فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[9] لقد أتم الله حجته على خلقه حين انزل عليهم القرآن الذي يهديهم الى الصراط القويم .

[ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ]

" يهدي " من اراد الهداية " للتي هي أقوم " بعيدا عن الهوى ، و الضلالة ، و الخرافة ، و في كل المجــالات السياسية ، و الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و الثقافية و التربوية و .. و .. و بالتالــي فهو ينسق بين سعي الانسان من جهة ، و بينفطرته ، و الطبيعة من حوله ، و التاريخ و سننه من جهة اخرى ، و يخبره ان الانسان قرين عمله ، ان خيرا فخير ، و ان شرا فشر ، فيقول :

[ و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ]فلا يكفي الايمان وحده ، بل يجب ان يعمل المؤمن الصالحات ، و عندها يكون له عند الله اجر كبير .

[10] [ و أن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما ]فالايمان بالآخرة وحده ركن مهم يجعل الانسان يشعر بالمسؤولية ازاء أعماله ، و انه مجزي عليهما ، ان لم يكن ذلك في الدنيا ففي الآخرة . مما يدفعه لتحمل المسؤولية و العمل الدؤوب .

[11] [ و يدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير ]

الخطأ الكبير الذي يرتكبه الانسان دائما هو أنه يحسب الشر خيرا ، و السؤال : أو ليس له عقل يميز بين الخير و الشر ؟ بلى له عقل و لكنه عادة ما يكون محجوبا بأهوائهو مصالحه التي يستعجل بها ، فيقدم على الكبائر من الذنوب ظنا منه بأنها خير بمجرد انها توفر له بعض اللذات الآنية ، و لا يثور على السلطان الجائر خشية فقدان بعض المصالح العاجلة .

[ و كان الإنسان عجولا ]

و هذه الطبيعة هي التي تجعل الانسان يتوهم بان عصفورة في الحاضر خير من عشرة في المستقبل ، فيتقرب الى الدنيا لانها عاجلة و ان كانت شرا ، غافلا عن ان ( رب اكلة منعت اكلات ) بينما يتنازل عن الآخرة و يحيد عن طريقها .

و قوله تعالى : " و كان الانسان عجولا " تعليل لقوله " و يدع الانسان بالشر دعاءه بالخير " ذلك لان الخير بحاجة الى صبر . و المسؤولية لا تنمو في قلب عجول ، و انما في قلب مطمئن صبور ، و لعل الآية الكريمة تذكر ايضا بان تأخر الجزاء عنوقت العمل قد يغري الانسان الغافل بارتكاب الجرائم لان الانسان كان عجولا .

و العجلة من ذات الانسان ، حيث انها نابعة من الجهل بالمستقبل ، و الاحتجاب عن غيب الزمن ، بينما الصبر وليد العقل ، و العلم بالنتائج المستقبلية ، و معلوم ان ذات الانسان جهل ، و العلم من الله ، و هكذا تكون الآية منتظمة الى سياق الآيات التي تذكرنا بالمسؤولية .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس