فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
أمامة القرآن هداية و فلاح
[71] [ يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ]
في ذلك اليوم يدعو الله سبحانه كل امة بامامها ، و الامام يعكس قيم امته ، و هو تجسيد لكل فــــرد في الامة ، و هكذا يجب ان تنبع القيادة من صميم الامة ، و تعيش واقعها ، و كل قيادة لا تنبع من صميم الامة فانها لا تملك مبرر البقاء لانها تتنافر طبيعيا معكل فرد في هذه الامة . و الامام هو القرآن الموحى به ، و هو الذي يجسد القرآن و يكون قرآنا ناطقا فالفكرة الرسالية هي القائدة و انما يمثلها ذلك الامام الناطق بها ، و يجب على الانسان ان يتبع الفكرة قبل ان يتبع الشخص ، و ان يعرف خط القائد قبل شخصه ، فاذا اردت اتباع قيادة فلابد ان تعرف خطها اولا .
جاء في الحديث عن القرآن :
" من جعله امامه قاده الى الجنة ، و من جعله خلفه ساقه الى النار " .
و كيف يمكن ان تجعل القرآن امامك ، من دون ان تختار قيادته حسب موازينه .
[ فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرأون كتابهم و لا يظلمون فتيلا ]هؤلاء الذين اتبعوا القرآن يدعون بالقرآن ، و بذلك الامام الذي اتبعوه باسم القرآن و صاروا قرآنيين : أما و انهم صاروا قرآنيين ، فان الله يعطيهم حقهم غير منقوص ، دون ان يظلمهم فتيلا ، و الفتيل هو الخيط الدقيق في شق نواة التمرة ، و لعل نهاية الآية تدلعلى ان الوهم الذي يبثه الشيطان في روح اتباعه بأن عمل الخير لا جزاء له باطل .
و ليس معنى هذه الآية ان الله يظلم من لا يؤتى كتابه بيمينه ، بل الله عادل ولو يؤاخذ الناس بعدله لما نجى احد من البشر ، و لكن الله سبحانه لا يتعامل مع الناس الا بفضله ، و قـــد ورد في الدعاء : " الهي عاملنا بفضلك ، و لا تؤاخذنا بعدلك ، فانه لا طاقة لنا بعدلك ، و لا نجاة لنا دون فضلك " و الله سبحانه لا يظلم الناس ، و لكن الناس أنفسهم يظلمون ، فاذا عاقبهم الله في الآخرة فانما يعاملهم لقاء ظلمهم لانفسهم .
[72] [ و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا ]غيــر اللــه سبحانه مسار الحديث ، فبدل ان يقول مثلا : " و من اوتي كتابه بشماله .. " قال : " و من كان في هذه أعمى .. " و لو انه قال مثل ذلك لما وضحت صفتهم الرئيسية ، و على كل حال فان هناك صفة مميزة جعلت بعض الناس اصحاب يمين و البعض الآخر اصحاب شمال ، و ان ذكر هذه الصفة في احدهما يعني وجود عكسها في الآخر ، فصفة اصحاب الشمال العمى ، فاذا تكون صفة اصحاب اليمين الابصار ، و لعل العمى في القرآن يرادف اللاوعي .
ان الوعي فــي الحياة الدنيا هو ضمان السلامة في الآخرة ، لان الواعي لا يعمل إلا وفق تقدير و حكمة ، فلذلك تقل نسبة اخطائه و معاصيه ، و من لا يمتلك وعيا في الحياة الدنيا يحجزه عن المعاصي فهو في الآخرة اعمى عن النظر الى رحمة الله ، و كلمة " أضل " اسم تفضيل على وزن افعل اي أشد ضلالا .
ان الله وفر الفرصة للانسان للهداية ، فان هو لم يتقبلها ، و كفر بالله ، و تغافل عن دواعي الهداية في نفسه ، فانه لن يكون اقل عميا في الآخرة عما هو عليه في الدنيا ، بل هو اضل سبيلا ، ذلك لان " الجزاء من جنس العمل " فمن أطفأ شعلةالهداية في نفسه ، و لم يهتد الى الصراط المستقيم ، هكذا تكون عاقبته ، و هكذا ينبغي ان يسعى البشر نحو الهداية في الدنيا حتى لا يحشر أعمى ، و يبدو من الآية ان الشيطان يسعى من أجل حجب بصيرة البشر ، و ذلك بتضليله الذي عبرت عنه الآيات السابقة بـ " و استفزز من استطعت منهم بصوتك " و على الانسان ان يتحداه و لا يخضع لغروره ، و ان يسعى نحو اسباب الهداية ، و يتجاوز العقبات التي وضعها ابليس في طريقه . ذلك لانه مسؤول عن ابقاء بصره سليما . و لا يجوز له ان يسمح لاحد ان يجعله اعمى .
|