ؟ لان الله يجازيهم بالاحسان احسانا . و بالاساءة جزاءا وفاقا (6/7) تلك هي سنة الله في التاريخ ، جزاء كل مجموعة لمجمل افعالهم اما في الآخرة فان الله جعل جهنم للكافرين سجنا " (8) .

الهدى من الله عبر القرآن . اما الايمان و العمل الصالح فهو من فعل الشر . و عليهما الجزاء الكبير و الكفر قد اعتد لصاحبه العذاب الاليم (9/10) .

و الجزاء يتأخر . و كان الانسان عجولا فتراه يدعو بالشر كدعائه بالخير . الا ان الجزاء لواقع (11) .

الق نظرة في آيات الكون ماذا ترى ؟

آية الليل التي محاها الرب بحكمته . و آية النهار جعلها مبصرة بحسن تدبيرهلكي تسعى لمعاشك و تعد السنوات و تفقه الحساب .

إذا كل شيء منظم ، مقدر و مدبر و الذي دبر شؤون الليل و النهار و نظمها ، فصل لنا القول فيها تفصيلا .

فيخرج البشر عن هذا النظام ؟ كلا . بل هو الآخر محكوم بسعيه ، حيث يكتب في صحيفة عمله المعلقة بعنقه . كل فعاله ليلقى كتابه منشورا يوم القيامة .

و يقال له اقرأ كتابك و حاسب نفسك فانت الذي تدين نفسك بنفسك ولو كنت خاطئا (12/13) .

الهدي بسعيك و الضلالة من عندك ، و لا أحد يتحمل وزر الآخرين ، و لا يبدر الرب عباده بالعذاب ان ضلوا حتى ينذرهم برسول ، و هكذا حين يحين ميعاد هلاك قرية يبعث في امها رسولا ينذر مترفيهم و قيادة انحرافهم . و لكنهم يفسقون عن امر الله .

فهنالك تثبت عليهم الحجة فيدمرهم الله تدميرا .

و كذلك اهلك الله كثيرا من القرون ، من بعد طوفان نوح . و الهلاك الشامل للمفسدين فيه . و كفــى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا . فلا يزعمن احد أن الله غافل عنه (14/17) .

و السعي ينتج واقعا . و لكن حسب نية البشر . فمن اراد الدنيا اعطاه الله منها بقدر ما تقتضيه سنن الله و حكمته . الا ان جزاءه في الآخرة سيكون جهنم حيث يصلاها مذموما مدحورا .

أما من اراد الآخرة و سعى من أجلها بقدرها فان الله يشكر سعيه .


و الله يمد للاول في دنياه و للثاني في اخراه . و ما كان عطاءه محظورا . هكذا يجعل حياة البشر وليدة ارادته و سعيه .

و كما ان رزق الناس في الدنيا متفاضل - بسبب تفاضل سعيهم - كذلك و اكثر منه جزاء الآخرة (18/21) ثم يحذرنا الرب من الشرك ( و يبدو ان المراد منه هنا : الاسترسال مع التقاليد و تيارات المجتمع لانه ينتمي الى اللوم و الخذلان ) (22) .

و يأمرنا بألا نعبد إلا اياه ( فلا نعبد الآباء و لا نخضع لضغوط المجتمع ) الا ان علينا ايجاد العلاقات الايجابية مع الناس ( في اطار التوحيد ) و اهمها الاحسان الى الوالدين . و بالذات عند الكبر . و الرحمة بهم و الاستغفار لهم (23/25) .

و بعد الوالدين يلتزم المؤمن بحقوق الاقارب و المسكين و ابن السبيل و يتقي التبذير لان التبذير يجعله في صف الشياطين ( و الطغاة ) و الكافرين بالله ، غير الشاكرين لانعمه و في حالة الاعراض عنهم ( ماديا ) لابد ان تحسن اليهم ( معنويا ) بالقول الميسور (26/28) .

و يأمرنا الرب بالاقتصاد في الانفاق فلا بخل يغل اليدين ولا سرف ينتهي الى الملامة و الضيق أو ليس الله يبسط الرزق لعباده و يقدر فلماذا البخل و السرف ( بل علينا ان نتبع اصول الحكمة في الصرف كما ربنا سبحانه ) و لماذا قتل الاولاد خشية املاق مادام الرب هو الرزاق (29/31) .

و مثلما نهى الله عن قتل الاولاد في اطار المسؤولية الاسرية ( بما يشمل الاجهاض حسب الظاهر ) ينهى عن الزنا باعتباره ذنبا كبيرا . و ساء سبيلا .

و في اطار المسؤوليات الاجتماعية يحرم قتل النفس الا بالحق . و يجعل لمن قتل لوليه حق القصاص . و ينهى عن الاسراف في القتل و يبشره بانه كانمنصورا (32/33) .

و تلك كانت مسؤوليات الانسان تجاه الناس . و تتلخص في ثلاث كلمات . التوحيد ( و عدم الخضوع للتقاليد و الضغوط ) و الاحسان . و احترام حقوق الآخرين .

و في الدرس السابع يحرم مجرد الاقتراب الى مال اليتيم " الا بالتي هي أحسن " و يأمر بالوفاء بالعهد و إيفاء الكيل و الوزن .

و لعل هذه المسؤوليات الاجتماعية و التي تأتي تحصن المجتمع من بعض الثغرات التي يدخل منها الظلم الى كيان المجتمع فان اقامة العدل لا يمكن الا بسد كل ابواب الظلم و المداخل الطبيعية الى اشاعة الظلم في المجتمع . و هكذا يأمر الرب بضرورة أتباع العلم ، و ترك سوء الظن عن التكبر و الاستكبار في الأرض . و يجعل ذلك من الحكمة التي اوصى بها الرب الى العباد و التي يجمعها توحيد الله سبحانه (36/39) .

بلــــى ان بناء المجتمع الفاضل قائم على أساس التثبت من التهم و المساواة أمام القانــون .

و ينهى الله عن الشرك ، أو ليس الشرك اساس كل جريمة ، و تبرير شائع لكل فساد و لا مسؤولية ؟

أصحيح ان الله أختار لهم البنين و اتخذ من الملائكة بنات انه بهتان عظيم . و قد صرف القرآن لهم من كل مثل . و لكنهم ازدادوا نفورا (40/41) .

لو كان هؤلاء الآلهة كما يزعمون اذا لتحدوا سلطان الرب ذي العرش ، كلا . سبحان الله و تعالى عما يقولون علوا كبيرا . ان السموات السبع و الارض تشهدبقدس مقامه و تسبح له و كل شيء يسبح بحمده . الا ان البشر عاجز عن فهم تسبيحهم . و الله حليم عن العاصين غفور للمؤمنين سبحانه .

اما الدرس الثامن : فانه يبين أخطار الكفر بالحياة الآخرة . و كيف ان الله يجعل بين الرسول و من لا يؤمن بها حجابا مستورا . حيث يحيط بقلوب الكافرين بها ستارا فلا يفقهون القرآن و يجعل الله في اذانهم وقرا . حتى انهم يولون نفورا . كلما ذكر الرسول ربه فيالقرآن وحده .

ان تراكمات الجهل و الضلالة و العصبية تجعلهم يستمعون الى الرسول من وراء شبهات باطلة . فهم يقولون عن الرسول انه رجل مسحور فيضلون ولا يهتدون سبيلا الى الحقائق . و تراهم ينكرون البعث و يتساءلون ابعد ان نصبح عظاما و رفاتا يعقل ان يخلقنا الله من جديد ؟!
(45/49) .

و هكذا تصبح هذه الشبهات حجابا مستورا بينهم و بين القرآن و فهم حقائقه .

و يردهم الله بقوة : حيث يذكرهم بانهم لو كانوا من الحجارة أو الحديد أو اي شيء كبيــر في نظرهم فان الله الذي خلقهم اول مرة قادر على ان يعيدهم . ثم يقولون متى ؟ يقول الله عسى ان يكون قريبا . ذلك اليوم الذي يدعوهم الله فيستجيبون بحمده ، و يزعمون انهمكانوا في الدنيا أو البرزخ اياما قليلة (52) .

و لان الشيطان عدو مبين فعلى عباد الله ان يختاروا كلماتهم لكي لا ينزغ الشيطان بينهم بها .

و ان يتركوا العصبية لقومهم أو تزكية انفسهم اذ أن الله أعلم بهم يرحم من يشاء و يعذب من يشاء (53/55) .

هكذا تبين آيات الدرس التاسع بعض المسؤوليات الاجتماعية الواجبة علىالمؤمنين لبعضهم .

و لعل الصراعات الداخلية تنشأ من رواسب الشرك . فيعود السياق لبيان زيف الأنداد و انهم لا يدفعون الضر عن انصارهم (56) .

بل هم بدروهم يبتغون سبيلا الى الله ربهم و يرجونه و يخافونه .

و كل القرى معرضة للهلاك قبل يوم القيامة ، أما بالعذاب أو الموت . و لقد كذب الأولون بآيــات اللــه . فاستحقوا العذاب . و لان الله لم يشأ اهلاكهم فانه لم ينزله عليهم كلما طلبوه . اذ لو اوتوه ثم كفروا لهلكوا . فهذه ثمود لما اتاها الله الناقة آية مبصرة كفروا بها فاهلكهم الله . و انما حكمة الآيات التخويف " و لعلهم يهتدون " (57/59) .

و هكذا ارى الله رسوله رؤيا ، جعلها فتنة لهم ، كما اخبره بالشجرة الملعونة ، و يخوفهم الله فلا يزدادون الا طغيانا (60) .

و هكذا كانت الآيات للتخويف ، و ليس من أجل انزال العذاب عليهم .

و يبقى سؤال هام : لماذا الشرك اساسا ، ولم لا يخلص الناس الطاعة لله ، و لمن فرض الله طاعته ، و لماذا تنمو على صعيد مجتمع مسلم شجرة ملعونة كبني امية يفرضون سيادتهم على الناس ؟ في آيات الدرس العاشر ، نقرأ الجواب الذي يستوحي منه قصة الخلق و كيف أضحى إبليس عدو بني آدم و ما هي خططه الماكرة ؟

و القصة بدأت حين اخذته العصبية الذاتية و ادعى ان عنصره افضل من عنصر آدم ، و رفض السجود لآدم الذي سجد له الملائكة جميعا .

و امهله الله ليوم القيامة ، و تحدى ربه في السيطرة على ولد آدم . و اخبره اللهاولا : انه سوف يخسر العاقبة هو و من اتبعه .

ثانيا : انه لا سلطان له على عباد الله بالرغم من وسائله الماكرة لانهم يتوكلون على الله و كفى بالله وكيلا .

اما خطط الشيطان فهي اربعة : التضليل الاعلامي ، و الارهاب ، و افساد النظام الاقتصادي و التربوي ، و الغرور (65) .

و لكن الله هو الذي يزجي الفلك في البحر و هو الذي يكشف الضر . و هو الذي يخشى مقامه فاذا اراد ان يخسف الارض باهلها ، أو يرسل قاصفا من الريح . فلا أحد ينجيهم من الله .

و هو الذي كرم بني آدم ، و حملهم في البر و البحر و فضلهم على كثير من الخلق تفضيلا (70) .

و هكذا كان كيد الشيطان ضعيفا . لان الولاية لله و له الدين و بيده الأمر ، و هو يريد كرامة الانسان بينما يريد الآخرون اضلاله .

و حبل الانقاذ من امواج كيد الشيطان و مكره هو القرآن .

كيف نقاوم مكر الشيطان ؟ و الى أين ينتهي الصراع بين بني آدم و إبليس ؟ و ما هي عبر التاريخ في هذا الحقل ؟

يبدو ان آيات الدرس الحادي عشر تدور حول هذه الاسئلة .

و تبدأ بالحديث عن القيادة باعتبارها تحدد خطر البشر . ففي يوم البعث يدعو الله كل اناس بامامهم ، و يختلف الناس بين من يؤتى كتابه بيمينه فيقرأه و من يحشرأعمى و امام الهدى عصمة من مكر الشيطان .

و يبين القرآن بعدئذ كيف تعرض الرسول للضغط الاعلامي ليفتنوه عما اوحي اليه فتحداه . و لنا فيه اسوة حسنة . و يعلمنا كيف نقاوم الفتنة بالتوكل على الله كما فعل الرسول (ص) فثبته الله كان هذا مثل لخطة التضليل و يضرب القرآن مثلا لخطة الارهاب حيث كادوا يستفزون النبي (ص) من الارض و لو فعلوا لما بقوا من بعده الا قليلا . تلك سنة الله (77) .

و لمواجهة غواية ابليس فرضت علينا اقامة الصلوات الخمس و أمرنا بنافلة الليل التي بعث الله بها نبيه مقاما محمودا .

و لكي نحافظ على النظام الاقتصادي و الاجتماعي و التربوي السليم و لا ندع إبليس يفسده ، فعلينا أن نسأل الله ان يوفقنا للصدق في المدخل و المخرج ، و ان يجعل لنا من لدنه سلطانا نصيرا . و ان نثق بان الحق منتصر و ان الباطل كان زهوقا (81) .

و لكي نقاوم مكر إبليس و كيده علينا ان نقوم بأمرين :

1- التمسك بحبل القيادة الآلهية المتمثلة في شخص رسول الله . و الائمة من خلفائه ، و من ثم الأمثل من الفقهاء و الاقرب الى نهج الرسول . و قد بينت آيات هذا الدرس صفات الرسول في الاستقامة ، و الصبر و التوكل و الثقة . و كأنها الصفات المثلى للقيادة التي تعصمنا من مكر الشيطان .

2- الاعتصام بالقرآن . باعبتاره حبل الله المتين . و في آيات الدرس الثاني عشر بيان ذلـك . حيث تبين ان القرآن شفاء و رحمة للمؤمنين . بينما لا يزيد الظالمين الا خسارا ، و يمكننا ان نستفيد من آيات هذا الدرس كيفية الاستفادة من القرآن و التمسك بحبله ، ببيان ان الانسان يغتر بالنعم ، فاذا أوتيها اعرض ونآ ، و ان سلبتمنه استبد به اليأس .

و الناس مختلفون فكل يعمل على شاكلته . و الله أعلم بمن هو اهدى سبيلا .

و انما القرآن من الله . فاذا شاء ذهب به . و انه لمعجز ، فلو اجتمعت الجن و الانس ما استطاعوا تحديه ، و فيه من كل شيء مثل و انهم ليطالبون ببعض الآيات المادية دون ان يهتدوا الى ان الرسول بشر و انما القرآن من الله ، وانما عليه البلاغ .

ولعل في هذا الدرس اهم محاور سورة الاسراء . و هو الذي يدور حول الرسالة . و ان الذي يستفيد منه انما هو المؤمن بها ، اما الظالم الذي يعرض عن نعم الله و يتولى بركنه عنها و الذين مقاييسهم مادية فانهم لا ينتفعون بالوحي .

لماذا لا يؤمن الناس بالهدى الذي جاءهم ؟ و ما هي اهم عقبات الايمان برسالات الله ؟

اولا : زعمهم بان الرسول ينبغي ان يكون ملكا .

ثانيا : ارتيابهم في البعث .

و هكذا تعالج آيات الدرس الثالث عشر العقبات النفسية التي يضعها ابليس في طريق الايمان بالرسالة (94/99) فيبين ان الرسول يجب ان يكون من جنس من يرسل اليهم . فلو كان سكان الارض الملائكة لانزل الله اليهم ملكا رسولا .

و بعد ان يبين ان الله سبحانه شهيد على صدق رسالة النبي ، و ان بيده الهداية . و ان من يضله لا هادي له ولا ولي . و انه يحشر اعمى و ابكم و اصم ، و ان عاقبته جهنم التي يستمر سعيرها جزاءا على ما عملوا (98) .


و بعدئذ يستنطق وجدانهم و يقول اليس الله الذي خلق السموات و الارض بقادر على ان يخلق مثلهم ، و انما لا يؤاخذهم بالعذاب لأنه قدر لهم اجلا لا ريب فيه و لكنهم لا يستغلون هذه الفرصة .

و لان الانسان كفور بطبعه ، و بخيل قتور فهو بحاجة الى هاد و مرب و هو الرسول الذي يأتيه بالقرآن شفاء لما في الصدور .

و لم يكن النبي محمد - صلى الله عليه و آله و سلم - بدعا من الرسل ، فهذه رسالة الله تتنزل على موسى عليه السلام و الله سبحانه يؤتيه تسع آيات بينات فتحداه فرعون و اتهمه بأنه مسحور ، و بين له موسى انها بصائر من الله و ان فرعون مبتور .

و كما جرى لرسول الله محمد جرى لرسول الله موسى عليهما صلوات الله ، حيث أراد فرعون ان يستفز الرسول من الارض فاغرقه الله و من معه جميعا و اورث الله الارض لبني اسرائيل من بعده الى أجل معدود .

هذا مثل لشهادة الله على صدق رسالاته . و مثل لمكر الشيطان و كيده . و مثل لنصرة الله عباده . و ان الحق منتصر و ان الباطل كان زهوقا .

و لقد جاء القرآن بالحق ، و ما على الرسول الا ابلاغه . و انما فرقه الله على انجم ليثبت به فؤاد رسوله .

هكذا ابتدأت آيات الدرس الاخير الرابع عشر ( 105/111) .

و هي تعالج عقبة اخرى للايمان . و هو تفريق القرآن و تنزله عبر سنين البعثة . و تؤكد ان للقرآن اصحابا يؤمنون به و انهم يخرون للاذقان سجدا كلما تليت عليهم آياته ، و يزدادون ايمانا بوعد الله ، و يسجدون و يزيدهم القرآن خشوعا لربهم .


و هذه هي صفات المؤمنين بالقرآن . و هم عباد الله الذين لا سلطان لابليس عليهم .

و من صفاتهم انهم يدعون الله - كما أمرهم - باسمائه الحسنى ، و انهم لا يجهرون بصلاتهم ( رياءا ) و لا يخافتون بها ( خوفا ) انما يبتغون بين ذلك سبيلا .. ( لان مشيهم الهون و سيرتهم الاقتصاد . و امتهم وسط ) .

و تختم سورة الاسراء بحمد الله الذي لا ولد له و لا شريك له و لا ولي له من الذل . كما ابتدأت بحمد الله و تسبيحه (111) .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس