فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


المسؤولية الاجتماعية للانسان المؤمن
هدى من الآيات

تحدد الآيات الكريمة هذه عدة جوانب من المسؤولية الاجتماعية للانسان ، و كمثل تنفيذي لفكرة المسؤولية ذلك ان القرآن الحكيم لا يحدثنا عن قضية في جانبها النظري ، الا و تطرق الى جانبها العملي ايضا ، فلا يدع النظريات بلا برامج عملية ، كما لا يترك المناهجالعملية من دون جذور نظرية .

و لمسؤولية الانسان في الحياة الدنيا علاقة بالمناهج التي جاءت بها الآيات ، و لذلك قال بعض المفسرين بان سورة ( كذا ) قد خصصت للبرامج العملية و قال بعضهم : بانها تبحث القضايـــا النظرية . و كلاهما صادق في تفسيره لأن السورة تحدثنا عن الواقع كواقع ، سواءا كان نظريا أم عمليا .

فمثلا الآيات (22) و (39) تبحث في التعاليم الاجتماعية و البرامج العملية ، و لكنها تبدأ بقوله : ( لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا ) - (22) - و تختم البحث الآية (39) بقوله : ( و لا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا ) .



و السؤال : لماذا تبدا هذه الآيات و تنتهي بموضوع واحد هو النهي عن الشرك بالله سبحانه و تعالى ؟

ان الشرك بالله يشكل جذر كل مشكلة ، اجتماعية كانت او نفسية ، فالشرك وجهها النظري بينما وجهها العملي فهو الكذب و الغدر و الخيانة ، و عدم الوفاء ، و غير ذلك . و كذلك الايمان بالله و توحيده من جهة ، و الصلاة و الصوم و الحج و غيرها من مظاهر التعبد لله من جهة اخرى يعتبران وجهين لقضية واحدة .

و هناك أمـر لا بأس بالاشارة اليه و هو ان الله سبحانه و تعالى في سورة النحل ( الآية 90) يقول : ( ان الله يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون ) و في الآيات التالية من سورة الاسراء يؤكد هــذهالمعانـي . اذ ان العدل هو : ان تتحرك في الصراط المستقيم فلا تفرط و لا تفرط ، و ان تفي بحقوق الآخرين ، اما الاحسان فهو : ان تحسن الى غيرك في المعاملة ، و الاحسان اسمى درجة من اداء الحقوق ، و البغي هو : القتل ، و الفحشاء هو : الزنا ، و المنكر هو : الكــــذب ، و هكذا بقية المعاني ، و من اراد التأكيد في مدى تطابق هذه الآيات مع تلك . عليه ان يراجع تفسيرنا لسورة النحل ، و هناك ملاحظة : " ان العدل هو اعطاء كامل الحقوق ، و اما الاحسان فهو اعطاء الزيادة " .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس