فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بورقكم : هو السكة الفضية .
[ فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه ]

ان الانسان المؤمن يبحث عن ازكى الطعام ، زكاة مادية و معنوية ، فلا يبحث عن طعام يضره ، كما لا يبحث عن طعام حرام ، بل يراعي النواحي الصحية و الشرعية .

ثم يشير القرآن الى مسألة عدم الإسراف في الأكل ، فلا ينبغي أن يأكل الانسان بقدر ميزانيته بل بقدر حاجته فقط ، لذلك قالوا : " فليأتكم برزق منه " .

أي بمقدار ما تأكلونه و ليس اكثر من ذلك .

[ و ليتلطف ]

اي ليكن تصرف الذي يذهب ليبحث عن الطعام و يشتريه مهذبا ، و حركاته لطيفة فقد يشتري الانسان طعاما بقدر حاجته ، و لكن بعد العراك و الخشونة مع الناس ، و لكن القرآن ينهى ايحائيا عن ذلك فيقول : " و ليتلطف " و هذا من آدابالمعاملة .

[ و لا يشعرن بكم احدا ]

و ذلك حتى لا يحس الأعداء بهم ، و هذا يفيد بأن الذي يعمل عملا سريا عليه ان يتكتم على عمله ، و ان يعمل بطريقة ذكية بحيث لا يشعر أحدا بأن عنده عملا سري ، و لا يكفي أن يكتم عنهم نوع عمله فحسب ، بل حتى يكتم شخصه ، و ذلك حتى لا يدفعه فضوله الى البحث و اكتشاف اسرار ذلك العمل ، و هذا منتهى السرية و الكتمان المطلوب في العمل الثوري الناجح .

[20] [ إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم و لن تفلحوا إذا أبدا ]اما يقتلونكم رجما و هو من اشد انواع القتل و اما يضغطون عليكم فيسببون ارتدادكم عن ايمانكم و في ذلك ابتعادكم النهائي عن الفلاح و السعادة ، و هذا يعني ان على الانسان الا يعرض نفسه وبمحض ارادته لتلك الضغوط التي يخشى على نفسه منها ، و لا يقول احد انا لا يهمني السجن او التعذيب لأني رجل صامد ، فربما تكون الآن صامدا ، و لكن غدا اذا صب عليك العذاب صبا في سجون الطواغيت فقد تفقد ذلك الصمود و تنهار ، و بانهيارك ينهار دينك ، لذلك فأن اصحاب الكهف اتبعوا شروط التقية و السرية من اجل الا تتسبب ضغوط الأعداء عليهم في عودتهم عن دينهم الى دين الملك آنذاك ، و بالتالي يحرمون من الفلاح و السعادة . و الواقع انهم كانوا - لفترة طويلة - يعبدون الله في السر . و اعطاهم الله افضل الجزاء على ذلك جاء في الحديث الشريف المأثور عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) : "إن اصحاب الكهف اسروا الأيمان و اظهروا الكفر ، و كانوا على جهار الكفر اعظم اجرا منهم على الأسرار بالايمان " (1) .


(1) نور الثقلين / ج 3 - ص 244


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس