فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
و ليتلطف و لا يشعرن بكم احدا
هدى من الآيات
و هذه المجموعة من الآيات الكريمة تبين لنا جانبا من قصة اصحاب الكهف ، التي تشهد على هذه الحقيقة أن الانسان قادر على أن يقلع من أرض الشهوات و الضغوط ، و يحلق في سماء القيم بقوة ارادته و بنصرة الله سبحانه و تعالى .
ان لطف الله بالانسان لطف دائم و قديم و شامل ، و لكنه بحاجة الى تحرك من قبل الانسان نفسه ، فلو تحرك الانسان الى ربه خطوة فسوف يتقدم اليه ربه فراسخ و اميالا .
ان فتية الكهف حينما تركوا قومهم ، و التجأوا الى الكهف طلبا لرحمة الله سبحانه و تعالى ، فان الله وسع عليهم الكهف ، و ابعد عنهم الشمس حتى لا تحرقهم اشعتها ، فكانت تشرق عن يمين كهفهم و تغرب عن شماله ، بحيث تمنحهم الأشعة اللازمة للحياة دون أن تؤذيهم .
و من ناحية أخرى فقد جعل الله نومهم بحيث ، كانوا يتقلبون بسبب خفة نومهم ، و هذا بدوره من رحمة الله سبحانه و تعالى ، لأن بقاءهم على حالة واحدة كان سيضر بأجسامهم كما أنه يخرق ثيابهم .
أما كلبهم فقد كان يربض أمام باب كهفهم باسطا ذراعيه ، كما يفعل عادة عندما يجلس للمراقبة ، والذي يمر عليهم يحسب أن هؤلاء مجموعة من الناس ، جاؤوا الى هذا المكان للقيلولة ، ثم الذهاب الى عملهم ، لأن نومهم خفيف ، و الكلب موجود ، و هم يتقلبون ذات اليمينو ذات الشمال بالرغم من استيلاء النوم عليهم .
فقد حماهم الله سبحانه و تعالى من الأعداء بسبب الرعب ، فالحيوانات كانت تخاف من الكلب ، أما الناس فكانوا يرتعبون لأنهم اذا اطلعوا على هذا الكهف وقد نام فيه هؤلاء ، يرون و كأن ابطالا يربضون فيه فيولون عنهم فرارا ، و يمتلؤون منهم رعبا .
لقد أبقاهم الله اجيالا و قرونا على هذه الحالة ، حتى تشابهت حالتهم مع حالة الموتى ، لأن الله لما أيقظهم عبر عن ذلك بالبعث .
جلس هؤلاء من النوم ، و بعد أن انهوا تساؤلهم عن مدة نومهم ، و حيث بلغ اقصى تقدير لهم أنهم ناموا يوما أو بعض يوم شعروا بالجوع ، و كان أحدهم يملك نقودا و كانت عبارة عن سكة فضية دفعها الى وزير الملك ، فتنكر بأن لبس ملابس الراعي و أخذ تلك النقود ، و ذهب الى المدينة ليجد أمامه المفاجأة ، فقد لاحظ أن المدينة تغيرت و أن الأوضاع تبدلت .
كما ان النقود التي كان يحملها كشفت حقيقته و حقيقة جماعته ، لأن حاشية الملك و أعوانه لما افتقدوا هؤلاء كان بعضهم وزراء واداريين كبار ، بحثوا عنهم في كل مكان فلم يجدوهم ، فنشر ذلك الخبر كحادثة مهمة و كتب ذلك في تاريخهم ،و كانت الأجيال تحفظ هذه القصة الغريبة و تتناقلها ، الى أن جاء هذا الوزير متنكرا بلباس الراعي ، و معه تلك النقود المنقوش عليها صورة الملك في ذلك العصر ، فعرف الناس أنهم هم الذين يذكرهم التاريخ المدون لديهم .
|