فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
ما على الرسول إلا البلاغ
[6] العاقل يتعجب ، كيف يترك اولئك البشر الطريق الصحيح و يتبعون طريقا
ملتويا ليهلكوا انفسهم .
و كلما قوي ايمان الانسان ، و ارتفعت درجة حبه للآخرين و احساسه تجاههم بالعطف و الحنــان ، كلمــا اشتــد حزنــه و غمــه على هذا الأنحراف ، لذلك تجد رسل الله ( صلوات الله عليهم ) حينما يواجهون هذا الإنحراف الكبير فإنهم يكادون أن يهلكوا انفسهم لإصلاحه، فيؤكد القرآن هنا انه لا ينبغي للرسول أو المصلح عموما ، أن يهلك نفسه في سبيل هداية الناس .
إن هذه حكمة من الله اذ خلق الناس ليمتحنهم ، و ما على الرسول الا ان يقوم بدور الإنذار و التبشير .
[ فلعلك باخع نفسك على ءاثرهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ]" زينة الأرض فتنة البشر "
[7] [ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ]
كل ذلك لهدف و حكمة .
[ لنبلوهم أيهم أحسن عملا ]
إنما جعلنا ذلك لكي نبلو الانسان و نختبره ، حتى يتبين الذين يعملون الصالحات من الذين يرتكبون السيئات .
[8] و لكن لا تغرك زينة الحياة فانها لا تدوم ، إنها أيام قليلة و سنوات معدودة و تنتهي .
[ و إنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ]
تصور مدينة جميلة تزخر بالحياة فيها اشجار و حدائق ، و شوارع و بيوت ، و رياش و امتعة ، و وسائل .. الخ ، و اذا بصاعقة قاصفة ، أو زلزال رهيب ، أو حرب مدمرة تحول تلك المدينة الجميلة الى صعيد املس و ارض جرداء ، ففي فترة قليلة لا تتعدى (1/16) من الثانية الواحدة تحولت مدينة ( هيروشيما ) ثم مدينة ( نجازاكي ) بما فيهما من المصانع و العمارات و المنشآت ، الى ما يشبه الرماد .
على الانسان ان يعتبر ، يمكن ان ينجذب الى زينة الحياة ، و لكن ليس ذلك الأنجذاب المطلق ، الذي يفقد معه قيمه و طريقه انما ينجذب الى الحياة في حدود حاجته اليها ، و في نطاق احتفاظه بقدرته و سيطرته على نفسه و على الحياة ، فيصبح هو مالك الحياة لا مملوكــا لمتاعها ، و لا ننسى ذلك الحديث الكريم المروي عن الامام علي (ع) الذي يقول فيــه :
" ليس الزهد ألا تملك شيئا ، و انما الزهد ألا يملكك شيء " .
|