فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


من صفات القائد
[ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ]

هذا التجمع بحاجة الى قيادة ، فمن هو القائد ؟ و ما هي صفاته ؟

القرآن يقول : ان اهم صفة للقائد هي الروح الايمانية المتصلة بذكر الله ، فلاتطع ذلك القائد الذي لا يتبع مناهج الله ، و قلبه فارغ من التقوى ، بالرغم من ان اعماله قد تكون في طريق التقوى ، كأن يصلي و يصوم أو يبني مسجدا وما شابه ، الا ان قلبه فارغ من ذكر الله . كلا اذ كل يعمل على شاكلته ، ( أي على نيته ) و نية الانسان هي التي تصبغ حياته ، و هدف الانسان هو الذي يحدد مسيرته ، فكثيرون يبنون المساجد و المدارس و ينفذون المشاريع الخيرية .. الخ ، و لكن بعد أن يصلوا الى دفة الحكم يتخذون مال الله دولا و عباده خولا !!

فهل يجوز أن نتبع مثل هؤلاء ؟

القرآن يقول : كلا .. و يعطينا مقياسا نميز به من يصح اتباعهم ، و ذلك المقياس هو القلب ، فان وجدت قلب انسان مضاء بذكر الله فلك ان تتبعه ، و الا فلا يغرك مظهره .

[ و اتبع هواه و كان أمره فرطا ]

اذا اردت ان تعـرف هذا الانسان يتبع هواه ، او يتبع الرسالة ، فأنظر الى تصرفاته ، فالذي يتبع الرسالة تكون تصرفاته و سلوكياته ثابتة مستقيمة ، و تستوحي هداها من برامج الله القويمة . اما تصرفات ذلك الذي يتبع هواه فهي تتغير حسب الهوى ، و يكون أمره فرطااي غير منظم ، و هذا هو السور الثاني . و الخط الثاني للدفاع ضد غرور الشهوات .

و أما السور الثالث فهو :

[29] [ و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ]حينما تقرأ القرآن و تستلهم منه ، و تنتمي الى التجمع الرسالي ، آنئذ تحد المستكبرين و ادخل معهم في المواجهة و الصراع ، و لكن كيف يمكن تطبيق هذه الآيةو الدنيا تمتلئ بالقوى الجاهلية ؟

الله يقول :

[ إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها ]

سرادق النار في جهنم أشبه بالمعتقلات التي تحيط بها اسوارا عديدة ، بحيث يستحيل على المعتقلين ان يتخطوها و يفلتوا منها ، و دركات جهنم محيطة بأهلها و مغلقة عليهم ، فأين المفر ؟؟

[ وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ]

ان اهم شيء يحتاجه الانسان الملتهب بالنار هو الماء ، و لكنه عندما يطلب الماء فأنه يؤتي به شديد السخونة كالرصاص المذاب يشوي الوجوه .

و الانسان حينما يشرب شيئا ساخنا يحترق فمه و جوفه ، و لكن المهل لشدة حرارته فإنه يشوي جلد وجه الانسان قبل ان يشرع في شربه ، فماذا يمكن ان يحصل للبطن و الأمعاء عندما يستقر بها ذلك السائل الحارق ؟

[ بئس الشراب و ساءت مرتفقا ]

ليست جيــــدة تلــــك الضيافــة التي يضيف الله بها عباده الظالمين ، في نار جهنم التي " ساءت مرتفقا " ، و لكن الله ذكرهم فأرسل اليهم الرسل مبشرين و منذرين ، و انزل القرآن فلم يستمعوا له ولم ينصاعوا للحق ، و اختاروا لأنفسهم هذا المصير الأسود .

[30] [ إن الذين ءامنوا و عملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ]و في المقابل لا يضيع الله اجر المحسنين ، و انظروا الى التعبير القرآني حيث يقول : " انا لا نضيع اجر من احسن عملا " و لم يقل انا لا نضيع اجرهم و لعل معناه ان الأجر لا يضيع أنى كان و من أي انسان كان ، فالعمل الصالح اذا كان منك ايها المؤمن فإنالله لا يضيعه ، فأما ان يعطيك جزاءه في الدنيا و اما في الآخرة ، و كذلك اذا كان من الكافر . فسوف لا يضيعه الله ايضا ، فأما يعطيه جزاءه في الدنيا أو يخفف عذابه في الآخرة .

و لقد قلنا سابقا : ان العمل الصالح تسبقه النية الصالحة ، حيث ان النية الصالحة هي التي تعطي للعمل صبغة الصلاح ، و بدونها يفقد العمل هذه الصبغة مهما كان ظاهره سليما و صالحا .

[31] [ أولئك لهم جنات عدن ]

اي جنات باقية دائمة بعكس الدنيا التي تزول .

[ تجري من تحتهم الأنهار ]

بعكس ذلك الشراب الذي يشوي الوجوه .

[ يحلون فيها من أساور من ذهب ]

تماما بعكس تلك الضيافة السيئة .

[ و يلبسون ثيابا خضرا من سندس و إستبرق ]

السندس و الإستبرق أنواع من الأقمشة الحريرية الفاخرة .

[ متكئين فيها على الأرائك ]


اي هم في راحة و هدوء لا يجدون ما يجده الانسان في الحياة من تعب و نصب ، و لا يحملون هموم العمل والإسترزاق .

[ نعم الثواب و حسنت مرتفقا ]

جاء في حديث عن الامام علي (ع) يذكر فيه بدعائم الأيمان يقول : " من تذكر الجنة سلى عن الشهوات " . فإذا رأيت قصرا لظالم بناه بهدم بيوت الآخرين ، فلا تسمح للشيطان ان يدفعك الى انت تظلم الناس و تبني قصرا مثله ، و لكن قل انشاء الله جعل لي قصرا في الجنة أفضل منه .

و اذا حدثتك النفس الأمارة باللجوء الى الكسل ، و الراحة ، و ترك الأعمال و الواجبات المطلوبة منك ، فتحامل على نفسك و قل : انشاء الله ارتاح على آرائك وثيرة في الجنة .

و اذا لمست رغبة عندك في أن تتمحور حول أصحاب الجاه و الثروة ، فأسبق الزمن بمخيلتـك ، و انظر الى نفسك و أنت في الجنة بجوار الأنبياء و الأئمة و المؤمنين الصالحين ، الذين هم امراء الآخرة و ملوكها و وجهاؤها ، و بين الانسان و الجنة خطوة واحدة لا أكثر وهي الموت ، و بين غمضة عين و انتباهتها تجد نفسك انتقلت من الدنيا الى الآخرة . اذن ليفكر الانسان بالحياة الآخروية القادمة ، و يتسلى عن الشهوات ، و بمجرد ان يفكر الانسان بالموت و القبر و الحساب ، فإن نفسه تنصرف تلقائيا عن الشهــوات ، قال رسول الله (ص) :
" اذكروا هادم اللذات " أي الموت ، فلنكن معا من الذاكرين .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس