فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
كيف تنظر الى الناس ؟
[54] بعض الناس يحكمون على الآخرين احكاما قاسية دون ان يعرفوا واقع انفهسم ، و هل رضي الله عنهم أم لا ، فاذا بهم يكفرون الناس و يفسقونهم و يحصون عيوبهم و الحديث الشريف يقول :
" رحم الله عبدا شغلته عيوب نفسه عن عيوب الناس " .
و الانسان الذي يدعو الى الله ، و يحمل رسالته الى الآخرين ، هو اقرب الناس الى هذه الزلة الشيطانية التي ينفذ من خلالها الى قلبه يدعوه لتكفير الآخرين و اسقاطهم من قائمة المؤمنين .
و يعالج القرآن هذه المشكلة بقوله : لا تحكموا على الناس بالباطل لانكم قد تحكمون على أحد بالانحراف ثم يتوب فيتوب الله عليه ، بينما يبقى الذي حكم بينهم بذلك رهين خطأه الذي قد لا يستغفر منه ، فلا يتوب الله عليه ، و ربما يستغفر و لكن الله لا يتوب عليهلان ذلك الشخص لم يغفر له ، و هذا هو الذنب الذي لا يترك في الآخرة .
جاء في الحديث : " الا و ان الظلم ثلاثة : فظلم لا يغفر ، و ظلم لا يترك ، و ظلم مغفور ، فاما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله تعالى ، قال تعالى : " ان الله لا يغفر ان يشرك به " ، و اما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات ( اي الذنوب الصغيرة ) ، و اما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا القصاص هناك شديد ( اي في الآخرة ) ليس هو جرحا بالمدى و لا ضربا بالسياط ، و لكنه ما يستصغر ذلك معه " .
أذن قد يدخل الجنة ذلك الانسان الذي نعتقد بانه منحرف فاسق ، بينما ندخل نحن النار . قال الله سبحانه و تعالى : يصف اهل النار : " وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار اتخذناهم سخريا ام زاغت عنهم الابصار * ان ذلك لحق تخاصم اهل النار " إذا فلا تحكمـــوا على الناس احكاما ارتجالية بل ليكن مقياسنا في الحكم عليهم بمدى التزامهم بالقيــم .
إذن لا تغتــر بحسناتك ، ولا تعب على الناس سيئاتهم ، ولا تعتبر نفسك افضل من الناس . و لعل الشخص يعيب على أخيه فعلا و هو يرتكب ما هو أقبح منه ، بل قديكون ذلك الفرد معذورا في تصرفه دونه ، فلعل ضغوطا تربوية أو اقتصادية أو اجتماعية تكره الفرد على اقتراف ذلك الفعل القبيح ، بينما الذي يعيبه يرتكب ذات الفعل بلا ضغوط فيغفر الله لصاحبه ولا يغفر له .
|