فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
من أهم الموانع التي تصد طائفة كبيرة من الناس عن الايمان بالرسالات شبهة عميقة الجذور تقول : لماذا الرسل بشر ، و لعلها تعود الى احساسين شاذين :

أ - استصغار الانسان نفسه مقارنة مع ما في عالم الطبيعة من عجائب خلق الله ، ولذلك يزعم ان الله سبحانه و تعالى أعظم من ان يتصل بالانسان بصورة مباشرة أو يبعث من البشر رسولا !

ب - عدم معرفة الوسيلة التي يتم عبرها اتصال الله باهل الارض ، فهل ينزل من السماء ملك الى الارض ؟ من هو اذن ؟ و كيف يكون ؟

و قبل كل شيء لابد ان نعرف :

ان التعجب نوع من الجهل و انه سيكون حجابا بين المرء و الحقيقة ، و ان الكثير من النـــاس يكذبون بالحقائق لاستغرابهم منها ، و عدم احاطة علمهم بابعادها ، كما يقول ربنا " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه " كذلك يؤكد ربنا بان سنة الله قضت بان يرسلالرسل من نفس جنس المرسل اليهم ، و لو كان سكان الارض ملائكة إذالبعث منهم رسولا اليهم .

[94] [ و ما منـــع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رســولا ]ان الحجـــاب الذي حجب الناس عن الايمان برسالات الله هو عدم تصديقهم بهذه الحقيقة : ان يبعث الله بشرا رسولا ، و كأن الرسالة مرتبة عالية لا يمكن ان يصل اليها بشر أو كأن اتصال الغيب بالشهود محال .

[95] [ قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ]لو كان سكان الارض ملائكة لبعثنا اليهم رسولا منهم و من جنسهم ، و هكذا فان الرسول ، اي رسول هو من نفس القوم الذي بعث اليهم قال ربنا سبحانه : " رسولا من انفسهم " " بعث في الاميين رسولا منهم " " و إلى عاد اخاهم هودا " " كذبت ثمود المرسلين اذ قال لهم اخوهم صالح الا تتقون " .

و هناك تفسير آخر لهذه الآية يقول : ان ربنا سبحانه و تعالى يذكر بان من طبيعة الانسان حاجته للتذكير ، لأن مادته ترابية تجذبه نحو الشهوات ، كما ان فيه ومضة روحية ترفعه نحو القيم لذلك فهو بحاجة الى عامل خارجي يقوي شعوره بالومضة الروحية حتى يعلو ، فكانت هذه حاجته الى الرسالة : و لو خلق الله الملائكة كما خلق الانسان من طبيعة ترابية تقوم بالفساد كما قالت الملائكة " اتجعل فيها من يفسد فيها " اذا لبعث الله اليهم رسولا ملكا منهم ، و هذا التفسير يتبناه العلامة الطباطبائي رحمة الله عليه ، و يستدل على ذلك بكلمة " يمشون مطمئنين " دلالة على جاذبية الارض للانسان التي تسبغ على حركته فوق الارض طمأنينة و توازنا و لولاها لصعد في الهواء ، أو لأضطرب في مشيه و حركته .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس