فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
آثار الظلم
[57] [ و من أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ]
فآيات الله واضحة و منتشرة في كل مكان ، الا ان الانسان بحاجة الى من يذكرهبها ، و لكن عندما يذكر و تتلى عليه الآيات فيتركها ، و لا يهتدي بها ، فانه يكون اظلم الظالمين .
[ و نسي ما قدمت يداه ]
لقد نسي حقيقة رئيسية و هي : أنه انسان غير عالم و لا فاضل ، بل هو جاهل و متورط في الجرائم ، انسان ظلم نفسه بارتكاب الخطايا و الذنوب ، فوقفت حاجزا بينه و بين الهداية ، لذلك ينبغي عليه أن يتسلح بالارادة و العزم ، و ان يتجاوز هذا الحاجز بدل أن يغفل وينسي ما قدمت يداه .
من هنا نعلم بأن الوصول الى الهداية بحاجة الى تجاوز الصعوبات ، و حسب التعبير القرآني إننا بحاجة الى ( اقتحام العقبة ) و من لا يقتحم العقبة ، و يتسلح بالعزيمة الكافية لتجاوز الحواجز ، فلن يهتدي ابدا .
[ إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ]
هناك حجب موجودة على قلوب هؤلاء ، فما هي تلك الحجب ؟
انها الذنوب و المعاصي التي يرتكبونها ، و يصرون عليها ، فتتراكم على قلوبهم بصورة حجب سميكة ، تحول دون نفوذ الحقائق اليها . فيجعل الله على قلوبهم أكنة .
[ و في اذانهم وقرا ]
أي انا جعلنا أذانهم تشكو من صعوبة السمع ، و الوقر هو : الشيء الثقيل ، و الانسان عندما لا تسمع أذنه يحس و كأن ثقلا قد وضع فيها .
[ و أن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ]
ما دامت الأكنة موجودة على قلوبهم ، و الوقر في آذانهم ، و ما داموا قد نسواماضيهم الحافل بالجرائم و الذنوب ، فلم يحاولوا أن يستعرضوا و يتأملوا خطورتها ، و لم يتسلحوا بالارادة الكافية لمقاومتها ، فمن المستحيل عليهم أن يجدوا طريقهم الى الهداية .
و اذا كانت الضلالة ظلما ، فلماذا لا يعجل الله عليها العقاب ؟
يقول القرآن : تلك رحمة من الله ، و فرصة ثمينة لمحاولة الرجوع الى الهداية ، فلا يغتر الانسان بهذه الفرصة فانها قصيرة و محدودة .
[58] [ و ربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ]ليس باستطاعتهم أن يجدوا مهربا يؤولون اليه ، كما يحدث عادة على مستوى البشر حينما تريد السلطات أن تلقي القبض على شخص فان هذا الشخص يأخذ بالتفتيش عن مكان يختفي فيه ، أو عن شخص له نفوذ لكي يتوسط له عند السلطة ، اما عند الله فلا يوجد شيء من ذلك أبدا ،فسلطته واسعة قوية قادرة ، و لا مهرب منها ابدا .
و الموئل هو : المكان أو الزمان الذي يحجب العقاب عن الانسان .
[59] [ و تلك القرى أهلكناهم لما ظلموا و جعلنا لمهلكهم موعدا ]و هلاكهم كان له موعد محدد ، و لما جاء ذلك الموعد انتهت الفرصة الممنوحة لهم ، و لم يكن باستطاعتهم أن يكتسبوا لحظة اضافية .
|