فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
حوار العاجزين
[90] [ و قالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ]
يبدأ المعارضون في طرح افكارهم التبريرية ، و شروطهم التعجيزية في محاولة يائسة للتنصل من مسؤوليات الايمان بالرسالة ، فبدل أن يسألوا عن تطلعات الرسالة ، و برامجها في الحياة يطلبون من الرسول ان يفجر لهم ينبوعا من الماء ، و ما قيمة الينبوع امام منهج الحياة ، و تنظيم السلوك و المجتمع ؟!
[91] [ أو تكون لك جنة من نخيل و عنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ]و هنا تتجلى بوضوح مادية النمط التفكيري للكفار ، فهم يطالبون بالماء و النخيل و الجنات و الانهار لتكون شواهد على صدق الرسالة ، و لكن السؤال الذي يطرح على امثال هؤلاء هو : ماذا يعني تفجر الينابيع بالنسبة للرسالة ؟ و ما علاقة مبدأ الرسالة و احقيتها بهذه المطالب المادية ؟ و هل تصلح هذه لكي تكون شواهد صدق على عصمة الرسالة و عظمتها ؟
[92] [ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي باللهو الملائكة قبيلا ]
و يستمر السفه الفكري ، و الخواء الثقافي النابع من المنطلقات المادية للمجتمعات الكافرة ، فهم تارة يطلبون ينابيع الماء ، و في اخرى يطالبون بالجنات و الانهار ، و يبلغ بهم السفه حدا يطالبون بحضور الله و ملائكته عندهم ليتأكدوا صدق الرسالة (!!) انهم قوملا يؤمنون الا بالمحسوس ، و أما غير ذلك فهم به كافرون ، و القرآن يدعوهم لإثارة عقولهم ، و التخلي عن هذه المنطلقات السخيفة في تقييم الافكار و ابعاد الحياة .
[93] [ أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء و لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ]و من مقومات الرسالة و الرسول عند امثال هؤلاء : امتلاك الوسائل المعيشية كالبيت الجميل ، و المكانة الاجتماعية الرفيعة ، و الكلمة النافذة ، وان يكون فوق البشر انطلاقا من نظرتهم المادية القاصرة ، و هم يطلبون صعود الرسول للسماء ، و أخذ رسالة من الله مكتوبة في ورقة .
ان كل رسالة ان لم تكن مختومة بختم الواقع ، و مدموغة بدمغة الحق الالهي هي باطلة بلا جدال ، و هذا هو المعيار الحق لتقييم الرسالات و ليست تلك المنطلقات الهزيلة .
[ قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ]
ان مشكلة الناس هي وقوفهم عند نقطة بشرية الرسول ، و اختلاط المقدمات بالنتائج في شكل غير صحيح في تقييمهم للرسالة مما يؤدي الى نشوء معايير و مقاييس غير سليمة ، فمصدر الرسالة هو الله و اليه المرجع و المصير ، و ما الرسول الا بشير و نذير ،يبلغ رسالات الله ، و أمره و نواهيه ، قم تم اختياره من البشر ، و من مجتمعه بالذات لاعتبارات ذاتية واقعية ، و اخرى نفسية ، و اجتماعية و غيرها مما لا يلم به الا علم الله الواسع .
|